أم فلسطينيه أنجبت 29 إبنا ..لكنها بقيت وحيدة
نشر بتاريخ: 20/03/2013 ( آخر تحديث: 20/03/2013 الساعة: 23:36 )
سلفيت- معا - صامدة أو تتظاهر بذلك... تتحدى الريح العاتيه كزيتونه جفت أغصانها بإنتظار العطاء والمطر... يضج قلبها بلوعة وحسرة شوق ... وحزن يئن حنينا يلسعها كالسياط... وصبر يكاد ينفذ ويتوه بين أنفاسها الحيرى... وآهات تمزق أملها وأعياها الفراق ... فراق من أخذهم القدر وفراق من حكمهم سجان ظالم ... ونفس أصبحت سجينه المرارة والذل... أيامها خاويه من كل شيء سوى الألم ومناجاة الرب بدموع حارقه أن تحتضنهم للحظات الى صدرها قبل أن تفارق الروح لباريها ...إنها الحاجة "أم إبراهيم الناجي" ذات الثمانين عاما من بلدة كفر الديك في محافظة سلفيت ...
تركها القدر وحيدة لمصير هلاك محتوم
عندما يكتب القدر فانه لا مفر منه ولا يقابل الا بالصبر , وبإبتسامة عريضة وملامح الصمود التي أحاطت بملامح وجهها الطيب إستقبلتنا الحاجة "أم ابراهيم".. حيث كانت متعبة مثقلة بهمها...لم يكن هذا خافيا علينا عند رؤية نظراتها الحزينة وظلال الأسى التي ترتسم على وجهها... فحين بدأت حواري معها إنهالت الدموع لتتحدث بكلام متقطع قائلة "لم يبق لي أحد وأعيش وحيدة , مع أنني أنجبت 29 ابنا توفي 20 في حوادث مختلفه ,. ولم يبق لي سوى 9منهم الأناث ال7 المتزوجات و أبنائي ابراهيم وماجد في السجون الإسرائيليه منذ ثماني سنوات " تنهدت الحاجة وصمتت وكأنها تتذكر شيئا ما, وذهبت لتقلب في صفحات دفاتر ماضيهم , فتقول الى الزميلة عهود الخفش"تم إعتقال ابراهيم خلال الإنتفاضة الاولى ومكث في السجن "سنه واربعه شهور " وبعدها خرج لتسير به الحياة الى بعده عني مرة اخرى خلال إنتفاضه الاقصى ليقضى" خمس سنوات " من عمره وهو مطارد من قبل الاحتلال الاسرائيلي والذي كان سببا في مرارة حياتي ليتم إعتقاله بتاريخ" 5/8/2004" ليكون حكم السجان الظالم عليه "35 "عاما لينفذ علي مرارة البعد والحرمان
وضعت كفها على خدها ليكون الصمت عنوانها ...دقائق ويكسره صوت رنين الهاتف لتجيب بصوت ضعيف " اتصلي بعد ساعة من الزمن" أغلقت سماعة الهاتف قائلة"إنها إبنتي تريد الاطئنان على صحتي، وأنا لا أريد أن أتحدث مع أحدا عندما تستحضر ذاكرتي ابراهيم وماجد
تعود مرة أخرى لمتابعة حديثها بآهات تجلجل بوسط أعماقها عند حديثها عن "ماجد" فتقول " كان موظفا في جهاز الأمن الوقائي وتم إعتقاله بتاريخ" 21/ 7/2004"وتم الحكم عليه" 12" عاما في سجن النقب وكان مطاردا لمده" خمس سنوات" وخلال الإنتفاضه الأولى تم إعتقاله لمده "عشرة أيام "صمتت مرة اخرى ليعود السكون يلف المكان للحظات ,عندها إلتفت الي وقالت " لا اريد شيئا من الحياة ولا اتمنى شيئا سوى أن اضمم ابراهيم وماجد الى صدرى قبل الممات وأن أفرح بهما بيننا " بكلماتها تلك حطمت "ام ابراهيم" لحظات السكون الحزينه التي خيمت على المكان .
الصبر مر ولكن ثمنه كبير
ما أوحش فراق الأحبه , وما أصعب البعد حين يفتح باب الذكريات على قلب الأم التي تذكر أبناءها في مناسبه ما لتجدهم جميعا قد رحلوا أو غابوا عنها ... وبتنهيده حارقه عادت "ام ابراهيم" تستكمل حديثها الى الزميلة عهود الخفش، وهي تحدق في صورة ولديها بصمت على الجدار لعلها تشفي غليل وحنين قلبها المتلهف فتقول " أتمنى أن يكونوا معي في كل مناسبه وخصوصا في الأعياد والتي تكون بالنسبه لي أيام سواد ، اليوم عيد الام وأنا أتحسر لعدم وجودهم جنبي"
"وما يزيد من حسرتي عند رؤيه أبناء ماجد الأربعه وإبنة إبراهيم بدون أبائهم في المناسبات أشعر بحسرة وألم يقتلني قالتها بتنهيدة شعرنا بلهيبها الحارق لتستكمل حديثها " ما الي حدا غير الله والجيران لما بمرض جارنا هو الذي يذهب بي الى الطبيب وأذكر يوم مرضت بالليل وكان وضعي الصحي صعب فأنا أعاني من الضغط ووجع حاد في معدتي , ولم أجد أحدا يذهب بي الى المستشفى غيرجارنا , تنهدت وفاضت دموعها بغزارة متابعة حديثها "الصبر مر ولكن ثمنه كبير ويبقى الله مع الصابرين ".
مناشدة للإهتمام بقضية أبنائها
وبصوت متقطع وبنبرة حزينة عادت الحاجة تكمل حديثها فتقول " بالرغم من كل هذا اعاني بوحدتي ومن وحدتي وحياتي صعبة وابقى انسانة ضعيفة الى حين زيارة ابنائي " أبراهيم وماجد" في السجن وباللحظة التي أراهم فيها فإنني أستمد قوتي النفسية والجسدية من خلال معنوياتهم وكلماتهم التي تشجعني وتجعلني أنسانة قوية ,تناولت صورتهما واخذت تقبلها وتضمها الى صدرها ليخيم الصمت وكأنها تعيش لحظات لم نستطع تفسيرها ، ربما من كثر إشتياقها لهم ! أو أنها تستذكر لحظات زيارتها .
وفجأة ترتسم على وجهها إبتسامة عريضة لتقول":أتمنى أن أحتضنهما إلى صدري قريبا، واناشد الرئيس محمود عباس والمسؤولين ادراج أسماء "ابراهيم وماجد" خلال عملية الإفراج وتبادل الأسرى .
وتبقى هذه الأم تعيش وحدتها دون أن يشعر بهما أحدا... ولكن هل ستجد من يكرمها ويواسي وحدتها في يومها.