السبت: 28/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

غزلان الجنوب ... نظرة منطقية على ظاهرة عصرية

نشر بتاريخ: 13/02/2013 ( آخر تحديث: 13/02/2013 الساعة: 18:28 )
كتب: احمد قيسيه.

الظاهرية او قلعة الجنوب او قلعة الغزلان او حتى جوشن الكنعانية كما يحلو لكثير من محبي التراث و الاثار ان يسميها فهي كلها اسماء لبلدة فلسطينية جنوبية اجتمع اهلها على اختلاف مشاربهم الفكرية و السياسية وحتى العشائرية على حب و عشق ناديهم الرياضي المعروف بغزلان الجنوب هذا النادي العريق الذي تأسس في العام 1974 بجهود مجموعة من شباب البلدة الهواة في ذلك الوقت ليشق طريقه بعد ذلك كأهم مؤسسة في البلد تعاقب على ادارتها الكثير من الغيورين و المخلصين الذين ورثوا لأبنائهم و احفادهم قصص من الانتماء و الاخلاص لهذه البلدة وناديها.

و مر من هذا النادي اسماء كثيرة استطاعت ان تحجز لها مكانا ثابتا في قلوب و عقول عشاق هذا الصرح الرياضي الكبير سواء كانت هذه الاسماء ظهراوية او وافدة من لاعبين و مدربين و داعمين جميعهم احتفظ لهم جمهور هذا النادي بوافر الفضل و التقدير و ليس المراد هنا ذكر اسماء بعينها او التعريج على انجازات رغم وفرتها بل القصد شرح حالة و ظاهرة بلغنا ان كثير من المتابعين و المهتمين يتعجبون لها و يتسائلون عن هذا الشغف و الهيام ربما منقطع النظير و كيف ان هذا النادي استطاع ان يدخل كل بيت ظهراوي حتى قالوا ان الاطفال في الظاهرية ينامون و في احضانهم كرات قدم ويصدعون صباح مساء بهتافات غزلانية يثيرون بها حماسهم و حماس من حولهم.

بالفعل هذه حالة فريدة تستحق الوقوف عندها كثيرا و تأملها و محاولة استنساخها و الاستفادة من ايجابياتها و توظيفها في تعميق و تكريس قيم و مفاهيم تكون بعيدة عن التعصب و المغالاة, قيم ترتكز على الاخلاق الحميدة و الانتماء الايجابي و ليس بالضرورة اقتباس مسميات دخيلة ليس لها في تراثنا عمق كالتي ظهرت في دول اوروبا و خصوصا ايطاليا (الالتراس) و حاول الشباب العربي استنساخها فآلات به الى نتائج مأساوية و كارثية و بدل ان تكون رافد حقيقي للتنمية البشرية و صرف الشباب عن الافات و الامراض الاجتماعية اصبحت و دون مبالغة بيئة خصبة لظهور ممارسات خارجة عن قيمنا المستقاة من مشكاة ديننا الحنيف.

بالعودة الى الظاهرية و ناديها فأن الناظر الى مسيرة هذا النادية يجد ان عوامل النجاح تمثلت في منظومة عمل اخذت شكل مثلث متساوي الاضلاع و لا ادري ان كان هذا مخططا و مدروسا او ان ما سمينها ظاهرة, تكونت تكون طبيعي لا ارادي بحيث يكون الضلع الاول هو الإدارة و ليس القصد هنا الادارة الحالية فقط بل كل الادارات التي تعاقبت على هذه المؤسسة فالحديث هنا عن مسيرة و ليس حقبة او فترة مع العلم ان الادارة الحالية كان لها شرف التجربة الاحترافية بما فيها من تحديات.

هذا الضلع يعمل بانسجام و تفاني مع ضلع اخر ألا و هو الجهاز الفني و اللاعبين و ما قلناه عن الادارة نقصده هنا خصوصا ان من هؤلاء من كان يوما لاعبا و اصبح اداريا. وكي يكتمل هذه المثلث و هذه المنظومة لا بد لها من قاعدة متينة تساندها وهنا يأتي الضلع الثالث الذي اعتبره اهمها ألا و هو الجمهور. هذا الجمهور الذي يتمثل في كل اهالي الظاهرية و كثير من المحبين و المؤازرين من بلدات و قراى و خرب المنطقة و من كل مدن الوطن و لا ننسى النقب العزيز الذي طالما كان عمقا رياضيا للظاهرية.

هذا الجمهور لم يبخل يوما على نادية و استمر في الدعم المادي و المعنوي كلا حسب قدراته و امكانياته و قد تناول الاعلام مؤخرا قصة المشجع الكفيف الذي أعتبر مثالا للانتماء و الوفاء. فلا عجب اذا لو كانت الظاهرية بقعة رياضية و ظاهرة كروية تجلب الانظار.