الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الأسير وجدي جودة.. صمود وتحدِ في مواجهة العقوبات والمرض والمنع الأمني

نشر بتاريخ: 10/12/2012 ( آخر تحديث: 10/12/2012 الساعة: 02:44 )
القدس - معا - عزل وتعذيب وحصار ومرض وإهمال صحي ومنع امني وغيرها من أشكال العقوبات التي دفع ثمنها منذ اعتقاله، لكنه ككل العاشقين للوطن، ما زال يحمل الراية ويقبض بقلبه على حبه الأصيل الذي يسري في عروقه، ليواصل العطاء والتضحية، وكله ثقة أن الحلم سيتحقق، ولن يسلبه إياه أو يرغمه على التخلي عنه سجن أو سجان.

انه القيادي في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وجدي عزمي جودة (35 عاماً) من قرية عراق التاية شرق نابلس الذي يعيش سنوات أسره بصمود وتضحية ونضال، رغم كل ممارسات إدارة السجون الإسرائيلية، حتى تمكن كما يقول شقيقه الصحفي جيفارا: "من قلب المعادلة ليرسم حلمه بالحرية بتحد وبطولة، تؤكد أن ثوار فلسطين انتصروا على السجّان، وحولوها لقلاع بطولة ومعارك شرف".

طريق النضال
وبفخر وشرف يتحدث جيفارا عن شقيقه الذي انخرط في مسيرة النضال على مقاعد الدراسة في المرحلة الإعدادية، فوهب حياته للوطن والقضية، وعبر رحلة النضال والتضحية الطويلة استهدف بالاعتقال والملاحقة، ليسطر صفحات بطولة يفخر فيها كل أفراد أسرته، ويقول: "منذ صغره اكتسب ملامح الانتماء للوطن، وباشر بنشاطات طلابية في اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني "أشد" التابع للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ثم المسيرات والمواجهات"، ويضيف: " تأثر بأفكار والدي الذي كان قد اعتقل لعامين ونصف، وأعمامي الذين التحقوا في الجبهة، وكان يزورهم في السجن فازداد نشاطه خاصة بعد استشهاد قريب لنا يعتبر صديقه الذي ضمه لعضوية "أشد.

يحدق جيفارا بصورة وجدي، ويتابع: "خلال ذلك كان يرافق أمي لزيارة خالي ماهر جودة في سجن جنيد، فتعلم دروس وتجربة النضال وتلمس هموم أهالي الأسرى على أبواب سجن جنيد، وتعامل السجانين الاستفزازي والمذل بحقهم، فقرر السير على خطاه والتحق في الجبهة".

من المدرسة بنجاحه في الثانوية العامة، التحق وجدي بكلية الروضة للعلوم المهنية ليدرس الدبلوم في تخصص البرمجة وتحليل نظم الكمبيوتر، ووسط حرصه على النجاح والتعليم استمر في تأدية واجباته الطلابية والوطنية في كافة الميادين، انتخب سكرتيرا لكتلة الوحدة الطلابية، ورئيساً لمجلس اتحاد الطلبة في الكلية، وعندما كانت تشتد المواجهة يتقدم الصفوف في مواجهة الاحتلال، ويضيف جيفارا: "من المسيرات والتظاهرات عقب اندلاع انتفاضة الأقصى سارع وجدي مع مجموعة من رفاقه لتأسيس كتائب المقاومة الوطنية في الضفة الغربية وهي الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية في الوطن".

أدرج اسمه على رأس قائمة المطلوبين بسبب دوره المركزي في نشاطاتها وتدريب عناصرها في محافظة نابلس، ويقول جيفارا: "في مقدمة الصفوف برز وجدي في الاشتباكات والمواجهات والكمائن، فهدد الاحتلال بتصفيته، ولكنه رفض تسليم نفسه، واستمر الاحتلال في ملاحقته لأربع سنوات".

الاعتقال والحكم
نجا وجدي من الموت بعدما اعتقل في عملية خاصة في نابلس فجر 4 8 2004، ويقول شقيقه: "احتجز 100 يوم في أقبية التعذيب، وحوكم وبالسجن 25 عاما بتهمة قيادة الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية، وتشكيل خلايا عسكرية والقيام عمليات إطلاق النار باتجاه الجيش الصهيوني والمستوطنين".

ويضيف: "بعد 3 شهور هدمت قوات الاحتلال منزلنا، ولم يكتف بذلك فصدر بحقه قرار المنع الأمني"، ويضيف: " عاقبوه بالإهمال الطبي فمنذ خروجه من فترة التحقيق ظهر على جسده بعض من الأمراض الجلدية بسبب الظروف السيئة في الزنازين، وما زال يعاني من مرضه مع علم إدارة السجون وعدم اكتراثها، وعدم السماح له بإحضار الأدوية من الخارج"، ويكمل: "رغم هذا كله لا تتوقف المضايقات ولا تنتهي حتى تنهي روح وجدي المثابرة، لكن عزيمة الجود والحب، لا تعُرف لها حدود، وطمس الأمل وانعدام الإيمان، يخلو من جعبة وجدي، فمن يختم قوله بأننا "حتماً لمنتصرون "له الانتصار ولو طال الزمان".

محطات أخرى
يتمنى جيفارا رؤية وعناق شقيقه المحروم منه، ويقول: "منذ اعتقاله لم يسمح لي بزيارته سوى مرتين ، لذلك آمل أن تتكاثف الجهود لوضع حد لسياسة المنع الأمني التي تعتبر العقاب الأقسى في حياتنا حتى تحرير وجدي وكل الأسرى".

نفس الدعوات والأمنيات ترددها الوالدة التي تصر على زيارته ودعمه ورفع معنوياته، ويقول جيفارا: "أمي تأثرت لعدم الإفراج عنه في الصفقة الأخيرة، ولكنها تخفي حزنها وتحرص على مؤازرته وزيارته التي ترفع معنوياته، فوجدي نجح في التغلب على حياة السجن القاسية من خلال شحنات الدعم العاطفي والمعنوي التي كان يتلقاها من والدتي عبر شبك الزيارة".

ويضيف "أمي أمضت حياتها متنقلة من سجن إلى أخر وهي تزرع البسمة والأمل في صدور أعزائها خلف جدران الظلم، مرة لزوجها الذي أمضى قسطا من حياته خلف جدران السجن ومرات أخرى لأخيها وإخوة زوجها، فيما نصيب الأسد على ما يبدو سيكون لأخي وابنها وجدي الذي اعتاد انتظار زيارتها الدورية ليشحن بطارية صدره بمشاعر الصبر والعزيمة التي يتشربها من كلماتها الواثقة والدافئة والتي تسرى في فؤاده كسريان الدم في شرايينه".