دائرة الثقافة في م.ت.ف: لا مكانة لقيم ومفاهيم "طالبان" في مجتمعنا
نشر بتاريخ: 26/01/2013 ( آخر تحديث: 27/01/2013 الساعة: 00:46 )
رام الله -معا - اصدرت الدكتورة حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بيانا باسم الدائرة الاعلامية والثقافية بالمنظمة ادانت فيه قرار جامعة الاقصى في غزة حول فرض الزي الشرعي على طالبات الجامعة واعتبرته قرار "طالباني".
وفيما يلي نص البيان :
قبل أيام عدّة، أعلنت إدارة جامعة الأقصى بفرعيها في قطاع غزة عن قرارها فرض "الزي الشرعي" على طالبات الجامعة، بدعوى عدم إظهار المفاتن، و" الانضباط فيما يتعلق بذلك من مظهر محتشم يعكس المنطق الديني والحضاري لمجتمعنا وأمتنا "، وذلك حسب ما ورد في إعلانها الذي أصدرته في 13/ 11/ 2012، وتعمل على إنفاذه في الفصل الدراسي الثاني لعام/2013.
إن ما يحمله هذا القرار "الطالباني" لجامعة الأقصى من مدلولات اجتماعية وسياسية خطيرة على مكونات المجتمع الفلسطيني كافة، وعلى منظومة حقوق الانسان خاصة، يستدعي الوقوف أمامه بصلابة، ومواجهته من منظور قيمي وحضاري وقانوني، سيما وأنه يتناقض مع سماحة الدين الاسلامي، وقيمه الاجتماعية والحقوقية للإنسان باعتباره دين مبني على الدعوة الحسنة وعدم الإكراه، كما ويتناقض كليّاُ مع رسالة الجامعة ذاتها التي تدعو إلى " توظيف التعليم في تنمية وخدمة المجتمع، والالتزام بمبادئ حقوق الانسان، وحكم القانون والاحترام والتسامح، والمساواة " !.
وعلى النقيض من رسالة الجامعة وأهدافها، وفي خروج مُهين عن الأعراف الفلسطينية، وعن أخلاق وموروث شعبنا النضالي والاجتماعي التاريخي، مارست ما تُسمى " قوات أمن الجامعة من النساء" وغيرها خلال السنوات المنصرمة عنفاً واعتداءً جسدياً ولفظياً، وتهديدات بالفصل بحق طالبات الجامعة اللاتي يرتدين "المنديل" تحت ذريعة "عدم الاحتشام والتشبه بالرجال"!
ويأتي قرار الجامعة الحالي متناغماً ومكرّساً للحملات التي شنتها الحكومة المقالة ومن ضمنها تأنيث المدارس، وفرض الحجاب على المحاميات في المحاكم، ومنع النساء من تناول النرجيلة في المقاهي، ومنع اظهار مجسمات العارضات في المحلات التجارية، واخيرا حملة "ترسيخ القيم الفاضلة".
ومن هنا، يبدو أن شغل الرأي العام بما يُسمى "بالفضائل والحشمة" قد ساهم من جهة في توجيه الأنطار عن الأزمة التي تعاني منها "حكومة المقالة" في مواجهة التحديات المجتمعية والسياسية لأبناء شعبنا في قطاع غزة، ومن جهة أخرى، أماط اللثام عن أحد أهم الخروقات القانونية والتدخلات السلبية لحقوق وحرية المرأة بشكل خاص والتعليم بشكل عام.
إذ يمثل أمامنا الاقرار بأننا بشأن أحد أكثر الحقوق أساسية، حيث تشكّل مؤسسات التعليم والمؤثرات التعليمية أداة ضرورية لإحقاق حقوق الانسان وتقدم الدول، بما تمثله من بناء للذات، والعمل والمساواة والثقافة والتربية وصولا الى النهوض بالأمة والشعوب والارتقاء بهما، كما قال المربي البولندي الشهير يانوش كورتشاك: " إصلاح العالم يعني اصلاح التعليم... ومن يخطط للأجيال يربي شعوباً".
إلا ان جامعة الأقصى مارست قمعاً فكرياً ومجتمعياً وتعليمياً، واعتداء صارخاً على جوهر الحقوق وهو الحق في الاختيار، والحريات العامة والخاصة المنصوصة في القانون الأساسي الفلسطيني ومبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وتدخلاً سافرا في الحريات الشخصية استهدفت بها تحديداً صورة المرأة الفلسطيينة التي ساهمت وما تزال في عملية بناء المجتمع الفلسطيني وتنميته، وناضلت على مرّ التاريخ جنباً إلى جنب مع الرجل، وذاقت مرارات الاحتلال واضطهاده، ودفعت ثمن إرهابه، وها هي اليوم تواجه في إحدى أسوار جامعاتها الوطنية اقصاءً وإجحافاً من نوع آخر.
إننا في الوقت الذي نخوض فيه معركتنا من أجل نيل حريتنا وانجاز استقلالنا على أرضنا، ونبذل فيه الجهود لإعادة اللحمة الوطنية والمجتمعية لشعبنا الفلسطيني، نعمل على رفع مكانة المرأة وتزويدها بالحصانة، ونعيد التأكيد على التزامنا باتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) التي وقعت عليها السلطة الوطنية، والالتزام بالقرار الأممي 1325، كوننا دولة معاصرة وجزء من المنظومة العالمية والمجتمع الدولي الذي يلتزم بالمواثيق والعهود الدولية، ونرفض السيطرة المطلقة وفرض نظام منغلق، ولا نرفض الحجاب أو الزي الشرعي باعتباره حق شخصي مكفول، ولكننا ضد فرضه بالقوة والاكراه على خلفية فئوية أو عقائدية.
وختاماً، فإن جامعة الأقصى، بمجلس أمنائها والقائمين عليها، ووزارة التعليم العالي مدعوة الآن إلى إلغاء هذا القرار التعسفي ومساءلة المسؤولين عنه وضمان عدم تكراره ، لصالح دولة فلسطينية ديمقراطية حضارية تؤمن بحقوق الانسان وتنصف المرأة، وتقدم جيلا حراً من الشباب والشابات يبنون بكرامة وعز أسس دولتهم العتيدة.