سجون إسرائيل السرية وشبه السرية
نشر بتاريخ: 14/02/2013 ( آخر تحديث: 15/02/2013 الساعة: 13:28 )
بيت لحم - خاص معا - لم تكن قصة عميل الموساد الذي انتحر داخل سجنه السري قبل يومين والذي عُرف في وسائل الاعلام بالسجين "اكس" الاولى من نوعها ولا احد يعلم يقينا بأن هذا العميل هو آخر السجناء السريين داخل زنازين وسجون اسرائيل.
رسميا يوجد في إسرائيل ما يعرف باسم "مصلحة السجون العامة" وهي الجهة الرسمية الوحيدة المسؤولة عن إدارة السجون لكن واقع الحال يتحدث غير ذلك وسبق للجيش الإسرائيلي أن أقام خلال الانتفاضة الأولى العديد من المعتقلات العسكرية الخاضعة لسيطرة الشرطة العسكرية وزج بآلاف الفلسطينيين إلى هذه المعتقلات تحت عنوان الاعتقال الإداري وغيرها من العناوين، ومع نهاية الانتفاضة تم إغلاق معظمها مثل معتقل "باتونيا" قرب رام الله والظاهرية جنوب الخليل وسجن النقب الصحراوي الشهير الذي كان عند افتتاحه تحت سيطرة الشرطة العسكرية وليس مصلحة السجون.
ولم تكن الشرطة الإسرائيلية استثناء في هذا المجال حيث تدير الشرطة العشرات من مراكز التوقيف غير الخاضعة لرقابة مصلحة السجون أو إداراتها وأثارت شروط الاحتجاز فيها الكثير من الانتقادات داخل إسرائيل نفسها.
واعتبر معتقل 1391 الواقع داخل إحدى القواعد العسكرية شمال إسرائيل أشهر سجونها السرية الذي جرى كشفها والحديث عنها حيث يخضع هذا السجن غير المسجل رسميا على قوائم مصلحة السجون أو أية جهة مدنية أو رسمية أخرى لسيطرة الجيش الإسرائيلي الكاملة ويستخدمه جهاز الشاباك لاعتقال الأشخاص الذين يصنفهم كخطرين جدا أو من يتم اختطافهم من الخارج بهدف المساومة عليهم مثل ما حدث مع الشيخ مصطفى الديراني.
ويمارس الشاباك الإسرائيلي خلف جدران هذا المعتقل الرهيب أقصى أساليب التعذيب والتحقيق وصولا إلى الاغتصاب كما تبين من قضية المحقق "جورج" الذي اشتهر بممارساته غير الأخلاقية ضد الشيخ مصطفى الديراني وغيره من المعتقلين.
وبقي هذا المعتقل طي الكتمان والسرية سنوات طويلة وما عرف عنه لا حقا بأنه قائم داخل قاعدة سكرية تابعة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية قرب كيبوتس "بركاي" شمال إسرائيل، وتتبع هذه القاعدة لما يسمى بوحدة الاستخبارات البشرية 504 أو كما تعرف حاليا "شعبة الاستخبارات البشرية".
وأشهر المعتقلين السريين الذين دخلوا جحيم هذا المعتقل مصطفى الديراني وعبد الكريم عبيد وهما من قادة المقاومة اللبنانية وتم اختطافهما من قبل وحدة كوماندوز إسرائيلية بحجة الحصول على معلومات تتعلق بالطيار الإسرائيلي رون اراد لكن الهدف الأول من الاختطاف كان مساومة حزب الله وإجباره على كشف مصير اراد.
وأقيم المعتقل خلال فترة الانتداب البريطاني ومكون من زنزانتين كبيرتين 2:5/4 متر ويحتجز في كل واحدة منها 3 معتقلين على الأكثر كما ويضم المعتقل عدة زنازين بالحجم العادي 2/2 متر وهناك بعض الزنازين الانفرادية بمساحة 1:25 متر وهي زنازين معتمة جدا وجدرانها مطلية بالأسود أو الأحمر.
ووفقا لشهادات نقلتها وسائل الإعلام لمختلفة عن أشخاص احتجزوا داخل المعتقل 1391 يمنع على السجناء النظر بشكل مطلق إلى وجوه السجانين وهم في الواقع من رجال الشرطة العسكرية ويجبر السجناء على تغطية رؤوسهم بكيس اسود والاستدارة نحو الجدار رافعين أيديهم للأعلى في كل مرة يدخل احد السجانين إلى زنزانتهم فيما يتمتع السجناء الذين انتهى التحقيق معهم ينزهة يومية مدة ساعة واحدة فقط يقضونها في ساحة داخلية.
وأخيرا فضح أمر المعتقل السري عام 2003 على يد نشطاء منظمة حقوق الفرد بعد أن توجهت المنظمة المذكورة للمحكمة العليا بالتماس يمثل عائلات ثلاثة معتقلين فلسطينيين تطالب بالحصول على معلومات تتعلق بمصير أبنائهم الذين انقطعت أخبارهم لفترة طويلة وفشلت المنظمة الحقوقية في تعقب مكان اعتقالهم خاصة بعد ان تلقت ردا من مركز السيطرة التابع للشرطة العسكرية يقول فيها بأن مكان اعتقال الأسرى الثلاثة غير معروف ليتضح وبعد التوجه للمحكمة ومن رد الحكومة المقدم للمحكمة أن مكان احتجاز الثلاثة موجود داخل قاعدة عسكرية وضعت تحت تصرف جهاز الشاباك لينكشف بذلك سر المعتقل 1391 سيئ السيط.
وأكد المؤرخ الإسرائيلي "غاد كرويزر" في مقال نشره عام 2004 وجود المعتقل السري وحدد لأول مرة مكانه بالضبط مستندا على خرائط بريطانية عكف على دراستها وتبين أن إحدى القلاع البريطانية لا ترد مطلقا على أية خارطة إسرائيلية رسمية ليتضح فيما بعد أن الأمر يعلق بالمعتقل 1391.
وإضافة لهذا المعتقل السري الذي ساعدت الصدفة على اكتشافه لا يخلوا سجن من السجون التابعة لمصلحة السجون العامة من قسم عزل أو انفرادي يمكن اعتقال عشرات الأشخاص داخله دون أن يلاحظ أحد وجودهم ما لم تقرر إسرائيل نفسها الكشف عن وجودهم كما حدث مع شابين لبنانيين أنكرت إسرائيل وجودهما لسنوات طويلة حتى أجبرت في صفقة التبادل الأخيرة مع حزب الله على تسليم الحزب معلومات تتعلق بهما أكدت تلك المعلومات بان الشابين في عداد الشهداء دون أن يعرف تاريخ وفاتهما.
ويشير تاريخ اسرائيل الطويل في مجال الاختطاف والاعتقال السري الى امكانية وجود معتقلات سرية اخرى لم يجر الكشف عنها ومن اهم عمليات الاختطاف والاحتجاز ما وقع للنازي "ايخمن" الذي اختطفة الموساد الاسرائيلي عام 1960 من الارجنتيين احضره سرا الى معتقل الرملة وبقي امر اعتقاله طي الكتمان حتى مثل امام محكمة علنية دعائية قضت باعدامه شنقا حتى الموت.
وحدث الامر نفسه مع الخبير النووي الاسرائيلي مردخاي فعنونو الذي اختطفه الموساد عام 1986 من لندن واحضره سرا قيل داخل حقيبة دبلوماسية واودعه سجنا غير معروف الى ان خضع للمحكمة عام 1988 وعوقب بالسجن الفعلي مدة 18 عاما قضى 11 عاما منهها داخل زنزانة انفرادية شبه سرية لا يتصل باحد ولا يكلم انسانا ولا يعرف ما يدور حوله.
ورددت وسائل الاعلام الاسرائيلية الكثير من الاقاويل حول هدف عملية اغتيال محمود المبحوح التي وقعت في دبي يوم 19 يناير 2010 وقيل بأن عملاء الموساد كانوا يخططون لاختطافه واحضاره الى السجون الاسرائيلية سرا لكن امرا ما تشوش فسارعوا الى قتله بعد احتجازه داخل غرفته الفندقية فترة طويلة واخضعوه لتحقيق غاية بالقسوة.
واخيرا تناول الاسرى الفلسطينيين على مدى سنوات الاعتقال الطويلة العديد من قصص السجناء السريين خاصة من بين ما كانوا يعرفون بأسرى الدوريات وهم افراد المجموعات المسلحة التي دخلت فلسطين عبر حدودها المختلفة لتنفيذ عمليات عسكرية ضد الاحتلال.