الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

فياض: نواجه صعوبات في بلورة الميزانية ونسعى للحد من الانفاق

نشر بتاريخ: 27/02/2013 ( آخر تحديث: 27/02/2013 الساعة: 17:08 )
رام الله- معا - قال رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض إن الحكومةَ تواصلُ نقاشَها المُكثف، وعلى أوسع نطاقٍ مُمكن، لإعداد مشروع قانون الموازنة لعام 2013، مشيرا إلى تزايد الصعوبات والتحديات التي تواجه الحكومة في بلورة مشروع الموازنة وسعيها لبلورة آلياتٍ كفيلة بالحد من الإنفاق وزيادة الإيرادات.

وشدد خلال الحديث الإذاعي الاسبوعي الذي خصصه لتوضيح أهم الإجراءات والتوجهات الرئيسية للموازنة السنوية، على أن إقرار مشروع الموازنة السنوية يُشكلُ الإطار الأهم الذي يُنظمُ توجهات وسياسات وبرامج الحكومة وأولويات عملها في مختلف المجالات، وبما يُمكنُ من تعزيز قدرة المؤسسات على النهوض بواجبها الأساس في رعاية مصالح المواطنين، والإرتقاء بالخدمات المُقدمة لهم.

وأوضح أن إعداد مشروع الميزانية يأتي في ظلِ ظروفٍ صعبةٍ ومُعقدةٍ تُعاني فيها خزينةُ الدولة من أزمةٍ ماليةٍ خانقةٍ وغير مسبوقة، تُلقي بظلالها الثقيلة على قدرةِ الحكومة على الاستجابةِ للاستحقاقات المطلوبة منها على كافة الأصعدة، مؤكداً على أن هذه الأزمة تفاقمت جرّاء استمرار حكومة الاحتلال في احتجاز أموال العائدات الضريبية الفلسطينية، وما يُمثلُة ذلك من عدوانٍ على لقمةِ عيش أبناء شعبنا، وفي محاولة للمس بقدرته على الصمود وتقويض قدرة الحكومة على توفير مقومات هذا الصمود، وفي مسعى لتفريغ قرار الأمم المتحدة برفع مكانة فلسطين من مضمونه، عبر المساس بمكانة مؤسساتنا وبقدرتها على الوفاء بالتزاماتها وتقديم الخدمات لمواطنيها، بالإضافة إلى ما تعانيه الخزينة من أزمةٍ بفعل عدم ورود المساعدات المُلتزم بها، بما في ذلك المساعدة المُقَرة من خلال شبكة الأمان الماليّ العربية، وفي ظل استمرار حالة الانقسام وما يترافقُ معها من ضياع نسبةٍ عاليةٍ من أموال عائداتنا الضريبية لصالح حكومة الاحتلال والاستيطان، بسبب استمرار حركة حماس في منع توريد فواتير المقاصة لوزارة المالية كي نتمكنَ من تحصيلها من إسرائيل.

وشدد رئيس الوزراء على تزايد الصعوبات والتحديات التي تواجه الحكومة في بلورة مشروع الموازنة العامة وفق ما يتطلبه الأمر من حصرَ النفقات في إطار ما يمكن أن يتحقق للسلطة الوطنية من إيراداتٍ ومساعدات، سيما في ظل زيادة الاحتياجات اللازمة لتعزيز قدرة الشعب على الصمود في مواجهة سياسة التصعيد الإستيطانيّ الإسرائيلية، ومتطلبات تمكينه من الثبات والبقاء لإفشال محاولات استهداف وجوده على أرضه.

وشّدد على أن استراتيجيتنا تكمن في تعظيم الموارد الذاتية لتحصين قرارنا السياسي وتعزيز استقلاليته وتمكين السلطة الوطنية من التعامل مع ما يطرأ من احتياجاتٍ لشعبنا، بما في ذلك في مخيمات الشتات.

وأشار فياض إلى أنه، وعلى ضوء ما تم من نقاشٍ في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إزاء احتياجات أهلنا في مخيمات سورية، في ظل عدم ورود ما يكفي من دعمٍ لهم عبر المؤسسات الدولية ذات الصلة، فإن هناك ضرورة لتوفير مليون دولار شهرياً لمساندتهم، إلى أن تقوم المؤسسات الدولية المُختصة بهذا الأمر. وقال:" هذا مثال من أمثلةٍ كثيرة على بعض الأمور الطارئة، والتي يجب أن نكونَ دوماً جاهزين للتعامل معها، هذا ما يقتضيه الواجب وتفرضه علينا المسؤولية تجاه أبناء شعبنا".

وأكد فياض على أن الدرسَ الأهم من تجربة عدم ورود المساعدات، ودون التوقف أو التراخي أو الاستكانة عن استمرار السعي لضمان ورودها، بل وضرورة مضاعفة الجهد لتحقيق ذلك، يتطلبُ من الجميع ودون استثناء، تكثيف الجهود الجماعية لضمان النجاح في تحقيق التخفيض المُمكن في عجز الموازنة، والتوصل إلى موازنةٍ قابلةٍ للتمويل في إطار التوزيع العادل للأعباء، بما في ذلك الارتقاء بروح التضحية، خاصةً من قبل الأكثر قدرة، وذلك من خلال الحوار الفعّال والمسؤول مع كافة الشركاء من ممثلي القطاعات المُختلفة في المجتمع، بما في ذلك أعضاء المجلس التشريعيّ، وبما يضمنُ أيضاً أعلى درجةٍ من المشاركة الوطنية والمجتمعية، سيما في ظل غياب الدور الرقابيّ والتشريعيّ الهام للمجلس التشريعيّ المُعطل بفعل استمرار حالة الانقسام المؤسفة والمُدمرة.

وشدد رئيس الوزراء على ضرورة بلورة آلياتٍ كفيلة بالحد من الإنفاق وزيادة الإيرادات، من خلال إجراءاتٍ مُحددة من ضمنها، ضبط فاتورة الرواتب، التي تُشكلُ الحجمَ الأكبر من الإنفاق الحكوميّ، بما في ذلك إلغاء العلاوات والبدلات غير المُبررة، وبما يعكسُ الحرصَ على القيام بالتقشف المطلوب كجزءٍ من عملية الإصلاح الضرورية الجارية، بالإضافة إلى مواصلة الإجراءات الكفيلة بضمان وقف هدر المال العام، وخاصةً في قطاع الكهرباء عبر وقف الخصم التلقائيّ من قبل حكومة الاحتلال من ايراداتنا لصالح شركة توزيع كهرباء غزة وشركات توزيع الكهرباء الأخرى، مُشيراً إلى أن معظم هذا النزيف يعودُ إلى عدم تسديد شركة كهرباء غزة بالمُطلق لفاتورة الكهرباء التي تستوردُها الشركة من إسرائيل. وجدد فياض تأكيده على أن الحكومة ماضيةٌ في سعيها الحثيث لترشيد الإنفاق دون المساس إطلاقاً بالخدمات الأساسية المُقدمة للمواطنين، أو بمخصصات واحتياجات فئات المجتمع الأكثر حاجة لهذه الخدمات، ومع الاستمرار في توسيع شبكة الأمان الاجتماعيّ، وكذلك مضاعفة الجهود لضمان زيادة الإيرادات دون رفع الضرائب، بل بتوسيع القاعدة الضريبية من خلال المضي قُدماً في مكافحة التهرب الضريبيّ، وايجاد حل لقضية فواتير المقاصة في قطاع غزة.

وأكد فياض على ضرورة الاستمرار في حشدِ موقفٍ دوليّ ضاغطٍ وقادرٍ على إلزام إسرائيل بالتوقف عن التعامل مع أموال إيراداتنا الضريبية وكأنها رهينة للابتزار السياسيّ، وبما يضمنُ التحويل الدوريّ المنتظم لهذه الأموال دون حجزٍ أو تأخير، مُعتبراً أن الحكومة تمكنت، وخلال السنوات الماضية، من تحقيقِ زيادةٍ ملحوظةٍ في تحصيل الإيرادات الضريبية بفعل التحسن الملموس في إدارتها، وبما اشتمل َعلى مكافحة التهرب الضريبيّ"، وأكد على أنه ما زال هناك العديد من الخطوات والإجراءات الكفيلة بتحقيق زيادٍة اضافيةٍ في الإيرادات الضريبية، وهو الأمر الذي يتطلبُ عدمَ التسليم باستمرار إثراء خزينة الاحتلال والاستيطان من خلال عدم توريد فواتير المقاصة، أو التلاعب بها.

واعتبر فياض أن هذه هي أهم التحديات والظروف المحيطة بواقع الجهد المبذول لبلورة الموازنة العامة، وأبرز التوجهات التي تعملُ السلطة الوطنية وفقَها لتذليل العقبات والتغلب على تبعات الأزمة المالية. مُشدداً على أن قضيةُ حماية دور المؤسسات العامة وقدرتها على النهوض بواجبها تجاه قضايا المواطنين واحتياجاتهم تبقى هي الأهم. وقال:" دعوني أتحدثُ بكل صراحةٍ، كيف يُمكن للإضرابات التي يُعلنُ عنها ويتسعُ نطاقُها بصورةٍ مضطردةٍ، أن تحمي مكانةَ هذه المؤسسات، والمُستهدفة من العقوبات الإسرائيلية كما ذكرت. وكيف يُمكنُ لهذه المؤسسات أن تواصلَ تأديةَ رسالتها الأساسية في تقديم الخدمات الكفيلة بتعزيز صمود المواطنين وقدرتهم على مواجهة التصعيد الإسرائيليّ الخطير وغير المسبوق، والذي بات يستهدفُ وجودَ أبناء شعبنا وحقَهم في البقاء على أرضهم. كيف يُمكن للمواطن أن يصمد في وقتٍ يُترك إبنه او ابنته خارجَ مقاعد الدراسة، أو لمريضِ لا يجدُ الخدمةَ الصحية المطلوبة، أن تتعززَ قدرته على البقاء ومواجهة استهداف وجوده؟! "

وشدد رئيس الوزراء على أنه، ورُغم الأزمة المالية إلاّ أن الحكومة على وشك أن توفيّ بكامل التزام الرواتب لجميع الموظفين. وتساءل كيف يُمكن للحكومة، في هذه المرحلة، أن تكون قادرةً على تنفيذ الاستحقاقات المالية المُترتبة على المطالب المشروعة لتحسين أوضاع الموظفين، وهي تصارعُ للوفاء بالالتزامات الراهنة، مُعرباً عن أمله في أن يكون ما أعلنت عنه الحكومة يوم أمس كفيلاً بوضع حد نهائي لكافة الإضرابات والاحتجاجات التي عمّت قطاع الخدمة العمومية في الآونة الأخيرة.

وختم رئيس الوزراء حديثه الإذاعي بقوله: " نحنُ على ثقةٍ بقدرة شعبنا على تجاوز هذه الأزمة، وما نحنُ بحاجةٍ إليه هو التكاتف والنهوض بالمسؤولية الجماعية في مواجهة التحديات التي تمرُ بها قضيتُنا، وهي تعبرُ هذا المنعطف الصعب نحو الحرية والخلاص من الاحتلال.

من ناحية أخرى جدد رئيس الوزراء تقديم تعازيه الحارة لذوي الشهيد عرفات جرادات ولكافة الأسرى وعموم أبناء الشعب الفلسطيني، وحمّل حكومة الاحتلال المسؤولية عن استشهاده، وقال: "إن حقيقة استشهاد عرفات في زنازين التحقيق في سجون الاحتلال هي بحد ذاتها، وفي كل الأحوال، سببٌ لمسؤولية حكومة الاحتلال عن استشهاده، وهذه الحقيقة المُحزنة لا بد وأن تُركز الضوءَ مُجدداً على واقع معاناة الأسرى والخطر الذي يُهدد حياتَهم، خاصةً الأسرى المضربين عن الطعام، وفي مقدمتهم سامر العيساوي وأيمن الشراونة وجعفر عز الدين وطارق قعدان".

وأضاف: "إنني إذ أحملُ الحكومة الإسرائيلية المسؤوليةَ الكاملةَ عن حياتهم وحياة جميع الأسرى، فإنني أؤكد أن حقيقةَ استشهاد عرفات في سجون الاحتلال تضعُ المجتمعَ الدوليّ وكافة مؤسساته الحقوقية أمام ضرورة تحمل مسؤولياتهم الكاملة إزاء قضية الأسرى في سجون الاحتلال، والتدخل الفوريّ لإلزام إسرائيل بالإفراج عنهم، وخاصةً المضربين عن الطعام والمرضى".