الجمعة: 07/03/2025 بتوقيت القدس الشريف

فتح.. التي في خاطري

نشر بتاريخ: 12/01/2013 ( آخر تحديث: 12/01/2013 الساعة: 13:27 )
فتح.. التي في خاطري
بقلم: بدر مكي

كنت.. منذ الصغر.. اقرأ الصحف بشغف.. ومن خلالها.. تعرفت على ياسر عرفات.. منذ معركة الكرامة.. التي كنا نتابعها.. من مدينة اريحا.. حيث كنت اسكن.. كان الطيران الحربي الاسرائيلي.. يحاول تسجيل انتصار على مجموعة من الفدائيين.. قرروا.. ان يقاتلوا ويصمدوا ببنادقهم.. ومعهم ارادة لا يكن.. وهكذا.. انتصر الفدائيون لينظم بعدها المئات الى صفوف الثورة.. وخرج ابو عمار الى العلن.. في نيويورك.. يعلن عن البندقية وغصن الزيتون.

وفي احد الايام.. سقط بيدي كتاب بعنوان «فلسطيني بلا هوية» لضمير الثورة ابو اياد.. صلاح خلف تحدث في كتابه عن طرق معاملة الفلسطيني في الدول العربية.. غرس في نفسي.. فكرة الفتح.. وخاضت فتح في السبعينيات العديد من المعارك مع المحتل.. وخاصة في لبنان.. وتجذرت الفكرة وتعززت.. اصبح اسم الفلسطيني على كل الافواه.. وفي عديد الاصقاع.. كان وجه ابو عمار وكوفيته ولحيته ومقولاته.. في عقول وقلوب.. الآلاف من ابناء شعبنا.. طالب الختيار برحيل الاحتلال واقامة الدولة.. انها الكلمات المقرونة بالافعال.. نستمع احيانا.. لمذياع منظمة التحرير الفلسطينية القادم من عدد من عواصم العرب.. والتي جاءت في العام 69.. تبشر بالهوية والكيانية الفلسطينية.

وهكذا كبرت فتح فينا.. وسكنت القلوب.. واصبحت تعيش فينا.. وجاء الدور على نصف مجتمعنا.. المرأة والام والاخت والابنة.. انها دلال المغربي.. احب بنات فلسطين.. الى فلسطين.. قد اوصت دلال بتجميد التناقض الثانوي وتصعيد التناقض الرئيسي ضد العدو الصهيوني وتوجيه كل البنادق نحوه.. ومضت دلال الى العليين في شهر آذار العام 78 من القرن الماضي.. تلميذة ابو جهاد من قوات العاصفة.. وهي المرة الاولى التي يفرض فيها الكيان العبري منع التجوال على كامل منطقة تل ابيب وحتى نتانيا.. وقدمت دلال درسا لا ينسى في عظمة وارادة المرأة الفلسطينية.. ولا انسى معركة الليطاني وعملية سافوي.
وزاد حبي لفتح من حبي لدلال وابو جهاد والكمالان وابو يوسف النجار.. وحدث ولا حرج عن ابو الوليد وابو علي اياد وابو صبري وابو علي حسن سلامة.. وفيصل الحسيني.. وعلي ابو طوق.. وعشقت الشبيبة.. والفهد الاسود وصقور فتح.

وانخرطنا في الحركة الرياضية في منتصف السبعينيات من لاعب ومدرب واداري.. حتى الاستقرار في هلال القدس.. وهناك تعلمت الكثير عن ناد ليس كمثله اندية.. وخاصة في زمن الانتفاضة الاولى.. ودروسا في الوطنية والانتماء والتكافل الاجتماعي والبعد الانساني.. لهذا النادي الكبير دائما.. وله حبي واعتزازي.
وعملنا في وزارة الشباب واجتهدنا ومن بعد في المجلس الاعلى للشباب والرياضة.. وتعرفت عن قرب.. على قائده اللواء جبريل الرجوب.. ورغم صلة القرابة بيننا.. الا اننا لم نكن نلتقي الا في المناسبات.. وبعدها كان اللقاء.. في خضم العمل.. ويزداد التعلق بفتح.. التي ما هتفت لغيرها.. كان هم واصرار جبريل.. بالابتعاد عن التجاذبات أياً كان نوعها.. ونجح الى حد بعيد.. في الحد من هذه الصفة السلبية.. وانعكس ذلك على عمله.
وتجلى ذلك في تواجده بغزة.. في احتفالات فتح بالانطلاقة.. وقد قالت غزة كلمتها.. واصفرت في منظر رهيب.. يعيد الى الاذهان.. ان غزة العزة.. قدمت القادة التاريخيين لفتح.. وخرج منها.. فرسان الثورة واساطيرها.

وكما اجتمع اللواء الرجوب.. مع مؤسسات الضفة الرياضية.. فعل ذلك مع اقرانها من مؤسسات القطاع.. وحقق ما عجز عن تحقيقه غيره.. وفي وحدة العمل الرياضي.. بين جغرافيا الوطن.. واطياف الوطن.. في الحركة الرياضية.. لم يكن هناك فرق بين فتحاوي او حمساوي او جبهاوي.. وقد تجلت الوحدة الوطنية في اجمل صورها.. في حركتنا الرياضية.. بفضل جهود الرجل.. الذي آمن بالابعاد الوطنية والاجتماعية والانسانية.. لهذه الحركة.. وحد من اولئك الجالسين على الطرقات.. وكانت لحظة تاريخية.. ان يتواجد في غزة.. مع الكتيبة الغزاوية في اللجنة الاولمبية والاتحادات والاندية والاعلام الرياضي.. معلنا ان المنشآت الرياضية التي تضررت بفعل عدوان الكيان.. سيعاد بناؤها وترميمها.. وبضرورة تطوير الاعلام الرياضي وتأهيل الكادر.

وحري بنا.. ان نكرم اللواء الرجوب على انجازاته.. وقد كرمه العرب في دبي.. بجائزة الاداري الرياضي العربي الاول.. وكان علينا ان نقوم نحن بتكريمه.. وقد قدم استحقاقه الوطني.. ومن بعد الرياضي.. عن طيب خاطر.

وما ينقصنا في تحقيق المصالحة.. شيء من الارادة.. وتحمل مسؤولية هذه المرحلة الصعبة.. التي تعاني كل بقعة في فلسطين.. من طاعون الاستيطان.. ولنتعلم الدرس من دلال المغربي ووصيتها.. التي اوصت بتحييد التناقض الثانوي.. لان عدونا واحد.. وهدفنا واحد.. وخاصة بعد انتصار المقاومة.. ودخولنا في عضوية الامم المتحدة.. دعونا نتفرغ جميعا لانهاء الاحتلال.. ولنسرع في وحدتنا الوطنية.

ان وحدتنا الرياضية التي تحققت بفعل جهود الرجل.. يجب ان تكون مثالا يحتذى.. في شأن وحدتنا الوطنية.. المهم ان تكون النوايا مخلصة في هذا الاتجاه.. ولن تنقصنا الارادة في تحقيق ذلك.. ويحتاج الامر الى عزيمة الرجال.. الذين تتلمذوا في بستان الوطنية والانتماء ونكرات الذات.. وها هي الحركة الرياضية قد قالت كلمتها في شأن الوحدة.. وحدة الوطن والمواطن والاطياف.

الحشد الجماهيري الكبير.. رسالة هامة.. بتجذر فتح فينا.. وهي حركة ولدت.. لتبقى.. ولتنتصر.. هي ام البدايات.. وام النهايات.. هي تاريخنا.. وسنصنع منها.. جغرافيتنا.. الدولة والاستقلال الناجز.. والقدس.. فوق كل ذلك..