السبت: 28/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

الكامب نو، أكثر من مجرد ملعب

نشر بتاريخ: 16/02/2013 ( آخر تحديث: 16/02/2013 الساعة: 21:12 )
زيورخ - معا - موقع الفيفا - مر التاريخ، اعتُبر تطور وتحسن الملاعب انعكاساً حقيقياً لنجاح الأندية الرياضية التي تتخذ منها قاعدة لاستقبال الفرق الزائرة. ولا شك أن بناء ملعب نادي برشلونة يُعد من الأمثلة الواضحة على ذلك. ذلك أن معقله القديم، كامب دي لاس كورتس، الذي بني في عام 1922 وخضع لأعمال ترميم عديدة، لم يعد يتسع لاستيعاب جميع المشجعين الراغبين في متابعة مباريات الفريق الكاتالوني، فتعالت الأصوات المطالبة بتشييد منشأة جديدة تتماشى مع طموحات البلاوجرانا وسمعته الإجتماعية المتزايدة.

كان للفوز بلقبين متتاليين في الدوري (1948 و 1949) وضم النجم لاديسلاو كوبالا أثر كبير في زيادة عدد الأعضاء والمتفرجين المتعطشين للذهاب إلى الملعب للإستمتاع بعروض الهداف المجري وغيره من نجوم الفريق، مما عجل ببدء أعمال بناء الملعب الجديد ليتناسب مع احتياجات النادي. ومع ذلك، ظل المشروع يسير ببطء حتى مجيء فرانسيسك ميرو سانس إلى سدة رئاسة النادي في عام 1953، ليبدأ في اتخاذ الخطوات الفعلية والنهائية لإتمام الورش.

وفي 28 مارس 1954، حضر 60 ألف شخص مراسم حفل وضع حجر الأساس لما أُطلق عليه اسم كامب نو، وهو ما يعني بكل بساطة الملعب الجديد باللغة الكاتالونية. تم تصميم الإستاد من قبل المهندس فرانسيس ميتجانس وجوسيب سوتيارس ماوري بالتعاون مع لورينزو جارسيا باربون، وتم بنائه في غضون ثلاثة أعوام، حيث كلف المشروع خزينة برشلونة أموالاً طائلة، مما أغرق النادى في مديونية كبيرة خلال فترة لم تكن بالقصيرة.
|204927|
وفي 24 سبتمبر 1957، وهو يوم نوسترا سينيورا دي لا ميرسي، قديسة برشلونة، اكتست المدينة حلة زاهية باللونين الأزرق والأحمر للإفتتاح الرسمي للملعب المهيب، ولو أنه لم يكن بعد قد اكتمل تماماً. وبعد مراسم الإستعراضات الرسمية والفقرات الإحتفالية والخطب، جاء الدور لكي تبدأ كرة القدم في الدوران لأول مرة على أرضية كامب نو، حيث فاز برشلونة 4-2 على وارسو، إذ سجل أولوخيو مارتينيز الهدف الأول في تاريخ هذا الملعب.

كوبالا، لويس سواريز، يوهان كرويف، دييجو مارادونا، بيرند شوستر، روماريو، مايكل لاودروب ، رونالد كومان، خريستو ستويتشكوف، رونالدو، رونالدينيو، صامويل إيتو...إنها فقط قائمة صغيرة لأسماء النجوم الذين سحر جمهور الكامب نو في السنوات الأخيرة.

وكان هذا الملعب أيضاً بمثابة معقل فريقين دخلا تاريخ برشلونة من بابه الواسع. أولهما كان فريق الأحلام، في التسعينات، تحت إمرة الهولندي كرويف من دكة الجهاز الفني وبقيادة جوسيب جوارديولا فوق أرضية الميدان. حينها فاز هذا البلاوجرانا بكأس أوروبا لأول مرة في تاريخه بفضل أسلوبه المذهل وطريقة لعبه الباهرة.
|204928|
وبعد عقد من الزمان، استلم كابتن ولاعب خط وسط فريق الأحلام الأسطوري مشعل الإلهام من أستاذه ومدربه السابق ليرفع سقف التميز والتفوق واللعب الجميل إلى أعلى حد ممكن، حيث نجح في قيادة جيل جديد من المواهب إلى قمة التوهج والتألق، ولعل من أبرزهم تشافي هيرنانديز، كارلس بويول، أندريس إنييستا و ليونيل ميسي.

وإذا كان كوبالا يمثل الموهبة التي دفعت برشلونة إلى بناء الكامب نو، فإن "البرغوث" الأرجنتيني وجد في هذا الملعب الضخم قاعدة مثالية لإبهار العالم بأسره.

أكثر من مجرد عروض جميلة
كان من المتوقع أن يتخذ الملعب اسم "ملعب نادي برشلونة"، لكنه سرعان ما بات يشتهر باسم "كامب نو" بين الجماهير ووسائل الإعلام على حد سواء، لتمييزه عن الملعب القديم. وابتداءاً من موسم 2000/2001، بعد تصويت بريدي شارك فيه أعضاء النادي، تم اعتماد "كامب نو" اسماً رسمياً لهذا المعلم الجديد.
|204929|
خضع معقل برشلونة لأعمال تحديث عدة. كان أولها بمناسبة استضافة أسبانيا لنهائيات كأس العالم 1982 FIFA، حيث تقررت زيادة قدرته الإستيعابية إلى 120 ألف متفرج. استضاف ملعب البلاوجرانا حفل افتتاح تلك البطولة التي انطلقت بمباراة مثيرة بين الأرجنتين وبلجيكا، كما احتضن مباريات أخرى من بينها موقعة في الدور قبل النهائي إضافة إلى مواجهات المجموعة الأولى ضمن المرحلة الثانية.

وبعد مرور عشر سنوات، وقف الكامب نو شاهداً على تتويج منتخب أسبانيا لكرة القدم بالميدالية الذهبية الوحيدة في رصيده ضمن دورة الألعاب الأوليمبية عام 1992. كانت مباراة نهائية مثيرة حيث فازت أسبانيا على بولندا 3-2 بهدف في الدقيقة 90 حمل توقيع كيكو مما خلف حالة من الهذيان في أوساط المشجعين.

بعد ذلك بعامين، خضعت المدرجات لبعض الإصلاحات لتتناسب مع قواعد الإتحاد الأوروبي التي أصبحت منذ منتصف التسعينات تحظر إقامة مباريات في ملاعب دون مقاعد، مما قلص القدرة الإستيعابية في الكامب نو إلى 99.354 متفرج وهي سعته الحالية. ومع ذلك، فإنه لا يزال أكبر ملعب في أوروبا، علماً أن الإتحاد الأوروبي منحه في موسم 1998/99 علامة "ملعب من فئة خمس نجوم".

إذا كانت العروض الكروية التي تشهدها أرضية الكامب نو مثيرة للدهشة والإعجاب، فإن المدرجات لا تقل إثارة ومتعة عن البساط الأخضر في المناسبات الكبرى. ذلك أن المشاهد على شاشة التلفاز يقف مشدوهاً أمام روعة اللوحات الفسيفسائية الباهرة التي غالباً ما تنتصب في مختلف جنبات ملعب برشلونة.
|204930|
والمثير للإهتمام هو أن هذا المعلم الرياضي الكبير لا يقتصر فقط على احتضان بعض من ألمع نجوم كرة القدم في العالم، ولكنه يستضيف أيضاً بعض العروض الأخرى، مثل السهرات الموسيقية التي يحييها مشاهير المغنيين ومجموعات الطرب التي داع صيتها دولياً، مثل بروس سبرينجستين، مايكل جاكسون، جوسيب كاريراس، خوليو إيجليسياس أو يو تو، ناهيك عن استضافته مراسم زيارة البابا يوحنا بولس الثاني إلى إسبانيا في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1982.

إذا كان برشلونة يعتبر نفسه أكثر من مجرد نادٍ، فإنه يمكن القول إن الكامب نو أكثر من مجرد ملعب لكرة القدم