السبت: 28/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

قاضي القضاة: جرائم "الشرف" تخالف الشريعة الاسلامية

نشر بتاريخ: 13/03/2013 ( آخر تحديث: 14/03/2013 الساعة: 17:12 )
بيت لحم -معا - أعلن الشيخ يوسف إدعيس رئيس المحكمة العليا الشرعية/ رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي، على الموقع الإلكتروني للمحكمة موقف الشرع من جرائم الشرف في فلسطين، مؤكداً بالبينات أن هذه الجرائم تخالف الشريعة الإسلامية وأنها ظاهرة تتزايد وتستهدف نساء بريئات ولا تستند إلى البينات المذكورة في القرآن، وانها عادة جاهلية حاربها الاسلام.

وقال في مقالة بعنوان "الموقف الشرعي من قتل النساء بدافع الشرف" أن هذه الجرائم وهي من أكثر المسائل حساسية ودقة في المجتمعات الاسلامية والعربية" تزايدت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة حالات القتل تحت ما يسمى "بدافع الشرف" وتبين بشكل قطعي أن كثيرا من هذه الجرائم هي جرائم ارتكبت لأغراض دينية، ولكنها تستظل بظل مشاعر الشرف وهي عادة يقوم رجل بقتل امرأة تربطه بها صلة قرابة من الدرجة الأولى ويكون الدافع للجريمة سواء كان قتلا أو إيذاء بقصد الدفاع عن الشرف وهي في الغالب تقوم على أدلة واهية أو عبارة عن إشاعات لا توجد لها أدلة حقيقية".

وأكد أيضاً أنها ظاهرة حقيقية "أزهقت أرواح كثير من النساء العفيفات البريئات بمجرد الاتهام" موضحاً "أن الإسلام اعتبر حق الإنسان في سمعته وسلامة عرضه من القيم العليا في الحياة الإنسانية، وقد اعتبر فقهاء الإسلام أن من مقاصد الشريعة الدفاع عن العرض وحفظ النفوس، فحرم الإسلام الزنا والقذف وكل ما يخل بعرض الإنسان وشرفه، ولم يكتف الإسلام بالتحريم بل تعدى ذلك إلى التجريم، وبالمقابل اعتبر الإسلام أن للإنسان حقا في الحياة فحرم الاعتداء عليها واعتبر القتل بغير حق من الكبائر وشرع القصاص في الإسلام لرد أي شكل من أشكال الاعتداء على الحياة الإنسانية، وتوعد عليه فاعله بالغضب واللعنة لقوله تعالى : {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93] وقال في آية أخرى : {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32]".

وشدد ادعيس على أن جريمة القتل بدافع الشرف تخالف الشريعة في أمور كثيرة منها: إقامة الحد بغير بينة التي أمر بها الشرع الإسلامي لإقامة الحدود كما أن فيها القتل بغير حق ومخالفة للشريعة الإسلامية خاصة كقتل الفتاة العزباء إذا وقعت في الخطأ، بالإضافة إلى أن الحدود تنفيذها مناط بولي الأمر أو الدولة المسلمة".

وأضاف علاوة أن في ذلك كله "تمييز بين الرجل والمرأة، فالرجل عندما يرتكب خطأ يكافأ على فعلته ولا يسأل سؤالا واحداً، أما الفتاة فتقتل فورا وبمجرد الإشاعة علما بأن الشريعة الإسلامية ساوت بين الرجل والمرأة في ذلك مع العلم بأن العقوبات الشرعية المقررة ليست شأنا فرديا يطبقها من يشاء كيف يشاء ومتى يشاء على من يشاء، بل هذا شأن الحاكم المسلم أو القاضي وإن فكرة تبرير جريمة القتل تحت عنوان الدفاع عن الشرف مسألة مرفوضة تماما في الإسلام وهي عادة جاهلية حاربها الإسلام كما حارب كل عادة ذميمة وهي تحصل في المجتمعات بدوافع التقاليد والتعصب الأعمى".

وأوضح أن صيانة الشرف "لا تكون بهذه الطريقة البدائية، فالحل الأمثل في علاج الوقوع في الفواحش وتدنيس العرض والشرف يكون بتربية أبنائنا وبناتنا التربية الصحيحة السليمة.. كما يجب علينا أن نقدر قيمة الأسرة الصالحة وإيجادها لأنها من أعظم القيم التي يتمتع بها مجتمعنا وهي الضمانة الكبرى للجميع ذكورا وإناثا .. وأن يقف الجميع أمام مسؤولياتهم في معالجة كل ما يحدث من مشاكل أو ما يسبب في حدوث المشاكل لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ...) الحديث .