الخميس: 03/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

الدائرة القاتلة للانتفاضات الفلسطينية: كل 13 عاما انتفاضة أشد قسوة

نشر بتاريخ: 25/02/2013 ( آخر تحديث: 27/02/2013 الساعة: 09:24 )
بيت لحم - خاص معا - عاد الإعلام الإسرائيلي بأنواعه المكتوب والمرئي والمسموع إلى الترويج بتوسع لفكرة إمكانية اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، معززا بتقديرات صادرة عن أعلى مستويات القيادة العسكرية في قوات الاحتلال وصولا إلى رأس المستوى السياسي الإسرائيلي، متمثلا بنتنياهو الذي دعا الرئيس الفلسطيني إلى ما اسماه بتهدئة الأوضاع في الضفة خشية اندلاع انتفاضة ثالثة.

ومن هذا المنطلق نشر موقع "يديعوت احرونوت" العبري الالكتروني، امس تحقيقا "تاريخيا" حمل عنوان "دائرة الدم الإسرائيلية الفلسطينية كل 13 عاما انتفاضة"، تناول فيها بداية وأسباب الانتفاضة الأولى والثانية محذرا من امكانية تكرار السيناريو ذاته مع حلول العام الثالث عشر للانتفاضة الثانية.

وجاء في التحقيق " أشار التاريخ إلى حادثين محددين احدهما حادث طرق وزيارة شارون للمسجد الأقصى كسبب مباشر لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية وفيما ينشغل البعض بإمكانية ولادة الانتفاضة فان الوضع الساخن على الأرض زودنا بإحداث متفجرة مماثلة لتلك التي سببت الانتفاضتين لذلك نورد في تقريرنا ثلاث محطات زمنية مع أمل واحد بان نستخلص الدروس والعبر".

وأضاف التحقيق " 1987-2000-2013" حادث سير وقع بين شاحنة وسيارتي نصف نقل يعتبر نسبيا حادثا روتينيا لكن هذا الحادث يشار اليه اليوم كإشارة البدء للانتفاضة الفلسطينية الأولى وبعد 13 عاما من هذا الحادث جاءت جولة سياسية في المسجد الأقصى لتخلق احتجاجات فلسطينية أخرى وتصنف هذه الزيارة حتى اليوم كعود الثقاب الذي أشعل الانتفاضة الثانية".

"وعودة للوراء واستنادا إلى تحليلات وتقديرات كثيرة لم يكن الحادثان المذكوران سوى مجرد فرصة لتفجير الانتفاضة واندلاع الاحتجاجات وبناء عليه وبعد 13 عاما على اندلاع انتفاضة الأقصى يمكن لإضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام وانتشار المواجهات في الضفة وإصابة متظاهر واستخراج رصاصة حية من جسده رغم نفي الجيش ووفاة سجين فلسطيني في معتقل مجدو ان تجد عددا لا يحصى من الأوضاع المماثلة لتلك التي فجرت الانتفاضات السابقة خاصة وان الانتفاضة الثالثة لا تحتاج الى مادة قابلة للاشتعال حتى تندلع" حسب تعبير التقرير الإسرائيلي.

في الثامن من ديسمبر 1987 اصطدمت شاحنة يقودها إسرائيلي بسيارتين فلسطينيتين تقلان عمالا فلسطينيين في المنطقة الصناعية "ايرز" فقتل أربعة عمال وأصيب سبعة آخرون وبعد ساعات من الحادثة انتشرت شائعات بان الحادثة كانت عملية دهس مقصودة وغداة الحادث خرج الاف الفلسطينيين من سكان مخيم جباليا في قطاع غزة لتمتد التظاهرات إلى كامل مدن قطاع غزة ومنه إلى مساحة الضفة الغربية من أقصاها إلى أقصاها وهنا بدأت رسميا الانتفاضة الأولى.

في يومها الأول سجلت الانتفاضة الأولى مقتل شابين فلسطينيين في مخيم جباليا وإصابة 16 جنديا إسرائيليا تعرضوا للهجوم بالحجارة والزجاجات الفارغة والحارقة من قبل جمع المتظاهرين الغاضبين فيما دخلت جامعة غزة ساحة المواجهة لتشتبك مع الجنود بالحجارة ويضرم طلبتها النار باطارات السيارات المستعملة مرددين شعار "اذبح اليهود".

وأعرب قائد المنطقة الجنوبية في حينه اسحاق مردخاي عن أمله بعودة الهدوء مصرحا "كلي أمل ان يعود الهدوء وان لا تكون هناك حاجة لفتح النار مرة أخرى باتجاه مثيري الشغب ومن يعتدون على جنود الجيش" لكن وصبيحة اليوم التالي لتصريح مردخاي انتقلت الإحداث إلى الضفة الغربية حتى قتل فلسطينيين بنيران الجنود وسط مدينة نابلس وأصيب ضابطا إسرائيليا بجراح جراء تعرضه لضربة بأداة معدنية لتواصل الإحداث انتشارها وتصل إلى القدس عبر مخيم قلنديا شمال المدينة حيث قتل شاب فلسطيني وجرح 23 بعد ان قامت مجموعة من الملثمين بإلقاء الحجارة باتجاه السيارات الإسرائيلية على طريق القدس- رام الله.

وفي نهاية الأسبوع الأول للانتفاضة الأولى قتل ستة فلسطينيين آخرين في انحاء مفترقة من الضفة الغربية فيما انشغل قائد المنطقة الوسطى "عمرام متسناع" بإجراء الاتصالات مع رئيس بلدية نايلس وقادة المجتمع الفلسطيني بهدف تهدئة الأوضاع المتفجرة فيما وصل رئيس الأركان الإسرائيلي في ذلك الوقت "دان شمرون" الى قطاع غزة للوقوف على تطور الإحداث هناك وذلك على وقع دعوة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة للإعلان الإضراب فيما وصفت وسائل الإعلام العربية الإحداث الجارية بالأخطر منذ عام 1967 أصر الجيش على تقديراته بان الإحداث سرعان ما تخبو وتعود الأمور إلى طبيعتها حيث جاء في نص التقدير العسكري الإسرائيلي " استنادا للمعلومات الاستخبارية فان الحديث لا يدور عن عصيان مدني ولا توجد إشارات تدل على وجود جهة مسؤولة عن توجيه الاحداث وافتعالها لذلك فان قوات الامن مسيطرة على الوضع الذي لا يعدو كونه موجة جديدة من عملية خرق النظام العام ستمر وتنتهي" حسب ما جاء في تقرير "يديعوت احرونوت".

وانضم رئيس وزراء إسرائيل حينها اسحاق شامير الى جوقة المؤكدين بان الأحداث ستخبو وتنتهي قريبا حين صرح " الأوضاع ستعود للهدوء غالبية السكان معنيين بالحفاظ على النظام العام لكنهم يتعرضون لضغوط قلة إرهابية والجيش يواصل بنجاح تصديه للإرهابيين وهو مسيطر على الوضع وذلك خلافا لمحاولات التضخيم".

وبعد فترة بسيطة اتضح أن جميع التقديرات الإسرائيلية كانت خاطئة ولم تبدأ الانتفاضة التي قتل فيها عشرات الإسرائيليين ومئات الفلسطينيين بالانحسار والتراجع إلا عام 1991 وذلك بعد أن دمجت إسرائيل عدة أساليب في التعامل معها من عمليات قوات الأمن والتضييق الاقتصادي على الفلسطينيين وصولا إلى توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993 التي وضعت حدا نهائيا للانتفاضة والاحتجاجات.

وبعد وقت قصير من فشل محادثات كامب ديفيد بين عرفات وباراك وتحديدا في 29/ ايلول /2000 قرر رئيس المعارضة في ذلك الوقت اريل شارون زيارة المسجد الأقصى ففجرت زيارته موجة قوية من الاحتجاجات ودشنت ما بات يعرف بـ"انتفاضة الاقصى" وبعد اسبوعين من زيارة شارون قتل جمهور فلسطيني غاضب جنديين إسرائيليين دخلا رام الله عن طريق الخطأ وألقى بجثتيهما من نافذة مركز الشرطة الفلسطينية لتتحول الحادثة علامة من العلامات الفارقة في مسيرة الانتفاضة الثانية.

وبادر الفلسطينيون خلال الاحداث الى تنفيذ الالاف من اعمال العنف ونفذوا حتى نهاية ايلول 2004، 138 عملية تفجيرية شوشت بشكل كبير منظومة الحياة الاسرائيلية وجلبت عددا كبيرا من القتلى والجرحى وكان الرد الاسرائيلي عبر عمليات اغتيال وتصفية حتى وصل الامر الى احتلال غالبية مناطق الضفة الغربية في سياق عملية "السور الواقي" واقامة جدار الفصل الذي بررته اسرائيل كخطوة وقائية في سياق حربها ضد "الارهاب".

وقال رئيس الاركان الاسرائيلي موشيه يعلون عام 2003 وصفا الاحداث "اعتقد بان الفلسطينيين سينظرون لهذه المرحلة كعمل بطولي كما يحتفل المصريون بحرب اكتوبر حيث يقولون في تاريخهم بانهم انتصروا علينا ونحن نقول الشيء ذاته لذلك نحتاج في ظل صمود المجتمع الاسرائيلي وبطولة الجيش في مواجهة الارهاب ان نقول باننا انتصرنا ونواصل التقدم".

واختتم الموقع العبري تقريره بمعطيات حصل عليها من الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي تفيد بان 1064 اسرائيليا قتلوا جراء العمليات الفلسطينية حتى 27/9/2005 بينهم 319 جنديا وضابط أمن واصيب 7462 اسرائيليا بينهم 2430 عنصر أمن.

ونقل الموقع عن منظمة بتسيلم الاسرائيلية تأكيدها مقتل 3315 فلسطينيا بنيران قوات الاحتلال فيما سجل الهلال الاحمر الفلسطيني اصابة 30 الف فلسطيني بجراح في الفترة الزمنية سابقة الذكر.