السبت: 28/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

حينما يقف الطب عاجزا أمام طموح فتى اسمه منتصر بالله؟؟؟؟!!!

نشر بتاريخ: 30/01/2013 ( آخر تحديث: 30/01/2013 الساعة: 18:21 )
بقلم : محمد حجاج
لم أكن يوما أتصور أن اكتب عن طموح فتى يافع في عمر الزهور بعمر ابني المرحوم منتصر بالله محمد حجاج وأنا الذي كنت قد أعددته وصنعته على عيني بعد الله عز وجل؛ليكون رجلا يعتمد عليه بعد إنهائه الثانوية العامة, وتأهبه للانتساب والالتحاق بكلية التربية الرياضية ,وهي الأمنية التي طالما راودت منتصر,وناسبت تكوينه العقلي والجسماني ووافقت أمنياتي وتطلعاتي منذ بواكير صبوته وحتى أيام يفاعته الأخيرة.

ولكن هي مجرد سطور دنيونية عابرة بعمر اللحظات تشكلت حروفها في قصة هذا الفتى في حياته القصيرة وبدأت في ربيع العام 1994, ومع الإرهاصات الأولى التي برزت آنذاك وتنبأت في مجملها بقرب زوال دولة الكيان العبري الغاصب, والتي شكلت إيذانا ببدء مسيرته القهقرية وضعفه المتسارع,وقد كنت قد قررت لحظتها أن أطلق على الوليد الأول اسم "المنتصر بالله" تيمنا باكتمال نصر الله عز وجل لشعبنا الفلسطيني ولامتنا العربية مع توالي الأيام والسنين واشتداد عوده وبلوغه سن الشباب بالمقاييس الدنيونية التي نضعها نحن البشر وتوافق رغباتنا الآنية.

وكم كنت أن يهبني الله عز وجل ملكة الكتابة في فن القصة الأدبية الشيقة التي تصور معاناة منتصر مع هذه الحياة الفانية منذ تكوينه الجنيني في شهوره الأولى,وحتى صعود روحه الطاهرة إلى بارئها عز وجل في ارض الكنانة,ولفظه أنفاسه الأخيرة في الرابع والعشرين من ديسمبر 2012.

ورغم أنني كنت قد كتبت عددا من قصص شهداء الحركة الرياضية من مختلف شرائح أبناء شعبنا وقرأت العديد من قصص الشهداء الأبطال منذ سنوات الانتفاضة الأولى ؛إلا أنني لم أذق لوعة ومرارة الفقدان إلا مع إغماض منتصر اغماضته الأخيرة على سريره في مستشفى الزهور بمدينة 6 أكتوبر ,وهذا فعلا ومصداقا لقول الله عز وجل "ومن جرب الكي لا ينسى مواجعه".
|203410|
وكم كان الفتى فرحا ومسرورا عند سفره إلى مصر للعلاج والخلاص من مرضه الأول والأخير وقد حار فيه الأطباء ولم يحددوا سببا واضحا له,وتنوعت تفسيراتهم وتكهناتهم لهذه الحالة الغريبة التي ألمت بهذا الفتى في هذه السن المبكرة دون أن يكون لهذه التفسيرات والمسببات أدنى نصيب على ارض الواقع حتى حالت بينه وبين أمنياته في الحياة, وقد كان منتصر حتى عامه الدراسي الأخير وحتى خلال فترة مرضه القصيرة فتى يضج بالحياة والحركة والحيوية ومحبا وضحوكا,ومشهودا له بالأدب والاحترام من كافة أصدقائه وأقرانه ومدرسيه في كافة مراحل حياته الدراسية وعند مشارفته على الانتهاء منها كنت قد تحدثت مع العديد من الزملاء الرياضيين بشأنه وقد وجدت منهم كل ترحاب ولكن قدر الله كانت له الغلبة.

وحتى في أيام مرضه الأخيرة كان منتصر متابعا جيدا للشئون الرياضية في الوطن الفلسطيني العزيز,وهو يمني النفس بالعودة السريعة إلى غزة,ولا أنسى يوم حدثني بأمنياته في اليوم الثامن من مكوثنا بمستشفى السلام الدولي بحي المعادي, وبعد تحسن صحته واسترداده لعافيته قائلا بلكنته الغزية المحببة: "إن شاء الله يابا عندما نعود إلى غزة راح نعمل لقمة سلامة ,وأكمل تعليمي " ولم ينس أن يعقد نية الجهاد كذلك في سبيل الله,ولكن قدر الله ومشيئته كانت تخبئ وتدخر له دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله.

واحمد الله أن منتصر حينما أغمض عينيه في لحظاته الأخيرة كان يرفع اكفه بالدعاء لله عز وجل بالرحمة والاستراحة من معاناته بعد أن عجز الطب والأطباء عن إسالة الجلطة القلبية التي ألمت به,ولا حول ولا قوة إلا بالله وعزائي الوحيد هو الوقفة الأخوية والتعاطف والمحبة من جميع الأهل والأصدقاء كافة منذ لحظة وفاته وانتقاله إلى جوار ربه الحنان المنان.

وختاما أقول الحمد لله رب العالمين الذي لا يحمد على مكروه سواه,ولا راد لقضائه ولمشيئته وسبحان الحي الذي لا يموت,ولكن هي كلمات كتبتها بعد فقداني ابني البكر وفلذة كبدي في نهاية ديسمبر 2012م.
1. [email protected]