وزارة الخارجية الفلسطينية تصدر ورقة موقف حول الوضع القانوني للاراضي الفلسطينية التي سيتم الانسحاب منها
نشر بتاريخ: 08/08/2005 ( آخر تحديث: 08/08/2005 الساعة: 15:17 )
رام الله - معاً - أصدرت وزارة الخارجية الفلسطينية اليوم الاثنين ورقة موقف حول الوضع القانوني للارضي الفلسطينية التي سيتم الانسحاب الاسرائيلي منها بموجب خطة فك الارتباط الاسرائيلية من قطاع غزة واجزاء من شمالي الضفة الغربية .
وتتناول الورقة التي وصلت نسخة منها الى وكالة معا والتي اعدها فريق الوزارة المكلف بمتابعة ملف الانسحاب واقرها وزير الشؤون الخارجية د . ناصر القدوة استناداً لمبادىء القانون الدولي عدة محاور رئيسية فيما يتعلق بالوضع القانوني للاراضيي التي ستخليها اسرائيل ومنها مباديء واحكام القانون الدولي بما في ذلك القانون الدولي الانساني والالتزامات السياسية والقانونية المترتبة على حكومة اسرائيل وفق اتفاقيات اوسلو والارداة الدولية مجسدة بخطة خارطة الطريق .
تنص "خطة فك الاراتباط" من قطاع غزة وأجزاء من شمال الضفة الغربية التي تنوي حكومة إسرائيل تنفيذها أنه حالما يتم تطبيقها بالكامل فسوف لن يكون هناك أساس للادعاء بأن القطاع أرض محتلة. ولم تخفِ إسرائيل رغبتها الشديدة بالإعلان عن إنهاء احتلالها لقطاع غزة. متجاهلة بذلك مبدأ الوحدة الجغرافية للقطاع غزة والضفة بما في ذلك القدس، ومحالة اعتبار قطاع غزة بعد تنفيذ الانسحاب وحدة جغرافية منفصلة عن الضفة الغربية للتنصل من الالتزامات القانونية التي يفرضها القانون الدولي الإنساني.
إن الزعم الإسرائيلي بخصوص إنهاء الاحتلال وتغيير المركز القانوني لقطاع غزة بعد تنفيذ الانسحاب يتعارض كليا مع :
أولاً: مبادئ وأحكام القانون الدولي بما في ذلك القانون الدولي الإنساني:
تبقى إسرائيل قوة احتلال وفق القانون الدولي حيث أن إسرائيل ستحافظ فعلياً على سيطرتها على المجالين الجوي والبحري وتحافظ على سيطرة جزئية على المعابر بما يقيد من حرية السكان المدنيين في الحركة. كما تعطي إسرائيل الحق لقواتها في الدخول لقطاع غزة متى رأت داع. إن سحب المستوطنين وإزلة المستوطنات ينتهي الجانب المتعلق باستعمار الأرض ويشكل انتهاكاً للقانون الدولي الانساني ولا ينتهي الوضع القانوني لاسرائيل باعتبارها قوة احتلال في قطاع غزة.
والقانون الدولي ولوائح لاهاي للعام 1907 يفسر حالة انهاء الاحتلال بأنها لا تتم باعلان السلطة المحتلة عدم السيطرة الفعالة على الأراضي إذا كانت لهذه السلطة القدرة على ممارسة هذه السيطرة. وكانت محكمة نورمبرغ قد أقرت بمسئولية ألمانيا كقوة احتلال عن بعض المناطق من اليونان ويوغسلافيا رغم أنها قد تنازلت عن السيطرة الفعلية على أراض محددة لقوات غير ألمانية و لم تسيطر على هذه المناطق. وأقرت المحكمة وقتها أن ألمانيا باقية حقيقة "السلطة المحتلة" في اليونان ويوغسلافيا عموما وفي الأراضي التي تنازلت عن السيطرة عليها بما أنه يمكنها الدخول مرة أخرى والسيطرة على هذه الأراضي متى شاءت. والقانون الدولي إذ ينفي إمكانية أن تعلن دولة الاحتلال انتهاء احتلالها للأرض إذا كان لديها المقدرة على التدخل فإن ذلك يشمل إسرائيل التي لا تمتلك المقدرة فقط بل أعلنت عن نيتها في التدخل.
وبحسب أن خطة الانسحاب من غزة هي خطة أحادية الجانب فإن خروج القوات الإسرائيلية لا يعني انتهاء الاحتلال حيث أن القانون الدولي لا يعطي دولة الاحتلال الحق في إعلان إنهاء احتلالها ما لم يترتب على ذلك الإنهاء ممارسة الشعب المحتل لحقه في تقرير مصيره. و هو بذلك يتناقض مع مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها الذي أكد عليه ميثاق الأمم المتحدة والعديد من التشريعات الدولية.
ثانياً: الالتزامات السياسية والقانونية المترتبة على حكومة إسرائيل وفق اتفاقيات أوسلو:
أكدت اتفاقيات أوسلو الانتقالية على نحو خاص أن الأراضي الفلسطينية ستبقى تحت الاحتلال الإسرائيلي إلى أن يتم التوصل لاتفاق سلام نهائي وتطبيقه بالكامل.
وكانت المادة (4) من اتفاقية إعلان المبادئ العام 1993 قد أشارت "يعتبر الطرفان الضفة الغربية وقطاع غزة وحدة جغرافية واحدة يجب المحافظة على وحدتها وسلامتها خلال الفترة الانتقالية".وأعادت اتفاقية القاهرة للعام 1994 التأكيد على الوحدة الجغرافية للأرض الفلسطينية في المادة 23 وتحديداً في الفقرتين 6 و7. وتشير الفقرة 7 تحديداً على اعتبار "قطاع غزة ومنطقة أريحا جزءاً لا يتجزأ من الضفة الغربية وقطاع غزة ولا يتغير وضعهما في فترة سريان هذا الاتفاق وليس لهذا الاتفاق ما يعتبر مغيراً لهذا الوضع". كما نصت اتفاقية واشنطن للعام 1995 على أنه "لن يبادر أو لن يتخذ أي طرف أي خطوة من شأنها تغيير وضع الضفة الغربية وقطاع غزة في انتظار ما تسفر عنه مفاوضات الوضع النهائي". وأشارت المادة (11) من نفس الاتفاقية إلى أن "الطرفيين يعتبران الضفة الغربية وقطاع غزة وحدة إقليمية يجري الحفاظ على سلامتها ووضعها خلال الفترة الانتقالية". كما نصت المادة (10) من مذكرة شرم الشيخ الموقعة في العام 1999 "إقرارا منهما بخلق أجواء ايجابية للمفاوضات سيمتنع الجانبان عن اتخاذ خطوات من شأنها تغيير وضع الضفة الغربية وقطاع غزة استناداً إلى الاتفاق الانتقالي".
وحيث أن الخطة الإسرائيلية أحادية الجانب لم يتم التفاوض والاتفاق حولها مع الجانب الفلسطيني وهي بنصوصها وتطبيقاتها تخل بمبدأ الوحدة الجغرافية بين قطاع غزة والضفة الغربية المتفق عليه، ولا يوجد في الخطة أي إشارة لربط وتواصل إقليمي بينهما فإنها تعتبر خرقاً للتعهدات والالتزامات المنصوص عليها في الاتفاقيات الموقعة مع حكومة إسرائيل.
ثالثاً: الإرادة الدولية مجسدة بخطة خارطة الطريق:
تشكل الخطة الإسرائيلية أحادية الجانب التفافاً على الإرادة والجهود الدولية الساعية لإيجاد حل عادل وشامل ونهائي للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. فهناك إجماع وتأكيد دولي على أن أي حل للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني لابد أن ينتهي بوجود دولتين وحل عادل لقضية اللاجئين وتسوية بشأن القدس والحدود والمياه. وكان الرئيس الأمريكي بوش قد عبر عن هذه الرغبة الدولية في رؤيته التي طرحها في العام 2001 والتي قال فيها انه يتطلع إلى وجود دولة فلسطينية قادرة على الحياة وذات تواصل. وكان المجتمع الدولي قد أعاد تأكيد هذا التصور في خطة خارطة الطريق التي جاء في ديباجتها "ستؤدي تسوية تم التفاوض بشأنها بين الطرفين، إلى انبثاق دولة فلسطينية مستقلة، ديمقراطية، قادرة على البقاء، تعيش جنباً إلى جنب بسلام وأمن مع إسرائيل وجيرانها الآخرين" وفي مكان آخر أشارت الخطة إلى أن مثل هذا الحل لابد أن يقود إلى إنهاء الاحتلال الذي بدأ في العام 1967 ويحقق رؤية دولتين: دولة إسرائيل ودولة ذات سيادة، مستقلة، ديمقراطية وقابلة للحياة هي فلسطين، تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن".
إن خطة الانسحاب الإسرائيلية أحادية الجانب تجعل من تحقيق الإرادة الدولية القاضية بوجود دولة فلسطينية أمراً أكثر تعقيداً ويصعب تحقيقه نتيجة للاعتبارات التي سبق توضيحها والمتعلقة بشكل خاص بمبدأ الوحدة الجغرافية والتواصل الإقليمي وإحترام الولاية الفلسطينية على الأرض الفلسطينية.
بناء على كل ما سبق فإن الانسحاب الإسرائيلي المزمع من قطاع غزة في حال تنفيذه لا يغير من المركز القانوني للأرض التي سيتم الانسحاب منها وستبقى إسرائيل سلطة محتلة تقع عليها المسؤولية القانونية والإنسانية التي تلزمها بها اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 وأنظمة لاهاي لعام 1907 وما يترتب على ذلك من التزامات تجاه الأرض والسكان بما لا يخل بالحقوق الفلسطينية خصوصاً الحق في تقرير المصير و إقامة دولة مستقلة ذات سيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة.