الأحد: 08/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

كتب رئيس التحرير: اسرائيل غير مرتبكة... بل تسعى لتدجين الوزراء الجدد وفق اجندتها واظهار " العين الحمراء" لاسماعيل هنية

نشر بتاريخ: 18/03/2007 ( آخر تحديث: 18/03/2007 الساعة: 16:21 )
بيت لحم -معا- كتب رئيس التحرير ناصر اللحام- لم يكن اعلان حكومة الوحدة الفلسطينية مفاجئاً ولا مباغتاً لترتبك اسرائيل, ولم يكن الموقف الامريكي سرياً للغاية حتى تقلق اسرائيل من واشنطن وانما يبدو ان وراء الاكمة ما وراءها.

فعندما فازت حماس بالانتخابات التشريعية, ربما تفاجأت اسرائيل وارتبكت لأن جميع الاطراف تفاجأت مثلها حتى حماس نفسها فوجئت بحصاد الصناديق الوفير , اما اليوم فلا يوجد ما يدعو للمفاجأة فكل شيء واضح ولكل مقام مقال.

باعتقادي ان اعلان حكومة اولمرت مقاطعتها للحكومة الفلسطينية لم يكن نتيجة الارباك او ان " اسرائيل المسكينة" لا تعرف ماذا تعمل؟؟ بل هو اعلان يهدف الى تحقيق غايتين اثنتين لاسرائيل:

الاولى: تدجين الحكومة الجديدة ورئيس وزرائها, وترهيب الوزراء وسلب ارادتهم وتحقير كونهم وزراء من دون موافقة اسرائيل,حيث يجري توقيفهم على الحواجز العسكرية وعدم منحهم تصاريح حركة وتفتيشهم امام الجمهور ومنع سفرهم واظهار " العين الحمراء" في وجه اسماعيل هنية.

وهي خطوة لايستهان بها, الهدف منها تكريس النظرة الدونية للذات, وجعل الجمهور ولا سيما " المغفلين من الجمهور" يسخرون منهم, وما انتشار النكتة ضد وزراء الحكومة سوى شكل من اشكال النظرة الدونية للذات...يقولون: فلان يعمل وزيراً فلسطينياً فيرد أخر " الشغل مش عيب".

الثانية: ابتزاز موقف عربي ضعيف قبيل القمة العربية في الرياض, وهي أشبه بركلة جزاء في الوقت الضائع, حيث ستطلب الحكومة الفلسطينية ( وطلبت) من العرب رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني وعنها, وبالمقابل تطلب اسرائيل الآن شطب بند حق العودة " او تلطيف صياغته" مقابل رفع الحصار.

والحق يقال ان المتابع للشؤون الاسرائيلية وبشكل دقيق سيكتشف ان جهات عديدة في اسرائيل تدعو الآن الى التخلص من علاقتها بحركة فتح والاتجاه الاستراتيجي نحو اقامة علاقة مع حماس ( القوية والمنظمة ) لجرها الى ماراثون المفاوضات غير المنتهية.

ولكن وبعد شهر, او سنة او ثلاث سنوات ، لن نقف نحن كصحفيين أو كمراقبين لنسأل رئيس الوزراء ابو العبد ما اذا كان فاوض اسرائيل ام لم يفاوضها؟ وانما سنسأل ابو العبد:

هل حاربت حكومتك الفساد الاداري والمالي؟ هل بسطتم سيادة القانون على الجميع وعلى ابناء حماس وفتح وابناء الوزراء والمسؤولين قبل بسطه على الفقراء والمعدمين؟

وسنسأل ابو العبد : هل طأطأتم رؤوسكم امام عشيرة مسلحة او مجموعة مدججة بالسلاح وأشهرتم سيوفكم في وجه موظف جائع؟هل انشأتم اقتصاداً تنموياً بدل التسول من دول الغرب؟ هل عملتم على تكريم مفكر او شاعر او عالم ام لا تزالون تعطون المجد للأقوى والأخطر والأكثر جهلاً؟

وعلى رئيس الوزراء ان يسأل نفسه كل يوم وكل مرة يرى فيها طفلاً يأكل بيضة مسلوقة في قطاع غزة - يسأل نفسه من اين جاءت هذه البيضة؟ وهل الدجاجة التي باضتها موجودة في غزة ام هي موجودة في مزرعة الدجاج الاسرائيلية في بيت شيمش ؟

فمن يريد ان يبني دولة, عليه ان لا ينظر الى الوراء, ولا يكترث ما الذي سيقوله عنه عبد الباري عطوان على قناة الجزيرة او الظواهري على شريط فيديو, بل يجب عليه ان يسعى لان يأكل مما يزرع ويلبس مما يصنع.

ذات يوم وفي حرب 1967 كان شمعون بيريس يجلس الى جانب الجنرال الصهيوني موشيه ديان, وكان بيريس يتكلم ويتكلم وديان يقود السيارة... وحين أعرب بيريس عن إحتجاجه على ديان لأنه لا ينظر اليه اثناء انتقاداته... رد عليه ديان بالقول:

"انا رجل اعور, وعندي عين واحدة انظر بها على الطريق مرة وعلى مؤشر السرعة مرة اخرى . ولا مجال عندي لأنظر في وجهك كلما تحدثت.... فالسائق يجب ان ينظر الى الامام وليس في وجوه الركاب المسافرين معه ".