الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

المقيد.. الإعاقة دفعته للإبداع والإهمال يكاد يقتلع روحه

نشر بتاريخ: 16/03/2013 ( آخر تحديث: 16/03/2013 الساعة: 20:30 )
غزة- معا - صغيرٌ ارتسمت البراءة والحيوية على محياه, بريقُ عينيه مزيجاً من تحد وإصرار وأمل, امتلك موهبة اكتشفها باكراً وعمل على تطويرها وتنميتها.

الطفل محمود المقيد يقطن بمخيم جباليا في شمال قطاع غزة يبلغ من العمر أثنى عشرة عاماً يعاني من إعاقة سمعية وأخرى جزء بصرية, لم تقف أمام موهبته في الرسم, ليعبر عن كل ما يخطر بباله, عن احتياجاته آماله وأحلامه التي يبلغ أقصاها إكمال تعليمه والحصول على جهاز حاسوب.

في يوليو 2010م افتتح الفتى صاحب الإعاقة البصرية أول معرض له استطاع أن يوقفه أول درجة لسلم مجده, بعد ان لاقى المعرض إقبالا كبيراً وحقق للرسام جزءاً من أحلامه.
|208313|
ومرت الأعوام ليعود اسم محمود المقيد مرة أخرى بعد ان اصبح شابا في العشرين من عمره يحمل ذات الملامح و لكنها هذه المرة مصبوغة بالغضب والتذمر وعدم الرضا من كثرة زيارات الصحفيين له و التي وصفها "بأنها لم تنفعه بشيء"، مجرد كلام عابر و وعود كاذبة من قبل البعض تنتهي بمجرد خروجهم من باب المنزل !!!

دقائق فقط وعادت روح التفاعل والحماسة له "ظننتها ستبقى مفقودة في هذا اللقاء "بادر بحمل رسوماته وجلبها من الغرف ليُطلعني عليها, ليقول مبتسماً: "أنا ارسم ما بداخلي من حب و إجلال لوطني الغالي فلسطين ، اعتزُ بتراثه العريق، وأرسم أيضا ًالأحداث التي يمر بها من الاحتلال الإسرائيلي , والصراع الداخلي بيت فتح وحماس، أتمنى أن يعودا كسابق عهدهما"، وكأنه تذكر ما قد نسيه في تلك الدقائق البسيطة، ليضع الرسومات جنباً ، حانيا رأسه مضيفاً "لقد مللت الوضع الذي أعيشه, لا أحد يهتم، فئة مهمشة, لا حكومة و لا مؤسسات خاصة، هم يقدمون القليل من الخدمات مقارنة مع احتياجاتنا ومن ثًم يتخلون عنا "ثم صمت... عفواً سكنت يداه عن الحركة لدقائق قليلة وتوقفت إيماءاته عن التعبير وسرح َ بأفكار لم أستطع الولوج اليها ليتابع قائلاً: "بالرغم من كل ذلك إلا إنني لن أستسلم للظروف القاسية و سأبقى أمارس هوايتي التي أملك، فأملي بالله كبير".
|208311|
بالطبع استطعت فهم إشارات بسيطة، ولكني لست على دراية بلغته ، لذلك كانت حلقة الاتصال بيني وبينه والدته، التي كانت تحدثني وتترجم لابنها ما يدور بلغة الإشارة لتقول: "عندما كان محمود طفل لم أكن قادرة على تلبية جميع احتياجاته الأساسية, فكيف عندما أصبح شاباً يتطلب أموراً كثيرة ومستلزمات يجب توفرها لمن هو في حالته " لتضيف و قد ارتفعت نبرة صوتها قليلاً : "قد ظلم ابني كثيراً لأن المدرسة التي درس فيها للصف الرابع رفضت إكمال تعليمه معللة بأن حالته صعبة وليس باستطاعتهم استيعابه ، و لم يتمكن من إكمال تعليمه في المرحلة الأساسية, ولازال هذا الظلم عالقا فيه لان لغته الوحيدة التي كانت ستصله بالعالم حرم منها فهو لا يعلم الكثير من لغة الإشارة".
|208314|
وتتابع أم محمود حديثها لتأكد على ما قاله محمود بأن الجميع تخلى عنه بداية من المجتمع وصولا للحكومة.

إذن ست سنوات مرت و لم يتغير حاله، إلا ذلك المعرض... سنوات لاتخاذ قرار وتنفيذه على ما يبدو أنه صعب على يجب أن يعي بأنه لا فرق بينهم وبين الآخرين... أختُ أخرى لمحمود في السابعة من عمرها تقاسمه إعاقته... هل سيكون مصيرها كأخيها ؟؟ أسئلة وتعجبات طرحتها الوالدة في ختام حديثنا.