الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

كلمة المطران عطاالله حنا بمناسبة عيد الميلاد المجيد

نشر بتاريخ: 04/01/2013 ( آخر تحديث: 04/01/2013 الساعة: 21:06 )
بيت لحم- معا - زار المطران عطاالله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس اليوم بلدية بيت لحم حيث التقى مع رئيسة البلدية فيرا بابون وعدد من اعضاء المجلس البلدي وامام كنيسة المهد القى المطران امام وسائل الاعلام كلمة بمناسبة قرب حلول عيد الميلاد حسب التقويم الشرقي والذي يأتي يوم الاثنين القادم، قال فيها:

"كل عام وأنتم بخير.


المسيح ولد لنا فلنفرح ولنتهلل. ولنرنم مع الملائكة "المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام". نرنم ونصنع السلام. السلام هبة منه تعالى وجهد من الإنسان، من كل واحدٍ منا فيستقبل الهبة ويستثمرها ويضاعف ثمارها.


يأتينا عيد الميلاد وهو مصدر بهجة، في الروح أولا تُقَوّي أجسادنا الضعيفة وتقوّي الإنسان المسيحي الفلسطيني في خضم الصعاب التي يعاني منها مع كل فلسطيني.


جوهر الميلاد، والفكرة العميقة للميلاد، يبيِّنها لنا القديس يوحنا في مطلع إنجيله حيث يقول: "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان لدى الله والكلمة هو الله". إلى أن قال: "والكلمة صار بشرا وسكن بيننا، ومنه أخذنا نعمة على نعمة". هذا يعني أن فرح الميلاد هو الفرح بنعمة الله فينا. وكل مظاهر الزينة الخارجية يجب أن تكون انعكاسًا لزينة النفس وما فيها من صلاح أفاضه الله في الإنسان. هذا الحضور الإلهي بيننا هو أصل فرحنا، فرحا يجعلنا أقوياء في وجه كل الصعاب، وفرحا يجعلنا محبين لكل إخوتنا وأخواتنا.


في هذه الأيام، في فترة الميلاد، الدولة الفلسطينية ولدت، وهي أيضا مصدر فرح، لأنها وجه رئيسي من أوجه الحقيقة التي أرادها الله لكل إنسان: وهي كرامة الإنسان. ولادة الدولة تعني ولادة كل فلسطيني في الكرامة التي منحه إياها الله. فهو أمر لا ينحصر في السياسة فقط ولكنه يسمو بالإنسان، كل إنسان، ولا سيما الإنسان الفلسطيني، ليعرف الكرامة التي وهبه إياها الله. وسعيُ السلطة الفلسطينية في هذه الأيام واعتراف الأسرة الدولية بفلسطين دولة (ولو دولة غير عضو في هيئة الأمم ولكنها دولة) يعني سيادة لكل إنسان فلسطيني وعودة الكرامة له، الكرامة التي منحه إياها الخالق منذ خلقه.

نهنئ أنفسنا بعيد الميلاد وحضور فرح الله ونعمته وسلامه بيننا، وبميلاد الدولة التي هي وجه من أجه حقيقة شاملة في كل الشعوب.

وعلينا أن نسعى. وأول السعي صبر وصمود وعمل دؤوب، كل بحسب إمكاناته. السعي هو تفعيل لقوى الصلاح والخير التي وضعها الله فينا كما في كل إنسان. وأوّل الصلاح والخير هو محبتنا بعضنا لبعض، مثل محبة الله لنا كلنا. لنتأمّل في أصولنا الروحية، ولنترك أنفسنا تسمو، ولا تتعثّر في مصالح فردية انفصالية تحول دون تحقيق ذاتنا وكرامتنا ووحدتنا. باتت الوحدة الفلسطينية اليوم مطلبًا من مطالب ولادة الدولة. قبول ولادة الدولة هو قبول لذاتنا وتحقيق لكلّ ذات فلسطينية.

ميلادان نحتفل بهما، ميلاد سام سمو الله، فوق كل واقع إنساني وسياسي، وميلاد سام سمو الإنسان بما أراده الله أن يكون ساميا.

المسيح ولد لنا، ملكا للسلام، واهبًا القدرة على صنع السلام. فلنفرح ولنتهلل.

كل عام وأنتم بخير."|199790|