التشاؤم يخيم على غالبية التونسيين حيال احتمالات انفراج سياسي
نشر بتاريخ: 06/03/2013 ( آخر تحديث: 06/03/2013 الساعة: 13:37 )
تونس- معا - الاستقطاب الذي يظّلل المجتمع التونسي منذ اغتيال المعارض السياسي شكري بلعيد قبل شهر ألقى بظلاله على أجواء مناظرة حرّة سجلت هنا مساء الثلاثاء وانتهت بتصويت 68 % من الجمهور مع عنوان الحلقة: "هذا الحضور يعتقد بأن تونس تتجه للخروج عن السيطرة".
وتضاربت أصوات الغالبية الشبابية بين تأييد أو انتقاد المتحاورين الرئيسيين؛ تارة بالتصفيق الحاد وتارة بالمقاطعة والاستهجان، وذلك في حلقة تفاعلية لبرنامج المناظرات العربية الجديدة أدارتها الإعلامية المصرية المعروفة مي الشربيني.
ساهمت حدّة النقاشات بين المتحاورين وبينهما وبين الجمهور المنفعل في تعميق حال التشاؤم لدى الضيوف مقارنة مع مواقفهم قبل استهلال المناظرة، إذ دلّ تصويت الكتروني أخذ قبل بدء النقاش أن 54 % منهم يؤيد فكرة المناظرة.
ووجه الحضور انتقادات للطبقة السياسية الحاكمة (الأغلبية) بقيادة حركة النهضة الاسلامية وللمعارضة اليسارية والعلمانية بسبب غياب برامج واضحة للتعامل مع المرحلة الانتقالية منذ الإطاحة بنظام زين الدين عابدين بن علي بداية 2011.
وانقسموا حول دورها لما آلت اليه الأوضاع السياسية، الاقتصادية والاجتماعية في البلاد وشلل الحكومة في احتواء العنف بينما يعكف رئيس الوزراء المكلف علي العريض من حركة النهضة التي تهيمن على أكبر عدد من مقاعد المجلس التأسيسي وضع اللمسات النهائية على حكومة تحالف جديدة مصغرة يفترض أن تحيّد الوزارات السيادية.
وقالت عضو الحزب الجمهوري التونسي آمال بلخيرية – مدافعة عن فكرة النقاش - إن "تونس تعيش اليوم حال انعدام رؤيا في الشارع وفي أماكن العمل. ويسأل المواطنون إلى أين نسير ولا أحد يستطيع الإجابة أكثر من أن تونس داخلة في الحائط"!
ورأت أن "التوانسة مفجوعون من انعدام الأمن والاستقرار وتخزين السلاح ويعانون من "مجموعات مسلحة تقتل، تسرق وتكفّر، ولا أحد يستطيع وقفها وكل ذلك باسم الدين". ويعانون أيضا من "سماع دعوات العنف والقتل والتكفير والكره من على منابر المساجد، الإعلام والمجلس التأسيسي ومن الاغتيال السياسي" ومن ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وانعدام ثقة المستثمر.
وتابعت أن النساء تخشى على مكانتها وغالبية الشباب مهمشة. إلى ذلك شكّكت بنجاح الأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية بقيادة الوزير الأسبق علي العريض في السيطرة على العنف رغم تنفيذ موجة اعتقالات طالت أكثر من 800 سلفي. وانتقدت دور "رابطات حماية الثورة وما تنشره من عنف وتكفير في المجتمع تحت غطاء ودعم سياسي من حركة النهضة".
الأكاديمي الصحبي عتيق، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب النهضة في المجلس التأسيسي، ردّ عليها بالتفسير أن "ما تمر به تونس، نتيجة طبيعية لمخاض الثورة بعد تراكمات نصف قرن من الإستبداد والقمع".
وحثّ عتيق على الموضوعية في تقييم المعارضة قائلا: "بعد كل ثورة في العالم هناك ارتدادات أمنية-اجتماعية-سياسية ومحاولات للإرباك وإشاعة الفوضى... وطبيعي أي حكومة وطنية جديدة تفرز من الثورة ستجد صعوبات كبيرة".
ورأى أنه رغم أن الأوضاع "ليست مثالية" لكن ليس هناك خطر على تونس "بفضل نسائها ورجالها وأحزابها ومعارضتها". وأكد على وجود "أمن واستقرار، وهناك اعتقالات ومحاكمات ومنسوب حريات مرتفع جدا وسيطرة للدولة على غالبية المساجد ولم يتغير نمط حياة المواطن التونسي سواء كان شاب أو شابة ، إسلامي أم يساري". وقال أن البلاد تسير صوب انتخابات نهاية العام وفق برنامج واضح بعد إقرار الدستور بحد أقصى هذا الصيف.
وخلص إلى التأكيد: "إننا نؤسس لدولة قانون ومؤسسات وتداول سلمي للسلطة وأن تونس ستمضي نحو انتخابات حرة وشفافة، وأن البلاد لن يحكمها طرف واحد بل كل الأطراف في وحدة وطنية جامعة وبتوافق وطني يعمل لمستقبل تونس".
وعبّر عشرات الشباب عن استهجانهم وقاطعوا عتيق بهمهمات عالية عندما دافع عن "رابطات حماية الثورة" قائلا إن أحدا "لا ينكر أنها ساهمت في حماية الثورة".
عدد من الحضور اتهم المعارضة بالتحامل على حركة النهضة والإسلاميين واعتبروا أن الإعلام يجيّش المشاعر لافتين إلى أن الجريمة والاغتيالات السياسية تحصل حتى في الديمقراطيات المستقرة. في المقابل قالت شابة إن "حركة النهضة أثبتت انها من أصحاب الكراسي وتتمسك بالحكم وتدخل البلاد في حالة غموض وعنف". وشكّكت أخرى في مغزى و"حيادية" التعيينات الأخيرة في مناصب عليا في الدولة وبخاصة في وزارة الداخلية.
نتيجة التصويت مساء الثلاثاء تقاربت مع نسبة التصويت في نسخة المناظرة التي سجلّت باللغة الانكليزية مساء الاثنين (67 %) بمشاركة جمهور مختلف – لكنّه من عنصر الشباب أيضا بين طلبة ونشطاء سياسيين.
أدار النسخة الإنكليزية من سلسلة مواسم "المناظرات العربية الجديدة" الصحافي البريطاني المخضرم تيم سباستيان، بمشاركة نائبين من المجلس الوطني التأسيسي؛ نعمان الفهري ممثل الحزب الجمهوري التونسي مقابل السيدة آمال عزّوز، عضو المجلس التأسيسي عن حزب النهضة.
ودشنت هذه المناظرة – بنسختيها- عودة برنامج المناظرات العربية الجديدة إلى تونس بعد أن علّقت أنشطتها هنا في أيار/ مايو الماضي، احتجاجا على استحواذ أفراد من الشرطة على لائحة بأسماء من شاركوا في آخر مناظرة. لكن برنامج المناظرات أفاد بأن وزارة الداخلية رحّبت بعودة أنشطته مؤكدة أن المناظرات ستعقد بحرية دون أي تدخل.