مدرسة قرطبة في قلب مدينة الخليل تعليم رغم حراب الجلادين
نشر بتاريخ: 15/02/2013 ( آخر تحديث: 15/02/2013 الساعة: 23:15 )
الخليل - تقرير معا - اعتاد طلاب وطالبات مدرسة قرطبة الواقعة في قلب مدينة الخليل على مشاهدة جنود الاحتلال واسلاك شائكة وممر حديدي كل يوم، وانتهاكات مستمرة بحقهم، الا ان هدفهم صوب العلم والحياة صامد.
على بعد خطوات قليلة من مدرسة قرطبة، يفصل الحاجز رقم 56 بين منطقة H1 و H2، ويمر المعلمون والطلاب من خلال طريق ضيق بعرض متر واحد فقط، يفضي هذا الممر إلى غرفة مغلقة يقف على مدخلها الآخر أربعة جنود يقومون بعمليات التفتيش وعرقة المرور والحركة وهو ما يتنافى مع اتفاق سابق أبرم مع الارتباط الإسرائيلي يسمح بعبور طلبة قرطبة ومعلماتهم من جانب الغرفة وليس من خلالها.
هل طلبة مدرسة قرطبة قادرون على التعامل مع الانتهاكات اليومية أو مضايقات من قبل المستوطنين الإسرائيليين او حماية انفسهم؟ هل يعرفون بالضبط الطرق الامنة من غير الامنة؟ هل ينتابهم شعور بالخوف أم انهم اعتادوا على مثل هذه الانتهاكات اليومية التي لا تنتهي ابدا؟ هذه الأسئلة وغيرها التي سنحاول الاجابة عليها من خلال متابعة وزيارة قامت بها الزميلة الصحفية سلام محرّم للمدرسة.
يتعرض الطلاب والمعلمون الى انتهاكات يومية خطيرة من قبل المستوطنين وقوات الاحتلال حيث يتعرض بعض الطلاب الى الرشق بالحجارة والمياه والخضراوات الفاسدة باستمرار.
تروي الطالبة ياسمين غريب "الصف الخامس" لـمراسلة معا الانتهاكات الاسرائيلية وتقول : "اعيش في منطقة تل رميدة في البلدة القديمة بالخليل، معدلي المدرسي 89% واحتاج 5 دقائق للوصول الى مدرستي. صديقتي تسكن بالقرب من الحرم الابراهيمي وهي تحتاج الى 15 دقيقة سيرا على الاقدام للوصول الى المدرسة. كنت اشعر بالخوف خلال سيري بالشارع وحدي، وكنت دائما اذهب الى المدرسة برفقة اخوتي وزملائي. يقول لي المستوطنون الفاظ بذيئة جدا، وفي بعض الاحيان يقومون برشقي بالمياه والخضراوات الفاسدة".
|204515|
تقول مديرة المدرسة نور نصار لـ معا "الحياة اليومية في مدرسة قرطبة هي معاناة بكل ما تحمله الكلمة من معنى"... "عبور حاجز رقم 56 يوميا من شارع الشهداء حيث يعيش الفلسطينيون والمستوطنون مثل المشي في حقول الالغام".
وتضيف نصار " تبدأ معاناة طلاب وطالبات مدرسة قرطبة بالمرور عن حاجز 65 يوميا والذي يترك تأثيرا سلبيا على نفسية الطلاب. يوجد في المدرسة حوالي 140 طالب وطالبة (من الصف الاول حتى السادس مختلط) ومن الصف السابع حتى العاشر فتيات فقط. ليس هناك تأثير على المستوى التحصيلي الاكاديمي للطلاب، هناك طلاب وطالبات متفوقون جدا. كما وتركز المدرسة دائما على الانشطة اللامنهجية وعلى ايام الفرح والمرح من اجل التخفيف عن الطلاب. وظفت وزارة التربية والتعليم مرشدة اجتماعية حاصلة على درجة الماجستير في علم النفس من اجل التعامل مع الحالات في مدرسة قرطبة ومع المشاكل النفسية التي تتفاقم مع زيادة حدة انتهاكات المستوطنين. هناك بعض الطلاب الذين واجهوا مشكلات نفسية كبيرة مثل حالات الهلع والخوف والتبول اللا ارادي فمثلا هناك طفلة 11 عاما تعاني من التبول اللاارداي حيث تم تحويلها الى المرشدة الاجتماعية. تعمل المرشدة الاجتماعية مع الاهالي ايضا من اجل العمل على تخفيف حدة المشاكل النفسية التي يعاني منها الطلاب. يتم ادماج الطلاب في جميع الانشطة اللامنهجية وايام الفرح والمرح وحلقات التوعية".
تقع مدرسة قرطبة بالقرب من مستوطنة "بيت هداسا" وسط الخليل- حيث تم اغلاق الدرج الرئيسي المؤدي إلى المدرسة بالأسلاك الشائكة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية منذ عام 2002. يضطر بعض الطلاب للمشي لمسافات طويلة قد تصل من 1-2 كيلومتر من اجل الوصول الى المدرسة يوميا وهناك مجموعة طلاب يسكنون قرب الحرم الابراهيمي يضطرون الى مشي مسافة 2 كيلومتر من اجل الوصول الى المدرسة.
تقول المعلمة نجاح ابو منشار لـ معا "لقد عملت كمعلمة في مدرسة قرطبة منذ 15 عاما وقد شاهدت جميع الانتهاكات التي يتعرض اليها طلاب وطالبات مدرسة قرطبة، التي تزداد حدتها مع الاوضاع السياسية والمواجهات. خفت وتيرة الانتهاكات بنسبة 75%، وذلك يعود لوجود عدد من المتضامنين الاجانب الذين يعملون على حماية الطلاب في طريقهم للمدرسة وخلال عودتهم الى ديارهم. اعتاد المستوطنون المتطرفون على اطلاق كلابهم المفترسة باتجاه الطلاب".
وردا على سؤال ماذا يفعل طاقم المدرسة في حال تعرض احد الطلاب او الطالبات لانتهاك من قبل المستوطنين، قالت منشار ان اول ما نقوم به هو تهدئة الطالب/ة وتقديم الاسعاف الاولي اذا لزم الامر. كما ونعمل على تحويله الى المرشدة الاجتماعية على الفور".
تعمل مدرسة قرطبة على تطوير خطة اكاديمية من اجل تحسين مستوى التعليم وتطوير مستوى الاكاديمي وضمان حماية الطلاب، كما ويعمل المعلمون على تطوير خطة من اجل رفع المستوى الاكاديمي للطلاب.
يوجد بالقرب من مدرسة قرطبة متطوعون اجانب من عدة منظمات اجنبية عالمية مثل save the children, CPT, TIPH, EAB من اجل توفير الحماية اللازمة للطلاب اوقات الدوام واوقات المغادرة. يتم تبديل هؤلاء المتطوعين كل ثلاثة اشهر.
تقول الطالبة سمر 14 عاما لـ معا " احد المستوطنين اعتدى علي بالضرب حين رفضت الخروج من المنزل. اندلعت في ذلك الوقت مواجهات بين الشبان والجيش الاسرائيلي واختبأت في المنزل فضربني. طلب مني المستوطن الخروج من المنزل ولكني رفضت ومنعوا دخول سيارة الاسعاف الى المنطقة ايضا، حيث يتم اغلاق بوابة شارع الشهداء بعد الساعة الثامنة مساء حيث لا يسمح لاي فلسطيني بالدخول الى المنطقة ولا يسمح بدخول سيارة الاسعاف او الاطفائية في حالة الطوارئ، معدلي الاكاديمي 70% وكل ما امر به في حياتي اليومية وطريقي الى المدرسة له تأثير سلبي علي وعلى تحصيلي الاكاديمي".
اما الطالبة وعد 9 اعوام والتي تم الاعتداء عليها من قبل المستوطنين .. تروي قصتها لـ معا كالتالي" انا اسمي وعد الشرباتي، اقطن في تل شارع الشهداء وقريب على الجيش والمستوطنين... وتذكر الشرباتي انها في احدى الاوقات كانت تجلس في منزل عائلتها، وقام ابن عمها بالطلب منها الذهاب معه لقطف ثمار اللوز، وعند صعود ابن عمها على سطح المنزل لقطف اللوز، بقيت هي حينها تقف تحت الشجرة، وقام المستوطنون بالقاء الحجارة عليهم، وخطفوا ابن عمها وحاولوا الاعتداء عليها لولا هروبها عند الجيران".