الأحد: 13/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

رابطة أدباء بيت المقدس بنابلس تنظم ندوة أدبية بعنوان " الشعر الحديث"

نشر بتاريخ: 14/03/2007 ( آخر تحديث: 14/03/2007 الساعة: 15:44 )
نابلس - معا - تحت عنوان " الشعر الحديث "، نظمت رابطة أدباء بيت المقدس، ندوة أدبية حضرها نخبة من الشعراء والأدباء، للحديث عن نشأة ومفاهيم وأسس وأبعاد الشعر الحديث.

أدار هذه الندوة رئيس الرابطة الأستاذ الشاعر رمضان عمر، والذي استهل هذه الندوة محتفيا بموقع الرابطة على الساحة الأدبية الفلسطينية، وما أصبحت تشكله كمدرسة رائدة في بناء وتطوير الحركة الأدبية المحلية، وما تطمح له من الانخراط بالحركة الأدبية العالمية بالكم والنوع المميز من الأدباء المنتمين إليها.

وقد تم افتتاح الدكتور جبر البيتاوي موضوع الجلسة بورقة بعنوان "الشعر الحر بين الموروث وبين الحداثة", والتي استهلها بجملة من التساؤلات التي حاول مناقشتها والتعريج عليها, من حيث الجديد الذي أضافه الشعر الحديث, وفيما اذا كان الشعر الحديث بدعة للأدب أم اضافة له, أم أنه أصبح ضرورة من الضرورات الشعرية.

ثم أضاف الدكتور قائلا : مرت على الشعر الحديث فترة عانى فيها من فجوة مع القراء اتهم فيها بالبعد عن محاكاة الواقع، ثم تطرق الى مسيرة التطور التي تعرض لها الشعر العربي, فالشعر التقليدي بدأ اهزوجة ثم مقطوعة ثم وصل في بنائه الى القصيدة العربية بشكلها المعروف, وبعد ذلك ظهر شعر الموشحات الذي كان شكلا جديدا للقصيدة تنوعت فيه القافية وظهر فيه ببناء هندسي جديد, ثم جاء الشعر الحر نتيجة متوقعة للتطور والتجديد الذي واكب الشعر العربي, ليصبح بذلك ضرورة من ضرورات الشعر العربي والحداثة .

كما أضاف الدكتور أن الاشكالية الخطيرة تكمن فيمن يرفض الشعر الحر ويرى أنه (لا يقوم على الواقع) , وردا على هذا الفريق قال الدكتور : ان الشعر خلق جديد, ابداع جديد, وليس من الضروري أن يقوم على الواقع, والا لكان كالمقالة السياسية والموضوع الخبري .

وختم الدكتور بأن المعركة المفتعلة بين الشعر التقليدي والشعر الحر يجب أن تنتهي , فلا بد أن نتعامل مع الزمن بأبعاده الثلاثة.

واشار الأستاذ الشاعر مأمون مباركة الى "موضوع الغموض في الشعر الحر" , وأنه ليس هناك حواجز بين الشعر العمودي والشعر الحر سوى الشكل , فالشعر الحر كان ثورة على التقاليد والأنظمة العربية البالية, مع العلم بأن القصيدة التقليدية لم يعف عليها الزمن, الا أن الشعر الحر كان أكثر اتصالا بالظواهر الحديثة, فمن أمسك به عليه أن يمسك بظواهر النقد الحديثة, فالغموض كان كالموضة التي روجت للشعر الحر, ففي تجربتنا الفلسطينية شكلت فلسطين نموذجا فرديا للغموض, فالشاعر محمود درويش وصم الشعر الفلسطيني الحر بطابع خاص جعلت من كل من يخوض تجربة الشعر الحر ضرورة التعريج على تجربة درويش, الا اننا في فلسطين قليلا ما ندرك وندرس هذه الظاهرة دراسة موضوعية فالقليل منا يدركها ويعلم بالتحولات المحيطة بها فنازك الملائكي وهي رائدة الشعر الحر لها ديوانان من الشعر العمودي الذان يشفان عن قدرتها الرائعة والقيمة.

أضاف الأستاذ رمضان قائلا : أن الذين نظروا الى الشعر الحر في بدايته حاولوا ان يقولوا أنه كان ظاهرة عروضية فقط, ولكن الشعر الحر لا يتحرر من الوزن بشكل مطلق ذلك أنه قائم على بناء التفعيلة والتي بدورها تعطي الشاعر أريحية وحرية في البناء الموسيقى, كما أن بعض البحور الشعرية وهي البحور الصافية كالكامل هي بحور في الشعر الحر تقوم فيها القصيدة على تفعيلة واحدة، وان لغة الشعر الحر هي لغة واقعية ذلك أن المدرسة الواقعية كانت متزامنة مع مدرسة الشعر الحر، فالشعر الحر متنقل متطور تفتق عن مدارس داخل المدرسة الواحدة له أبعاده ورؤيته الثورية على القيم الحضارية.

وتحدث الأستاذ خليل قطناني عن الرمز والغموض في الشعر الحر وكيفية تحليل نصوصه , في ورقة بعنوان " الشعر الحديث ماله وما عليه" , وقد اتخذ قصيدة "شهداء الانتفاضة" للشاعرة فدوى طوقان , حيث قام بتحليل مفاهيمه من خلال تحليل بعض المفردات البارزة فعلى سبيل المثال استخدمت الشاعرة عبارة (يتصاعدون في الأعالي .. يقتلون) في اشارة منها الى اسطورة العنقاء, ذلك الطائر الخرافي الذي يتعالى في السماء ليصل الى الشمس حيث يحترق وينزل رمادا يبعث من جديد.

ثم تحدث الستاذ قطناني عن التناص وهو عندما يقتبس الأديب بعضا من كلام غيره ليوظفه في أدبه, وفي مثال الشاعرة فدوى طوقان اقتبست الشاعرة عبارة " هذا أوان الشد فاشتدي " حيث كان لذلك الاقتباس نوعا من الجمالية التي القت بظلالها على النص , كما أن ذلك يدل على سعة اطلاع الشاعرة على التاريخ، ثم انتقل للحديث عن الموضوع " شهداء الانتفاضة" وهو موضوع ليس بذاتي , فهو يتحدث عن الشهداء , عن معركة الانتفاضة وهو موضوع انساني , وفي ذلك فرق عن القصيدة التقليدية.

وعن الوزن تحدث الأستاذ قطناني بأن الشاعرة قد نوعت في الأوزان فيما يناسب الموضوع والدفقة العاطفية, ففي بداية القصيدة استخدمت تفعيل البحر الكامل لتتحدث عن تقرير, وعندما تحدثت عن الانتفاضة استخدمت تفعيلة بحر الخبب لتناسب السرعة والحركة .

وفي سؤال عن المقاييس التي يجب أخذها بعين الاعتبار حتى نقول ان النص الذي بين أيدينا هو نص شعر حر , أجاب الأستاذ رمضان أن الشعر الحر يقوم على وحدة التفعيلة في القصيدة دون التقيد بعددها في السطر الشعري, الأمر الذي يعطي الشاعر أريحية ونوعا من الانفلات من القيود الصارمة التي وضعها التقليديون.

ثم في سؤال عن ماهية القصيدة النثرية موقعها من الشعر الحديث, أجاب الدكتور جبر البيتاوي قائلا: ان القصيدة النثرية هي شكل من أشكال التطور الشعري الذي تحرر من التقيد بالشطرات والوزن والقافية ليصبح صورة من صور التعبير التي يجب علينا الاقرار بوجودها بغض النظر عن موقفنا المؤيد أو الرافض.

اختتم الاستاذ رمضان عمر هذه الندوة بقوله : أن سيد قطب كان ينظر مستبشرا في الشعر الحديث في وقت كانت ثورة الشعر الحر تعتبر ارتدادا لدى بعض الاسلاميين , اذن نحن لا نخشى من الشكل الفني وهذا لايعني تفرقنا على هذا النوع الجديد ,فنحن نقف بين الأصالة والحداثة بأرجل زئبقية فوق أرض صابونية, فكما نقرأ لدرويش وأدونيس نعتبر أنفسنا امتدادا لحسان ابن ثابت أيضا, اذن نحن نخالف الاخرين في ما نخالفهم ونقبل منهم. ما يوافقنا.