الأحد: 29/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

الزمن الجميل ... هل كان جميلاً ؟

نشر بتاريخ: 07/01/2013 ( آخر تحديث: 07/01/2013 الساعة: 15:49 )
بقلم : اياد عودة الله

" والدي أخبرني بأن لعبة كرة القدم في الماضي أفضل من اليوم ، وأنا سأخبر ولدي أن الكرة الان أفضل من الغد " ، هكذا لخص الهولندي الطائر دينيس بيركامب تجربته مع اللعبة الأكثر شعبية في العالم ، وهكذا يقولون لنا الان أن الرياضة أيامهم – على بساطة امكاناتها – أفضل بكثير من اليوم .

عندما نطالع ماضي الزمن الجميل الذي تنشره مشكورة وكالة بال سبورت بين الفينة والأخرى في صفحات القدس الرياضي نتساءل : هل يعقل أن اللعب على التراب أفضل من العشب ؟ وهل تسلق الأشجار وأسطح المباني أفضل من الجلوس على المدرجات الملونة ؟ أيعقل أن حرائق ذكريات ماضيهم الجميل اشتعلت من أرضية ملعب المطران الصلبة التي لا تصلح الا كمرآب للسيارات ؟ أسئلة كثيرة يرددها جيل العقود والرواتب حين يشاهدون تلك الصور وتدفعهم للمقارنة بين ماضي هؤلاء وحاضرهم .

يقول الفلاسفة بأن ماضي كل انسان سيبقى ذكرى جميلة عاشها مهما كان سيئاً في مرحلة الطفولة والشباب بالذات ، وربما نقول نحن كما كانت ذكرياتهم جميلة فستكون أيامنا هذه جميلة أيضاً بالغد ، وكيف لا وكل شيئ متوفر لنا الان من صالات وملاعب ومرافق وأجور ، الا أن الشيئ المفقود الذي طالما بحثت عنه لأعلم سر سعادتهم بزمنهم الجميل حين صادفت أحدهم في ملعب تم تأهيله وتجديده ، حيث مال على غصن هيأته له يد الطبيعة من خلف الأسوار كما كان يشاهد المباريات في ماضيه الجميل ، فقال لي : كل الجمادات هنا تغيرت وتطورت للأفضل الا نحن فلم نعد نعطي بل صرنا نأخذ فقط ،في الماضي كنا ندفع من مصروفنا اليومي لنلعب الكرة ، ومن هنا كنا نلتمس المتعة مع كل ركلة نركلها ، أما اليوم فهي التي تدفع لنا فكيف تريد أن نستمتع بها ، وأشار بيديه الى كرة حزينة طارت خارج الملعب ولم يأبه أحد بها وقال : ما كان لنا أن نترك شيئاً في زماننا تعبنا فيه ، هم لم يجمعوا ثمنها لذلك لم ولن يحضروها ، ففي خزانة النادي غيرها الكثير .سألته على استحياء : هل كان زمانكم جميلاً حقاً ؟ فقال : ان لم تضحي وتجتهد وتشارك لن يكون لديك انتماء ، عندها لن تشعر بالسعادة مهما حققت من نتائج ،يمكن لحاضرنا أن يكون غداً حلقة من الزمن الجميل شريطة أن نقدم ونعطي ، لا أن ننتظر لنجني ونقطف الثمار .

في الحقيقة ، سابقاً كان للحياة طعم اخر ، مر بعض الشيئ لكنه يبقى طيب المذاق لم عاشه وضيئ القسمات ، ومن أثر الجهد والمشقة والعناء تنبثق السعادة ويتأصل جمال الزمان.