الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

استطلاع: عدم الشعور بالسعادة سببه القلق من الوضع الإقتصادي

نشر بتاريخ: 05/01/2013 ( آخر تحديث: 05/01/2013 الساعة: 16:37 )
بيت لحم- معا - أجري استطلاع دولي في اليوم الأخير من العام 2012 حول الأمل بتحسّن الوضع الإقتصادي والسعادة في عام 2013 من قبل مؤسسة (WIN-Gallup International) وهي أكبر شبكة عالميّة مستقلّة لأبحاث السوق ولشركات ومراكز استطلاعات الرأي في جميع أنحاء العالم حيث تضمّ (67) شركة ومؤسسة من أكبر الشركات المستقلّة في العالم وتغطي (89.0 %) من السوق العالميّة ولا يُسمح فيها باشتراك أكثر من عضو ٍ واحد في كلّ دولة.

انضمّت هذه الشركات مع بعضها البعض لتشكّل برنامجا ً عالميّا ً يتمّ على أساسه تبادل الأعمال على المستوى العالمي وتقديم أرفع مستوى من الخبرة والمهنيّة وخدمة العملاء. ويمثّل الأراضي الفلسطينيّة فيها المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي العام الذي يرأسه د. نبيل كوكالي.

وأظهر الإستطلاع – الذي أجري في (54) دولة على عيّنات عشوائيّة من الرّجال والنساء بلغت (56.625) مستجوبا يغطّون الأغلبيّة العظمى من سكّان العالم وتجريه المؤسسة المذكورة في مثل هذا اليوم من كلّ نهاية عام منذ 1977 – بأنّ غيمة العسر الإقتصادي تنقشع تدريجيّا ً في معظم بلدان العالم وأنّ الأمل فيتحسّن الإقتصاد قد ارتفع من (-2 %) إلى (+ 8 %) أي بمعدّل (10 %) عن السنة الماضية. ويبدو أنّه قد تمّت السيطرة على التوجّه السلبي في الإقتصاد في دول أوروبا الغربيّة وأمريكا الشماليّة وهما أغنى منطقتين في العالم وذلك مقارنة ً بوضعهما الإقتصادي العام المنصرم.

واستنادا ً إلى نتائج البارومتر العالمي للأمل والسعادة حيب استطلاع مؤسسة (WIN-Gallup International) فإن (35 %) من سكان العالم متفائلون حول التوقعات الإقتصاديّة لعام 2013 فيما يتوقّع (27 %) بأنّ العام الجديد سيكون اقتصاديّا ً أعسر من العام المنصرم و (30 %) لا يتوقّعون أي تغيير عن العام المنصرم, و(8 %) لم يجيبوا على السؤال.

هل هناك علاقة مباشرة ما بين الشعور بالسعادة والإطمئنان على الوضع الإقتصادي، الإجابة على هذا السؤال بشكل ٍ عام: نعم. ولكن بصرف النّظر عن الآراء حول الإقتصاد في الآونة الأخيرة والتي تبدو ايجابيّة إلى حدّ كبير, فإن أغلبية سكان العالم, أي بالتحديد (53 %), يقولون بأنهم يشعرون بسعادة ٍ في حياتهم. فردّا ً على السؤال:" هل تشعر, فيما يتعلّق بك أنت شخصيّا ً, بأنك سعيد في حياتك أم تعيس, أم أنّك لا تشعر لا بسعادة ولا بتعاسة في حياتك ؟" أجاب (53 %) من سكّان العالم بأنهم يشعرون بالسعادة, (13 %) يشعرون بأنهم تعساء وواحد من كلّ ثلاثة تقريبا ً, أي بالتحديد (32 %), لا يشعر لا بسعادة ولا بتعاسة, و (2 %) فقط لم يبدوا رأيهم بالخصوص.

وبالرجوع إلى استطلاعات الرأي التي أجريت حول نفس الموضوع في السنوات الثلاث الأخيرة تبيّن بأن الأمل في تحسّن الوضع الإقتصادي العالمي كان في نهاية عام 2010 بنسبة (+ 2 %), هبط في نهاية عام 2011 إلى ( - 2 %) ولكنه ارتفع بشكل ٍ ملحوظ في نهاية عام 2012 إلى (+ 8 %) أي بفارق (10) درجات أو (10 %). ويعود هذا التغيير الإيجابي بشكل ٍ أساسي إلى انبعاث الأمل من جديد في اقتصاد الهند والصين وفي نفس الوقت إلى توقّف نزعة الهبوط الإقتصادي في أوروبا الغربيّة وحدوث تحسّن ولو بسيط من نسبة (-46 %) في العام الماضي إلى ( - 40 %) في نهاية هذا العام 2012. وفي أمريكا الشماليّة تحسّنت النسبة من (- 25 %) إلى ( - 12 %).

وقد علّق جين – مارك ليغر بصفته رئيس مؤسسة (WIN-Gallup International) على نتائج هذا الإستطلاع الدولي بقوله:" إنّ مهمتنا كمراكز استطلاع دوليّة هي إبقاء أيادينا على نبض الشعوب لجسّ مشاعرهم والتعرّف على مشاكلهم. ويعطينا آخر جسّ نبض شيئا ً من الإرتياح, حيث يبدو أنّ غيمة العسر أو الكآبة حول الوضع العالمي للإقتصاد بدأت تنقشع في كلّ من الولايات المتحدة الأمريكيّة ودول غرقب أوروبا وأنّ الأمل في تحسّن الإقتصاد بدأ ينبعث من جديد في الهند والصين اللتين تشكلان معا ً حوالي ثلث سكان العالم. ونحن نعيش اليوم في عالم الإتكال المتبادل, فأي نبض أمل ٍ في أي جزء ٍ من هذا العالم سيسري في الإجزاء الأخرى. وبرسالة الأمل هذه نحيي العالم في مطلع هذا العام الجديد ونتمنّى للجميع كلّ خير وسعادة وتوفيق".

تنقسم نتائج هذه الدراسة إلى جزئين. الجزء الأول يتعلّق بـ "أمل العالم في تحسّن الإقتصاد" والجزء الثاني يتعلّق ب " الشعور بالسعادة الشخصيّة". ففيما يتعلّق بالجزء الأول, طُرح على المستطلعين السؤال التالي:"هل ستكون السنة القادمة – حسب رأيك – مقارنة ً بالسنة المنصرمة 2012 سنة ازدهار ٍ اقتصادي أم عسر ٍ اقتصادي, أم سيبقى الوضع الإقتصادي بدون تغيير ؟" فجاءت الإجابة على النحو التالي: (35 %) قالوا بأن عام 2013 سيكون عام ازدهار اقتصادي, (27 %) عام عسر اقتصادي, (30 %) أجابوا "سيكون بدون تغيير" و (7 %) "لا أدري" أو رفضوا الإجابة. أي أنّ الأمل في تحسّن الإقتصاد العالمي بلغ ( + 8 %).

وفيما يتعلّق بالأراضي الفلسطينيّة بالذات فقد أجاب (32 %) بأنّ عام 2013 سيكون عام ازدهار اقتصادي, فيما قال (40 %) عكس ذلك, و (25 %) "بدون تغيير" و (3 %) أجابوا " لا أدري" أو رفضوا الإجابة, أي أنّ التشاؤم يفوق التفاؤل بنسبة (8 %) وهي نسبة معتدلة إذا قورنت بالعام الماضي 2011 الذي بلغت نسبة التشاؤم فيه (26 %) فيما تعادل الإتجاهان في عام 2010.

وبالنسبة للجزء الثاني وهو "الشعور بالسعادة الشخصيّة" فقد طرح على المستجوبين السؤال التالي: " هل تشعر, فيما يتعلّق بك أنت شخصيّا ً, بأنك سعيد في حياتك أم تعيس, أم أنّك لا تشعر لا بسعادة ولا بتعاسة في حياتك ؟" وكانت الإجابات على النحو التالي: (53 %) يشعرون بالسعادة فيما يشعر (13 %) فقط بأنهم تعساء في حياتهم و (32 %) لا يشعر لا بسعادة ولا بتعاسة و (2 %) قالوا "لا أدري" أو أنهم رفضوا الإجابة. ومن هنا نستنتج بأن "السعداء" يفوقون "التعساء" بنسبة (40 %).

وفيما يتعلّق بالأراضي الفلسطينيّة فقد وجدت هناك علاقة مباشرة ما بين الوضع الإقتصادي والشعور بالسّعادة حيث أجاب (30 %) من الشعب الفلسطيني بأنهم يشعرون بالسعادة في حين قال (41 %) بأنهم يشعرون بالتعاسة في حياتهم, أي أنّ الفرق هو (11 %) "لصالح التعساء" في حين أجاب (28 %) من الفلسطينيين بأنهم لا يشعرون لا بسعادة ولا بتعاسة, و (1 %) فقط أجابوا "لا أدري" أو رفضوا الإجابة.

الأمل بتحسّن الوضع الإقتصادي في هذا العالم وكذلك الشعور بالسعادة تتفاوت بين شرائح المجتمع. لقد أظهرت الدراسة بأن الرجال أكثر تفاؤلا ً من النساء (38 % مقابل 31 %), والشباب اللذين تقلّ أعمارهم عن (30) عاما ً يتصدّرون فئة المتفائلين بنسبة (41 %) مقابل (24 %) متشائمين, أي بفارق (17 %) في حين وصلت نسبة "المتشائلين" منهم (28 %). ونجد الصّورة عند كبار السنّ (المتقاعدين) ممّن تزيد أعمارهم عن 65 عاما مغايرة تماما ً. نسبة من يأملون بتحسّن الوضع الإقتصادي (15 %) فقط في حين بلغت نسبة المتشائمين من تحسّن الوضع الإقتصادي (41 %) أي بفارق (- 26 %) فيما لا يرى (37 %) منهم أي تغيير في السنة القادمة.

وبالنسبة لشرائح المستوى التعليمي, نجد أنه كلما ازدادت درجة مستوى الفرد التعليمي زادت نسبة أمله في تحسّن الإقتصاد وقلّت نسبة تشاؤمه, خصوصا ً عند فئة الشباب الذين أنهوا التحصيل الجامعي المتوسّط (دبلوم عالي – بكالوريوس) حيث بلغ الفرق لصالح التفاؤل (+ 14 %). ونجد هذا الإتجاه أيضا ً في المناطق الريفيّة التي يقلّ سكانها عن 2000 نسمة حيث بلغت نسبة الأمل فيها في تحسّن الإقتصاد (40 %) ونسبة التشاؤم (27 %) أي بفارق (+ 13 %) لصالح الأمل أو التفاؤل, في حين لم يتعدّى هذا الفارق في المدن نسبة (6 %).

أمّا "الشعور بالسعادة الشخصيّة" فتتفاوت هي الإخرى في هذا العالم حسب الشرائح الديمغرافيّة في المجتمع. فلقد أظهرت نتائج الدراسة العالميّة بأنّ الرجال والنساء متساوون من حيث الشعور بالسعادة (53 % لكلّ منهما), في حين تزيد نسبة النساء التعيسات ب (3 %) عن نسبة الرجال التعساء (15 % نساء مقابل 12 % رجال).

ومقارنة ً بفئات الأعمار, ليس هناك فروق كبيرة في الشعور بالسعادة ما بين الشباب دون سنّ 30 عاما ً (55 %) وكبار السن ّ ما فوق 65 عاما ً (53 %). وكذلك شعور كلّ من الفئتين بالتعاسة (13 % عند الشباب و 11 % عند فئات كبار السنّ).

أمّا بالنسبة للمستوى التعليمي, فقد تبيّن أنّه كلّما زادت درجة المستوى التعليمي للفرد زادت درجة شعوره بالسعادة, إذ تبيّن أنها (61 %) عند الفئة ذات المستوى الجامعي العالي (ماجستير ودكتوراة) مقابل (10 %) فقط منهم يشعرون بالتعاسة, هذا في حين أنّ نسبة من يشعرون بالسعادة من فئة من لم يتجاوز مستوى تعليمهم المرحلة الثانويّة (50 %) مقابل (14 %) يشعرون بالتعاسة.

وعند مقارنة نتائج الدراسة بمكان الإقامة تبيّن أنّ الشعور بالسعادة غير مرتبط بمكان ٍ معيّن, فالمناطق الريفيّة والمدن تتساوى تقريبا ً في نسبة سعادة سكانها, أي (52 %) في الريف مقابل (54 %) في المدن.

في تعليق نبيل كوكالي على نتائج هذا الإستطلاع قال الخبير الإقتصادي ورئيس المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي, د. نبيل كوكالي, بأنّ "هناك علاقة مباشرة ما بين شعور الفلسطينيين بالسعادة ونظرتهم إلى الوضع الإقتصادي المتردّي في الأراضي الفلسطينيّة. هذا ما تشير له نسبة من يشعرون بالتعاسة (41 %) مقارنة بمن يشعرون بالسعادة (30 %) ونظرة التشاؤم بالنسبة لتحسّن الوضع الإقتصادي التي وصلت لنسبة (40 %) مقابل (32 %) ما زالوا يأملون بتحسّن الوضع الإقتصادي العام القادم. وبذلك تسجّل ألأراضي الفلسطينيّة في كلتا الحالتين مؤشّرا ً سالبا ً بعكس معظم بلدان العالم. هذا ليس بغريب لإدراك المواطن الفلسطيني حجم الأزمة الماليّة الخانقة التي تمرّ بها الأراضي الفلسطينيّة مع قرار دولة الإحتلال بعدم تحويل مستحقات السلطة الفلسطينيّة ووقف المساعدات الأمريكيّة وشحّ المساعدات الإقتصاديّة المقدمة من الدول المانحة وفي مقدمتها الدول العربيّة التي تطلق وعودا ً فقط دون الوفاء بها. ويبدو أنه مخطط سياسي رهيب تقف من ورائه أمريكا للضغط بشتّى الوسائل على طموحات شعبنا في نيل حريته وإقامة دولته افلسطينيّة المستقلّة على أرضه." واستطرد د. كوكالي يقول " بأن ما سيأتي علينا هو أعظم بعد قبول دولتنا فلسطين عضوا ً مراقبا ً في الأمم المتحدة والبناء المحموم في المستوطنات القائمة في الضفّة الغربيّة وما ينتج عن هذه الإجراءات الغير قانونيّة من تعقيدات في ايجاد حلّ عادل للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي."

واختتم د. كوكالي تعليقه بقوله:" بالرغم من كلّ ذلك, علينا ألاّ نفقد الأمل بالمستقبل مهما كانت الظروف. وكلّ عام والجميع ووطننا الغالي فلسطين بألف خير".

بلغ العدد الإجمالي للمستطلعة آراؤهم في العالم (56.625), أي بحدود (1000)شخص كعينة تمثيليّة لكلّ بلد. ولقد استخدمت في هذه الدراسة ثلاث طرق لجمع البيانات, أهمها المقابلة وجها ً لوجه في (31) دولة منها دولة فلسطين بعدد إجمالي قدره (34.792) مستجوبا ً, يليها الإنترنت أون لاين (on line) في (14) دولة لعدد (14.073) مستجوبا ً, وعبر الهاتف في (9) دول لعدد (7.760) مستجوبا ً. وأجري العمل الميداني لجمع البيانات خلال الفترة من سبتمبر (أيلول) لغاية ديسمبر (كانون أوّل) من العام المنصرم 2012. ويتراوح هامش الخطأ إجمالا ً لهذا النوع من الدراسات ما بين +- 3 – 5 % بدرجة ثقة تصل إلى 95 %.