نساء من غزة يحفرن بالصبر أنفاقا للصواريخ..
نشر بتاريخ: 17/03/2013 ( آخر تحديث: 17/03/2013 الساعة: 18:22 )
غزة- معا - لأكثر من أربع سنوات وأم المعتصم تنتظر في أغلب الليالي زوجها وهي تضع يدها على قلبها وتقول في نفسها "هل سيعود اليوم أم لا؟" في تلك الأيام لم يغمض لها جفن وفي كل مرة يعود زوجها يبتسم ويقول لها "ألم تعتادي يا أم المعتصم على الوضع, الحياة والموت بيد الله ارتاحي يا عزيزتي فنحن نخدم الوطن ولا أريد أن أجدك مستيقظة المرة المقبلة".
ورغم تكرار زوجها الطلب منها النوم ولكن الخوف المسيطر يطيّر النوم من عينيها حتى عودت زوجها, تحدثت أم المعتصم مع وكالة معا عن عمل زوجها والذي يقلقها إلى هذا الحد لتقول "هذا ليس عمل للحصول على مقابل مادي ولكن يبتغي فيه رضى الله وبداية لتحرير الأرض الفلسطينية".
وعن طبيعة عمل أبو المعتصم تقول "يخرج زوجي ثلاث ليالي في الأسبوع حيث يقوم بتخطيط وحفر الأنفاق التي أطلقت منها الصواريخ خلال حرب 2012م فمنذ الحرب الأولى عام 2008م وزوجي يعمل في تلك الأنفاق فيخرج بعد العشاء وقبل بزوغ الفجر يعود وفي تلك الفترة لا أستطيع النوم".
تحاول أم المعتصم أن تريح زوجها بكل السبل وتبعده عن أي مشاكل ممكن أن تسبب له السرحان أو عدم التركيز خلال عمله, ولا تكل من تنظيف ملابسه بعد عودته من العمل في الأنفاق.
وتضيف "رغم الخوف الذي ينتابني علي زوجي لكنني فور عودته أقوم بالصلاة شكرا لله, وأجهز له الطعام وأساعده في خلع ملابسه فهو بسبب الحفر يصاب في بعض الأحيان بتشنجات عضلية لا يستطيع وقتها حتى خلع ملابسه أو تناول الطعام".
تعلم أم المعتصم أن "هذا العمل لله" لذلك لا تكل ولا تمل ولا تعترض بل تساند زوجها وتحضر له زيت النعناع وزيت حبة البركة الدافئ لتدلك جسده وخاصة من أكتافه وذراعيه لتخفيف التشنجات التي يصاب بها وكذلك ليشعر بالاسترخاء والنوم فهو في صباح اليوم التالي يتوجه إلى عمله ولا يشعر أحد بأنه كان لديه عمل آخر خلال الليل.
وعن أصعب المواقف التي مرت على أم المعتصم تقول "أصعبها كان خلال الحرب 2012 فلم يتواجد زوجي في المنزل غير يوم واحد فقط وباقي الأيام كان في أحد الأنفاق وتعرضت في أحد المرات المنصة التي كان يشرف عليها للقصف من قبل طائرات الاحتلال بعد أن كشف مكانها".
وتتابع "في اليوم الذي عاد به إلى المنزل أخبرني بما حدث له وأن الموت فصل عنه 200 متر فقط, وبعد عدة ساعات أخبرني بأنه سيعود للعمل فقلقت عليه كثيرا باقي أيام الحرب وكان يصعب علي أن أبرر لأبنائي مكان تواجده وأن أكون الأب والأم في نفس الوقت في تلك الأيام العصيبة".
تخفي أم المعتصم عن الجميع عمل زوجها هذا حتى عن أبنائها وبناتها فهي أم لتسعة أبناء ولم تخبر أحد غير ابنتها واضطرت أن تفشي السر بعد أن تقدم لخطبة ابنتها شاب يعمل في نفس العمل حيث تحيرت هل توافق عليه أم لا بعد أن أخبرها بذلك قبل أن تكتب كتابها.
وتقول أم المعتصم "كانت ابنتي متوترة ويظهر عليها الخوف كثيرا وترددت في الموافقة أو الرفض وعندما تحدثت معها أخبرتني بالسر الذي أفضى به من تقدم لخطبتها ضحكت لها وأخبرتها بما كنت أخفيه عنها وهدأت من روعتها وأوصلت لها أن هذا العمل هو جهاد في سبيل الله وأنها تثاب لصبرها على زوجها ولها الشرف بالارتباط به".
وأهم نصيحة قدمتها لابنتها أن تحافظ على سر زوجها ولا تبوح به لأحد وأن تعتبر والدتها مثلا لذلك وأخبرتها كيف تساعد وتعين زوجها ليستمر في هذا العمل.
تفتخر أم المعتصم بما يقوم به زوجها وزوج ابنتها وتحاول كثيرا أن تصبر ابنتها وتشجعها وتنصحها بشكل دائم بكيفية التصرف مع زوجها قبل خروجه وبعد عودته كما تشتري لها زيت النعناع وحبة البركة كلما تفد ما لديها.