فنجان قهوة بصحبة سعادة السفير
نشر بتاريخ: 28/01/2013 ( آخر تحديث: 28/01/2013 الساعة: 09:15 )
بيروت - معا - رولا سلامة - تواضعه يثير اعجابي، وبساطته هي بساطة ابن المخيم، تراه يتحرك بسرعة كبيرة، يسابق الزمن، يمشي بخطوات واثقة، يعرف الى أين يتجه، يحمل بيديه الاثنتين هاتفين لا يتوقفان عن الرنين والصراخ، يتعب الهاتف ولا يتعب السفير، يركض من اجتماع في مخيم نهر البارد، الى افتتاح عيادة في مخيم برج البراجنه، الى لقاء في مخيم اخر وهكذا على مدار اليوم، بل على مدار الاسبوع، يحمل أعباء اللاجى الفلسطيني في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، ابتسامته مطبوعة على وجهه على مدار الساعة، ولكن عصبيته تخترق حاجز الصمت وتبدأ بالصراخ والصراخ لدقائق معدودة لتعود الابتسامة ترتسم من جديد، رفيقة دربه حياة وصديقة طفولته وعشقه الأول والأخير حياة يفوق عشقه لها عشق قيس لليلى، كانت معه في السراء والضراء، ام أولاده، وكاتمة أسراره، تراها الشمعة المضيئة بحياته، يذكرها ويذكر اسمها في كل جملة، يدين لها بالكثير مما وصل اليه اليوم، يتلذذ بذكر اسمها وقصص رافقت مسيرتهما، اراقب أنا نظراتهما فأجدها تتابعه بعيونها وترتسم ابتسامتها على شفاهها ثم نضحك جميعا.
|203134|
كنا نجلس ثلاثتنا في غرفة الجلوس، وبدأ يسرد لي قصة حبه لحياة، وحياة هي الحياة، سمعت القصة وطويت الصفحة ووعدته أن لا أذكر التفاصيل لأحد، علما أنها قصة تصلح لفيلم سينمائي بطله السفير، وبدايته هي حلم نشأ وترعرع في داخل المخيم، حمل أشرف معه الهم والحزن والألم، حمل طفولة وشقاوة المخيم، حمل فلسطين والقدس وتنقل بهما في مخيمات الشتات، تابع كل صغيرة وكبيرة، ترعرع في حضن الشهيد البطل أبو عمار رحمه الله، أذكره منذ دخلوا أريحا وغزة أول مرة، تواصل معه لسنوات عديدة من خلال المراسلات التي كات يرسلها للرئاسة وللسيد الرئيس رحمه الله، وغات عن فلسطين وبقي هناك لسنين عديدة وعاد والتقى به منذ سنوات وعادا وافترقا لسنوات، وها نحن اليوم في ضيافة سعادة السفير، التقيناه في بداية الاسبوع الماضي، وعشنا في سفارة دولة فلسطين في بيروت لأسبوع كامل، كان يتابعنا ويسأل عنا ساعة بساعة، كان يطمئن على الصغير والكبير في الوفد المرافق لي، هذا هو سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور، يطلب مني في كل يوم أن أناديه بالأخ أشرف وليس بسعادة السفير، يدعوك لتناول قهوة الصباح في مكتبه، فيحل الظهر ويتبعه العصر والسفير يتنقل بين مكتب وآخر وبين هاتف وآخر ويخرج من اجتماع ليستقبل زائر، ويودع الوفد ليحل مكانه ضيف، وتحاول عدسات كاميراتنا أن ترافقه بين تنقلاته وتحركاته واجتماعاته، ولكن، تقف الكاميرات عاجزة عن الامساك به، أو حتى عن اختلاس صورة هنا وصورة هناك فهو دائم الحركة وكثير التنقل وحاد المزاج اذا غضب فانتظر عليه لدقائق معدودة حتى يهدأ ومن ثم يعود لطبيعته الهادئة ونشاطة اللامحدود، عرفته كذلك منذ سنوات ولكني اعتقدت جازمة أن الزمن غيره وأنه استنفذ طاقاته خلال السنين الماضية، ولكن أعترف سيدي الرئيس أن ما شاهدته هنا يفوق التوقعات، فهو بمثابة عقرب ساعة لا يتوقف أبدا ولا يتأخر أبدا الا اذا حدث مكروه للساعة، ونتمنى لسفيرنا كل الصحة والتقدم والنجاح.
أشكرك سيدي الرئيس على اختيارك لسفرائنا وأتمنى أن يكونوا دوما شعلة نجاح ومنارة لنا أتمنى أن يكونوا جميعا الوجه المشرق لفلسطين والقلب النابض للدولة، أتمنى أن تكون سفاراتنا في العالم كسفارتنا في بيروت فهي مفخرة لنا جميعا وهي خلية نحل تعمل على مدار الساعة.
سعادة السفير، اسمح لي الان أن اناديك بلقبك الذي تستحقه، فأنت عملت وسهرت وتعبت وأنجزت وبنيت وحققت الحلم ورفعت رأسنا جميعا، فلك منا جميعا ومن أبناء شعبك جميعا كل المحبة والاحترام والتقدير، وكذلك نبرق لطاقمك المميز أسمى ايات الحب والتقدير والعرفان على الاستقبال الحافل وعلى حسن الضيافة وكرم الأخلاق وروح المبادرة وحب الخير، فبارك الله فيك وفيهم وحماكم جميعا.