"مرصد" ينتقد تقريري البنك الدولي والنقد الدولي حول اقتصاد فلسطين
نشر بتاريخ: 18/03/2013 ( آخر تحديث: 18/03/2013 الساعة: 21:52 )
رام الله - معا - أكد مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية، اليوم الاثنين، تعقيباً على تقريري البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بخصوص الاقتصاد الفلسطيني، أن كلا المنظمتين تعملان في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ زمن، وفي كل مرة تكرر تلك المنظمتين نفس الجمل والتعبيرات حول وضع الاقتصاد الفلسطيني، على اعتبار أن العام الذي مضى كان أفضل من الذي يليه.
وقال المرصد في بيان صحفي له ان هذه التقارير تكتفي بالتشخيص العام لمشكلة الاقتصاد الفلسطيني وآفاق نموه، وتخلو التقارير من تحليل دور الاحتلال، وتكتفي تقارير تلك المؤسسات بالإشارة إلى الاحتلال بحالة عدم اليقين السياسي أو غياب أفق حل سياسي، وبما أن إسرائيل هي المجرم الحقيقي في كون الفلسطينيين يعانون نسب فقر وبطالة مرتفعة ويعشون في أماكن مكتظة إلا أن صندوق النقد يعتبر أن الاقتصاد الفلسطيني تدهور بشكل ملحوظ، وأن المالية العامة الفلسطينية على مسار غير ثابت، مشدداً على أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة من جانب فلسطين وإسرائيل، والجهات المانحة، لتحقيق الاستقرار في الوضع المالي وإحياء النمو الاقتصادي على مر الزمن.
واعتبر المرصد ان تلك المنظمات لا تواجه أي ضغط من جانب الحكومة الفلسطينية لإغفالها الإشارة إلى الأسباب الحقيقية لحالة الاقتصاد الفلسطيني، وان تقارير الصندوق مشابهة تماماً بأن تنصح العاطل عن العمل أن يوفر من دخله قليلاً للمستقبل.
وقال المرصد في بيانه تعقيبا على تقريري البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، تنتقد تلك المنظمات إدارة الحكومة الفلسطينية بالتصريح تارة، وبالتمليح تارة أخرى كما حصل في تقرير صندوق النقد الدولي الأخير الذي تناول الدين العام وخدماته وقدرة الحكومة على التعامل مع هذا الملف، بالرغم من أن سياسة صندوق النقد الدولي تشجع الحكومة على عمليات الاقتراض، في الوقت ذاته الذي يتحفظ به الصندوق عن تقديم القروض للحكومة لعدم تمتع فلسطين بمكانة دولة حتى مع كفالة إسرائيل كما تسرب سابقاً.
وأضاف المرصد، فيما تنتهج سلطات الاحتلال سياسة اقتصادية واضحة منذ سنوات تجاه الفلسطينيين ويفهمها جيدا صندوق النقد الدولي بجعل الفلسطينيين بشكل دائم قريبين من حافة الانهيار الاقتصادي بما يساهم في إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات سياسية.
وعلى الرغم من ذلك تصور تلك التقارير أن إسرائيل هي جزء من الحل عبر التعاون مع المانحين والسلطة فالجهود التي تبذلها السلطة الفلسطينية لكبح العجز ينبغي أن تقترن بمزيد من المساعدة من المانحين وتعزيز التعاون الاقتصادي مع إسرائيل، والاحتلال هنا ليس الأساس البنيوي في خنق الاقتصاد الفلسطيني وتدمير مقومات أي ارتقاء تنموي لأنه بالأساس سيقصر من عمره.
وأكد المرصد أن الصندوق أشار إلى ارتفاع نسبة البطالة في المجتمع الفلسطيني إلا انه يطالب الحكومة بوقف التعيينات في القطاع العام، مما يعني ارتفاع نسبة البطالة لاحقاً، ورغم أن المرصد يوصي بالأساس بتفعيل القطاعات الاقتصادية الإنتاجية من أجل رفع مساهمتها في الناتج المحلي، والتشغيل، وبما يسهم في بناء شبكات اجتماعية قادرة على الصمود أمام الاحتلال بعكس البنى الإدارية للسلطة التي انهارت في أول ضربات جيش الاحتلال خلال الانتفاضة الثانية.
ورأى المرصد أن استمرار المؤسسات الدولية في تجاهل الوقائع وأسس إدارة اقتصاد وطني مستدام، أولهما استقلال وسيادة، وثانيهما إلغاء التبعية الاقتصادية يؤشر جلياً أن كافة تقاريرها السابقة التي أعطت بها "شهادات" جهوزية للمؤسسات والاقتصاد ما هي إلا حبر على ورق، وتعطى كرشى سياسية من أجل استمرار البرنامج الحكومي الذي أثبت فشله مراراً وتكراراً، ويستمر تقرير صندوق النقد الدولي في الحديث عن نمو 2010-2011 الذي بلغ 10-11%، والتي أثبتت الأحداث الاقتصادية اللاحقة أنها كانت مجرد "حقن" مالية ساهم في خلقها حجم المساعدات الكبيرة التي أعطيت للسلطة في تلك الفترة، وبمجرد انخفاض المساعدات فإن هذا النمو المزمع سرعان ما عاد بالانكماش.
ويرى المرصد أن حتى هذا النمو الذي تحدث عن التقرير المتوقع لعام 2013 سيبلغ 5% وهو غير مرضي للصندوق، سيتوزع بشكل غير عادل، ونظرة سريعة على حجم تضخم الأسعار، وانخفاض القيمة الشرائية لمعظم طبقة الموظفين يدرك أن النمو بالأساس يستفيد منه بالأساس أصحاب الثروات الكبيرة.
وبين المرصد أن الصندوق يطالب السلطة بالقيام بإصلاحات هيكلية حيوية، وذلك في أقل من خمسة أعوام على خطط تضمنت "إصلاحات" إدارية وأمنية ومالية كبيرة جداً وافقت عليها حينها المؤسسات الدولية، وبل وتغنت بها، ويطالب الصندوق بمزيد من التقليص والتقشف، وتحديداً في مجال الأجور والتغطيات الصحية الحكومية، بما يضع المزيد من المواطنين الفلسطيني الفقراء في خانة التهميش الاقتصادي والاجتماعي.
وبين المرصد أن تقرير صندوق النقد الدولي يركز على التعامل مع الاقتصاد الفلسطيني كمشكلة إدارة موازنة وتقليل نفقات وأزمة تمويل، وتحصيل، ولكن الايجابية الوحيدة في التقرير أنه يؤكد أن كافة شهادات "تقدير" المؤسسات الدولية ما هي إلا وصفة تخريب مستمرة، وأن المعتمدين على النماذج الاقتصادية لهذه المؤسسات لن يحصد إلا تدميراً لمقومات بناء اقتصاد وطني.
واعتبر الصندوق ان هذا يكشف بدوره استمرار تواطؤ هذه المنظمات وغيرها في التغطية على الحقائق الصلبة على الأرض، فالبنك الدولي الذي أعلن إستراتيجية 2008-2010 وتبنتها الحكومة الفلسطينية في خططها والتي ركزت على قيام دولة فلسطينية مستقرة اقتصادياً أعلن قبل بضعة أيام أن الاقتصاد الفلسطيني ليس من القوة لإقامة الدولة، وهذا يعني أن البنك الدولي الذي دعم مشروعاً تنموياً قائماً على أسس سياسية قبل أقل من خمسة أعوام، عاد وغير اتجاهه بناء على طلب مدرائه من الدول الغربية، وبنفس الإتجاه فهذه ضريبة الاعتماد الفلسطينية الرسمي على هذه المؤسسات في تخطيط الاقتصاد والتنمية.
ورأى المرصد أن الوقائع على الأرض ومختلف التقارير تؤكد أن سياسات الاحتلال، ومن أمامه سياسات البنك الدولي والنقد الدولي تعمل على تشويه الاقتصاد والمجتمع استمراراً لتقييده وإخضاعه، وأن على المجتمع الفلسطيني ومؤسساته أن يرفض ويلفظ هذه السياسات والمؤسسات أن أراد أن يتمكن من تطوير عملية تنموية تسعى للانعتاق من الاحتلال والظلم.