السبت: 28/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

الرياضة في عيون الطفل الفلسطيني اللاجيء " احمد"

نشر بتاريخ: 18/02/2013 ( آخر تحديث: 18/02/2013 الساعة: 22:50 )
بقلم : احمد أبو الرب
عضو الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم

عندما نزلنا في مطار بيروت، تلك العاصمة المحفورة في الذاكرة الفلسطينية نضالا وتاريخا ومقاومة، انتابتني جملة من المشاعر المتزاحمة،كان من الصعب تفكيكها اثر زخم المسؤولية التي تقع على عاتقنا نحن أعضاء الاتحاد المركزي لكرة القدم في أول تسجيد لمسؤولياتنا الكبرى التي تحملناها تكليفا بعقد اجتماعنا في عاصمة الشتات الفلسطيني بيروت ، على بعد أمتار من مخيمات بيروت التضحيات من صبرا وشاتيلا وتل الزعتر وبرج البراجنه وجنوبا عين الحلوة والمية ومية والرشيدية وشمالا البداوي والبارد..كانت رسالتنا رياضية وطنية..

وبالرغم من اللقاءات الرسمية مع رئيس الاتحاد اللبناني لكرة القدم وسعادة السفير الفلسطيني هناك السيد اشرف دبور ،إلا أن طاولتنا التي لازمتنا هي تلك الصور والأحاديث واللقاءات الميدانية والانطباعات التي كانت تتولد فيها كمرجل ضخم من المشاعر الجياشة تجاه أبناء شعبنا من اللاجئين في الشتات الفلسطيني وعلى الساحة اللبنانية ذات الشموخ التاريخي والجراحات الباقية.

بتاريخ السابع والتاسع من هذا الشهر زرنا مخيمي صبرا وشاتيلا.. زرنا التاريخ الذي ترك الصورة القاسية في عيون أطفال المخيمات، تنقلنا في المخيم.. في الأزقة الضيقة والمساحات المعدومة.. والأسلاك الكهربائية المنخفضة الشبه عارية بفعل القدم والإهمال و التي تجبرك على خفض الهامة إجلالا لهذا الصمود الذي يخاطب الموت كل لحظة..كانوا يرحبون بنا بشوق الملتاعين من الغربة والتشرد.. قال احدهم.. زياراتكم تؤنسنا.. وتذكرنا دائما بحقيقة وجود الأرض التي نفتقد والشعب الذي هو نحن ..في احد الطرقات مساحة لا تتعدى أمتارا صغيرة .. انبرى ناشئين من أطفال مخيم شاتيلا يلعبان الكرة، ويتقذفانها بمهارة عالية، قلت لأحدهم :
هل تحب الرياضة ؟
فقال: نعم... هي حبي الثاني بعد فلسطين..
فقلت له: ماذا تتمنى .؟
قال أن أعود إلى وطني وأكون عضوا في منتخبه الوطني
قلت له : ماذا تعني لك الرياضة ؟
قال: الرياضة شغف وشيء عظيم يربطني بالوطن الأم.. هي حلم يلازم حلم العودة...
حدقت أكثر في حركاته ومهاراته.. لمعان عينه وما فيهما من صبر وأمل.. وقلت في نفسي.." الم يئن للصبر أن يتوجع"..

هذا هو احمد ابن مخيم شاتيلا. .. اختصر لدي الصورة التي رايتها أيضا في ممثلي عشرات الأندية والمراكز الشبابية الفلسطينية الذين استقبلونا بحفاوة الشموخ والكبرياء والذين كانت تنضح من وجوههم الباسمة بالرغم من الضنك وبؤس البعد عن الوطن الحياة القاسية والمعاناة البالغة، كانت وجوههم كلها تقول مثل ما قال احمد... بل على وعي اكبر وعلى مسؤولية أعظم.. شعرنا إن الرياضة جسر حقيقي للعودة.. ونافذة أمل تشرق على الوطن من خلال الأندية والمراكز والطاقات الشبابية والإدارات المسؤولة التي ترعى وتوجه رغم سوء الحال..

وعندما أقفلنا عائدين إلى الوطن... كانت عيونهم تقول ليتنا كنا معكم.. ولم تختمر في ذاكرتي كل صور المشاعر الاستثنائية التي لملمتها من الطرقات والأزقة والقلوب والعيون و الكلمات التي قيلت والتي وصلت قبل إن تقال ... عندما وصلت إلى هنا.. وجلست مع نفسي اكرر شريط الذكريات التي مضت لأيام... شعرت كم كانت هذه الخطوة سامية، وكم كانت هذه الفكرة وهذا التوجه عظيم.. نعم .... الرياضة الفلسطينية مشروع وطني.. وأطرافه على بعد الوطن والشتات مهمة وطنية تؤكد وترسخ الحقوق وتسير بالمشروع الوطني نحو التحقيق والانتصار...

وهذا ليس إنشاء أو شعارات، بل هي عين الحقيقة التي تحس وتعاش أكثر مما يتكلم عنها، لقد بدأت ألان أحس واقعا أهمية المسؤولية الملقاة على عاتقتنا كإتحاد يسير ببوصلة سيادة اللواء جبريل الرجوب القادم من عمق الانتماء للوطن أرضا وشعبا والذاهب إلى حتمية تحقيق الثوابت وعلى رأسها حق العودة الذي للبعد الرياضي الفلسطيني دورا هاما فيه.

هذا انطباعي في أول زيارة للشتات على ارض عاصمته لبنان... وهذا شكل محفزا لاستشعار القادم من الجلسة القادمة على ارض غزة الوحدة الانتصار...