الإثنين: 18/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

فياض يشدّد على ضرورة التصدي المجتمعي لأية أعذار إزاء العنف ضد المرأة

نشر بتاريخ: 05/12/2012 ( آخر تحديث: 05/12/2012 الساعة: 16:45 )
رام الله- معا- أكد رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة برفع تمثيل فلسطين إلى مكانة دولة بصفة مُراقب، يكتسبُ أهميةً كبيرةً في رحلة شعبنا وكفاحه الطويل من أجل نيل حقوقه الوطنية، التي قدّم خلالها مئات آلاف الشهداء والجرحى والأسرى.

واضاف ان هذه الخطوة تأتي لتُذكر العالم مُجدداً بحقوق شعبنا المشروعة وغير القابلة للتصرف، ولكي تضع المجتمع الدوليّ أمام مسؤولياته الكاملة لوضع حد لمعاناة شعبنا الممتدة منذ ما يزيد عن ستة عقود، وتمكينه من ممارسة حقوقه الطبيعية التي أقرتها الشرعية الدولية، وفي مقدمتها حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المُستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها الأبدية القدس، على حدود عام 1967، والتوصل إلى حلٍ عادلٍ ومُشرف لقضية اللاجئين وفقاً للقرار 194، مُشيراً إلى أن هذه الخطوة تأتي أيضاً تعبيراً عن تمسك شعبنا وإصراره العنيد على نيل حقوقه الوطنية كافةً.

وقال: "شعبنا قدّم تنازلاً تاريخياً ومؤلماً في مبادرة السلام الفلسطينية عام 1988 عندما قبل بقيام دولته على 22% من أرض فلسطين التاريخية، وعلى العالم أن يدرك اليوم أنه لا مجال لمزيدٍ من التنازلات، وأن شعبنا سيظلُ صامداً على العهد الذي كافح الشهيد الراحل أبو عمار وقضى، مع قافلةٍ طويلة من الشهداء، من أجل تحقيقه، ليكون سلاماً عادلاً ودائماً وحقيقياً يضمن لشعبنا السيادة الكاملة على أرضه، ويمكنه من بناء مستقبله والعيش بحرية وكرامة في كنف دولته المُستقلة".

وشدّد فياض على أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بالموافقة على طلب فلسطين، الذي تقدم به الرئيس أبو مازن قبل أيام، يُشكلُ انتصاراً وخطوةً هامة نحو وضع حد لمعاناة شعبنا، وتحقيق انتصاره الذي سيكتملُ فقط عندما ينتصرُ العالم لحقوقنا، ويمكن شعبنا من تقرير مصيره، وبسط سيادته الكاملة على أرضه المُحتلة منذ عام 1967.

وأكد أن نجاح شعبنا وقيادته في انتزاع هذا القرار الهام، يُشكل حافزاً إضافياً ورافعةً أساسية لترسيخ وحدته وإنهاء فصل الانقسام المأساوي في تاريخ قضيتنا، وبما يستنهضُ طاقات شعبنا في مواجهة التحديات الصعبة التي يواجهها على الصعيدين السياسيّ والاقتصاديّ، وقال: "عهدنا لشعبنا أن نستمر معه في رفع راية الحرية والاستقلال الوطني حتى نجسد سيادتنا الوطنية الكاملة على أرض دولتنا المُستقلة بعاصمتها القدس، والتي قدّم شعبُنا وما زال يقدم جسام التضحيات من أجلها، لتكون دولةً عصريةً ديمقراطيةً وتقدميةً ترعى مصالح جميع أبنائها، وتكون بمستوى التضحيات التي قدمها، ولتوفرُ لهم الحياة الآمنة الكريمة، وتُرسخ قيم ومبادئ حقوق الإنسان وأسس المواطنة في العلاقة مع مواطنيها".وأكد أن هذا هو العهد الذي لن يتراجع عنه شعبُ الشهداء والتضحيات، لتكون فلسطين كما كانت دوماً مهد الديانات وتعايشها وانبعاث الحضارات وتطور الثقافات، ولتكون أيضاً عضواً فاعلاً في الأسرة الدولية وجميع محافلها، وعنصراً هاماً في ترسيخ السلم والاستقرار الدوليين.

جاء ذلك خلال الحديث الإذاعي الذي أفرده رئيس الوزراء حول فعاليات اليوم العالميّ لمناهضة العنف ضد المرأة، ومسؤوليات السلطة الوطنية في ترسيخ الأسس والمبادئ التي ستقوم عليها دولة فلسطين، وفي صدارة هذه المبادئ تحقيق المساواة بين جميع مواطنيها بما في ذلك بين الرجل والمرأة، وإنهاء كل مظاهر العنف الذي تتعرض له المرأة، وقال: " في الوقت الذي يشهدُ فيه العالم فعاليات الحملة الدولية لمناهضة العنف ضد المرأة، تنهض المرأةُ الفلسطينية من ركام وحطام العدوان الإسرائيليّ على قطاع غزة، لتنفض عنها آلام وويلات هذا العدوان، كما تواصلُ نساء شعبنا تحديهن للاستيطان وإرهاب المستوطنين"، وتابع: " فمن منا لا يذكر صورة الحاجة محفوظة اشتيه وهي تحتضن شجرة زيتونها لتحميّ جذعها من إرهاب المستوطنين الذين قطعوا غصونها تحت حماية جيش الاحتلال".

واعتبر فياض أن هذه المناسبة تكتسبُ أهميةً استثنائية في فلسطين، حيث يحمل العنف الذي تواجهه المرأةُ الفلسطينية طابعاً مزدوجاً يتمثلُ في عنف الاحتلال وقساوته ضد شعبنا بكل فئاته، وتتحملُ المرأة العبء الأكبر منه، وعنف المجتمع ومحاولات الإقصاء والتهميش والاضطهاد الذي تتعرضُ له. وقال: "إن الواقع الصعب والمُتفاقم الذي يُلقي بثقله ويُخيم على أبناء شعبنا، وخاصةً في قطاع غزة، يترك تحدياتٍ اقتصادية واجتماعية وآثاراً نفسية جسيمة تتحملُها المرأةُ الفلسطينية إلى جانب الأعباء والهموم اليومية الناجمة عن سياسات الاحتلال وممارساته القمعية".

وشدد رئيس الوزراء على أن ممارساتُ الاحتلال وسياستُه القمعية وحصارُه الظالم ضد شعبنا أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية وانتشار العديد من الظواهر الاجتماعية والنفسية السلبية، بفعل تفاقم معدلات الفقر والبطالة، الأمر الذي غذّى ولا يزال يغذي ظاهرة العنف الداخلي، وقال:" مازالت المرأة الفلسطينية تُعاني من التمييز المجتمعي، حيث تستمرُ ظاهرةُ العنف ضدها بأشكاله المختلفة، وأخطرها للأسف الشديد استمرار ظاهرة قتل النساء على خلفية ما يُسمى بالشرف". وأشار إلى أن العام الحالي شهد ارتفاعاً في هذه الظاهرة، حيث بلغ عددُ النساء اللواتي قُتلن خلاله 13 امرأة.

وقال: "لا يُمكن أن ننسى الطبيعة البشعة لجريمة القتل التي تعرضت لها السيدة نانسي زبون، بصورة ٍهمجيةٍ ودنيئةٍ على يد زوجها وسط مدينة بيت لحم، دون أن يتحرك المارة لمحاولة إنقاذها، مما يُظهرُ بصورةٍ محزنة الحالة النمطية لسلبية المجتمع إزاء هذه الظاهرة، وما يتطلبُه ذلك من معالجةٍ جادة تتجاوزُ متطلبات اعمال القانون، بمزيدٍ من التصدي المجتمعي لكل ما يمكن استخدامه من أعذارٍ للتغطية على هذه الجرائم البشعة أو محاولة تبريرها".

واعتبر رئيس الوزراء أن مهمة القضاء على جميع مظاهر العنف الذي تتعرضُ له المرأة، واحترام حياتها ومكانتها، وإنصافها من خلال ترسيخ كامل حقوقها. تحتلُ أولويةً قصوى في برنامج عمل الحكومة، خاصةً وهي تحثُ الخطى لاستكمال ترسيخ ركائز دولة فلسطين وبنيتها التحتية، مُشيراً إلى أن النجاح في تحقيق هذه الأهداف النبيلة والسامية تتطلبُ تكاتف كل مكونات المجتمع. وقال: "إن حماية مصالح المواطنين وصون حقهم في الحياة هو عماد الدولة العصرية التقدمية التي نُريد ونسعى لإقامتها وترسيخ ركائزها، وهو ما يستدعي رزمةً متكاملةً من الإجراءات الفعّالة والسياسات العاجلة على كافة الأصعدة".

وأكد فياض أنه لم يعد مقبولاً المرور على انتهاكات حقوق المرأة بغض النظر عن طبيعتها وكأنها جزء من الموروث الاعتياديّ، مُشدداً على أن أي انتهاك لأي حقٍ من حقوق المرأة لا بد وأن يكون له رادع بمستوى الجريمة والانتهاك الذي تتعرض له، وقال: "نحنُ نتطلعُ إلى مرحلةٍ جديدة تسودُ فيها ثقافةُ الحياة واحترام حقوق الإنسان، وقيمُ المساواة، وترسيخ مكانة المرأة وحقوقها الطبيعية باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من مبادئ حقوق الإنسان".

واعتبر رئيس الوزراء خلال حديثه الإذاعي أن المرأة الفلسطينية التي ناضلت مع كافة فئات المجتمع في مواجهة الاحتلال الإسرائيليّ وممارساته وإرهاب مستوطنيه، وسعت في ذات الوقت لنيل حقها الطبيعي في المساواة داخل المجتمع، ورفع كل أشكال موروث الظلم الاجتماعي الذي لحق بها، لا بل ولازمها، تستحقُ المساواة، ولكن ليس لكل هذه الأسباب، بل لأن حقها في المساواة هو حق طبيعيّ، وهو حق غير قابل للتصرف أو الاشتراط.

وشدد فياض على أن الواقع الذي تعيشه المرأةُ والأسرةُ الفلسطينية بشكلٍ عام، يستدعي تدخلاً فاعلاً وملموساً من قبل المجتمع الدولي ومؤسساته المختلفة، لتوفير الحماية اللازمة لشعبنا من ممارسات الاحتلال وقمعه، وإنهاء العنف المُمارس ضد نسائه ورجاله، ولوضع إسرائيل أمام مسؤولياتها التي يُمليها عليها القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، واتفاقيات جنيف الرابعة وقرارا مجلس الأمن 1325 الخاص بالمرأة والأمن والسلام و1889 الذي يؤكدُ على دور المرأة في منع النزاعات وحلها وبناء السلام، كما يفرضُ علينا أن نتسلح بالجرأة لمغادرة السلبية والحيادية وثقافة الإقصاء والتهميش السائدة إزاء حقوق المرأة، وهذا ما علينا القيام به دون ترددٍ أو مهادنة.

وشكر رئيس الوزراء في نهاية حديثه، وزارة شؤون المرأة وجميع مؤسسات العمل النسويّ الرسمية والأهلية، وجميع الناشطات والناشطين في هذا المجال على الجهد الحيوي والهام الذي يقومون به لإنصاف المرأة والارتقاء بمكانتها ورفع الظلم عنها، وترسيخ حقوقها، وتوسيع مشاركتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مُعرباً عن أمله في أن نحتفل العام القادم بهذه المناسبة وقد تمكنا فعلياً من القضاء على كافة مظاهر التمييز ضد المرأة في فلسطين.