السبت: 28/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

بالصور- دير "القديس هيلاريون"...شاهد تاريخي بغزة يكاد يندثر

نشر بتاريخ: 19/03/2013 ( آخر تحديث: 19/03/2013 الساعة: 16:14 )
غزة- معا - يحتضن مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة العديد من المعالم الأثرية التي تروي قصص الحضارات التي غرست جذورها في الأراضي الفلسطينية، لتبقى حتى عصرنا هذا كشاهد على الحقب الزمنية التي امتدت عبر التاريخ.

ومن ابرز هذه المعالم الأثرية دير "القديس هيلاريون" المعروف بإسم " تل أم عامر" الواقع جنوب غرب مخيم النصيرات.

اثار المشهد التاريخي اهتمام فريق معا فأجرى لقاءات مع المختصين بوزارة السياحة والآثار بالحكومة المقالة.

تاريخه وأصوله..
تقول هيام البيطار المسؤولة عن قسم الدراسات بوزارة السياحة والآثار المقالة يرجع بناء دير "القديس هيلاريون" المعروف بتل أم عامر إلى عام 329 ميلادي زمن القديس هيلاريون الذي عاد إلى قريته "طباثا" بعد أن تعلم الرهبنة على يد القديس "انطوني" في مصر، حيث يعتبر دير القديس هيلاريون من أكبر الأديرة الأثرية في فلسطين من حيث المساحة والتصميم, إضافة إلى احتواء الدير على بقايا رفات القديس هيلاريون التي لا تزال موجودة حتى اليوم داخل تابوت من الرخام.

وتتابع البيطار حديثها قائلة "خلال 30 عاماً زادت شعبية هيلاريون فأصبح يحيط به 400 شماس "رتبة في الكنيسة" وهم من بدأوا بتنظيم بعض العمائر البسيطة والخفيفة حول الكنيسة ومن ذلك الوقت تطور الموقع ليصبح ديراً كبيراً يتكون من مجموعات معمارية تتمثل في مجموعة من القاعات والغرف والممرات والمرافق".

الوصف المعماري..
تؤكد البيطار أن الدير بقي قائماً حتى القرن الثاني الهجري، ويُستدل على ذلك من الآثار التي عثر عليها خبراء الآثار والتنقيب في الموقع, وهي قطع نقدية إسلامية.
|208733|

وتضيف البيطار أن الدير يتكون من مجموعات معمارية محاطة بسور خارجي من الحجر المسنود بالدعامات الحجرية وتقدر مساحته بحوالي 20 دونماً، ويحتوي على مجموعة من القاعات والغرف والممرات والتي بلغ عددها 245 ما بين غرفة وممر، حيث تعود أدوار بناءها إلى مراحل زمنية عديدة وتبدأ من منتصف القرن الرابع الميلادي وحتى القرن الثامن الميلادي.

وتضيف "يقسم الدير إلى عدة أجزاء هي, الجزء المعماري الأول ويتكون من غرف خاصة برجال الدين المقيمين في الدير، حيث يغطى أرضية بعض الغرف أحجار الفسيفساء البيزنطية".

أما الجزء الثاني وهو عبارة عن كنيسة مكونة من أروقة (ممرات) أوسعها الممر الأوسط، وتفصل بينهما أعمدة رخامية، وفي الجهة الشرقية يفصل الجزء المعماري الأول عن الثاني شارع طويل به مدرج خاص بدخول الرهبان للكنيسة وخروجهم منها.

وبخصوص الجزء الثالث يسمى "الديماس" وهي منطقة مظلمة ومتهاوية تضاء بأسرجة من الزيت لإضفاء نوع من الرهبنة في المكان، ويتم الوصول إليها حالياً عبر مدرج.

ويظهر في نفس الجزء بقايا الأعمدة الرُخامية المكونة للدير، والتي تهاوت، كما يظهر بالمكان بقايا للتابوت الرخامي الخاص بالقديس "هيلاريون".

والجزء الأخير هو عبارة عن "منطقة الحمامات" وتشمل غرفة الماء الساخن والبارد وغرف الانتظار التي أُعدت خصيصاً لقوافل المسافرين في تلك الفترة، ويظهر أسفل هذه الغرف فتحات دخول الماء وخروجه وبيت النار، والتي تعتبر المنطقة الثانية من الناحية الأثرية في العالم.

وتنوه البيطار إلى جود شبكة واسعة من قنوات المياه المصنوعة من الفخار والرصاص داخل الدير، إلى جانب قنوات صرف صحي على مستويات راقية تؤدي إلى خارج الدير، إضافة لوجود بقايا قطع رخامية تدل عليها.
|208735|

المكانة التاريخية...
يؤكد الدكتور نهاد الشيخ مدرس تاريخ وآثار بالجامعة الإسلامية على المكانة التاريخية الكبيرة التي يحظى بها الدير، إضافة إلى مكانة مدينة غزة، وتفاعلها من الأحداث العالمية، مشيرا إلى أن غزة كانت متفاعلة ومشاركة مع ما جرى في القرنيين الرابع والخامس الميلادي، حيث كان يطلق علها المدينة المضيئة.

وتابع الشيخ على حديثه قائلا:"الدير احد المعالم التي تشير إلى مكانة وعراقة وقدم قطاعنا الحبيب عبر التاريخ، حيث كانت غزة احد حلقات الوصل بين الشرق والغرب في تلك العصور وحتى وقتنا هذا".

عمليات التنقيب والترميم..
يشير أ.فضل العطل المختص بترميم وصيانة الآثار والقائم بأعمال البعثة الفرنسية إلى أن عمليات التنقيب في الدير توقفت مع اندلاع انتفاضة الأقصى 2000 والمستمرة حتى الآن، كما تحول قلة الإمكانيات والخبرات في قطاع غزة من إعادة عمليات التنقيب مجدداً داخل الدير, نظرا لارتفاع التكاليف الباهظة.

ويشدد العطل على أن الدير بحاجة لإغاثة واهتمام بشكل كبير لا سيما من قبل المسيحيين، خصوصاً وأن رفات عدد كبير من رجال الدين المسيحيين وغيرهم ما زالت موجودة بداخل الدير, وهو بحاجة لكفاءات لاستخراج الآثار بطريقة صحيحة.
|208736|