باسم زرع الورد.. ليُلقى عليه يوم استشهاده
نشر بتاريخ: 25/03/2013 ( آخر تحديث: 25/03/2013 الساعة: 14:10 )
غزة- تقرير معا - بمجرد أن دخل نعشه حتى فقدت الوعي, محاولات متكررة من قبل النساء المعزيات لإيقاظها علّها تلقي النظرة الأخيرة على ابنها، لم تستطع فكلما فتحت عينيها ونظرت للكفن عادت إلى اللاوعي مرة أخرى فلم تودعه لتقوم بعد أن اخرج النعش, تتحرك بالبيت بشكل أشبه بالهستيريا تطالب قريباتها بالسماح لها بالخروج للمسجد لرؤية وجهه للمرة الأخيرة.
حاولت مرارا الهروب من بناتها وأخوات زوجها في محاوله لتوديع ابنها قبل مواراة جثمانه في أثناء انتظارهم الصلاة عليه في المسجد القريب من منزلهم لم تستطع هذه الأم أن تبكي، وتقول "نشفت دموع عيني من شدة ما بكيت عليه خلال الأربعة شهور الماضية".
هذه الأم هي والدة الشهيد باسم كامل العمور ( 24 عاما) ويسكن جنوب شرق خان يونس جنوب قطاع غزة والذي اختفى بعد مرور 4 أيام من انتهاء الحرب الأخيرة على القطاع.
بعد مرور ساعتين على خروج جثمان ابنها هدأت الأم الثكلى لتقول "بعد أن صلى باسم صلاة الصبح في يوم 25 /11 /2012 خرج ولم يعد ابني وخلال الأربعة شهور الماضية عانيت الأمرين، لا يمكن أي إنسان أن يشعر بما شعرت به خلال هذه الفترة فالحرقة والألم قالب كان هو المسيطر عليّ بشكل كبير".
ليال كثيرة لم تستطع أم الشهيد أن تنام كانت تتنقل ما بين سطح المنزل وساحته على أمل أن تلمح طيف ابنها أو من يأتي لها احدهم بخبر يسعدها فخلال هذه الفترة كثرة الإشاعات والتأويلات وفي كل مرة كان هناك محاولات لتأكد من هذه المعلومات من قبل أهل الشهيد.
ولكما فتح الباب المنزل أو توقفت سيارة أو دراجة هوائية كانت تنطلق والدة الشهيد إلى باب على أمل أن يكون ابنها عاد إليها لترتاح وتحضنه وتشم رائحته, ومن اجل أن تزوجه بعد أن جهزت البيت الخاص به.
وتضيف أم الشهيد "كان ابني مثل أي شاب يعيش حياته بشكل عادي وفي رمضان الماضي تغير حاله أصبح يصلي كل صلاة في المسجد ويقرا الكثير من القرأن وتقرب منا وكان كل يوم يجلس بعد الصلاة لساعات يتحدث مع والده ومن ثم يجالسنا على الإفطار يتكلم معنا ويمازحنا كثيرا ".
وخلال فترت الحرب لم يتوقف باسم عن العمل حيث كان يتنقل ما بين الساحة الأمامية للمنزل والخلفية فزرع العديد من أشجار الورود ونظم وقلم أشجار الزيتون وكان يحزن كثيرا على من يستشهد ويصاب خلال فترت الحرب الأخيرة ويخرج هذا الحزن بتنظيم حديقة المنزل وتضيف والدته "الورود التي زرعها نثرتها أخته عليه في هذا اليوم ".
محاولات لمعرفة مصير:
والد الشهيد دفع الكثير من الأموال في محاوله لمعرفة مصير ابنه ويقول "بعد اختفاء ابني قمت بتبليغ الجهات المختصة باختفاء ابني وأعطيناهم المواصفات والمعلومات وكانا نسمع كل يوم عن تواجده في مكان معين مرة انه في مصر وأخرى انه أسير عند الاحتلال الإسرائيلي ومرة انه يعمل في الأنفاق وغيرها الكثير".
في كل مرة كان الأب يحاول أن يتأكد من هذه المعلومات أرسل العديد من الأشخاص إلى مصر لتأكد من تواجده في الأماكن التي تم إخباره عنها كما حاول التواصل مع الارتباط والصليب لمعرفة إذا ابنه أسير أم لا.
بعد أربع شهور ويوم الثلاثاء الماضي تم تبليغ الأب من الصليب الأحمر من وجود معلومات من أن أنبه قد استشهد وتم التعرف علي جثته وهي متواجدة في ثلاجة الموتى بإسرائيل وانه خلال الأسبوع القادم سيتم جلب الجثة وتسليمها بعد التأكد من هويته .
وكانت الأيام الخمسة الأخيرة من الأربع شهور هي الأصعب على أم الشهيد حيث قالت " كنت في كل صلاه أصلي وادعي الله أن لا يكون ابني هو الجثة المجهولة التي تم تبليغنا عنها, انه من الممكن أن يعود ابني ولكن الله اختاره ليكون شهيدا ".
وتضيف "في هذا الصبح وبعد صلاة الصبح غفت عيني وحلمت باني ابني محمول على الأكتاف ووجهه ينصع بياضا فصحوت وأخبرت عائلتي بأنه اليوم سيعود باسم وهو محمول وانه هو الجثة التي بلغنا بها وبعد عدة ساعات ابلغنا الصليب بتسليم الجثة وضرورة التوجه لتأكد منها من قبل والد الشهيد".
رغم حرقة القلب والألم الذي تشعر به الأم إلا أنها تشعر ببعض الراحة لمعرفة مصير ابنها ودعت كثيرا للأمهات التي تعاني مثلها أن ترتاح قلوبهن مثلما هي ارتاحت وعلمت مصير ابنها رغم أنها حتى بعد معرفتها مصيره لم تصدق بعد أنها لن تعود لرؤيته مرة أخرى.
ويذكر والد الشهيد وفق ما قيل له أن باسم تسلل عبر السياج الحدودي إلى الدفيئة زراعية المحاذية لجنوب قطاع غزة, لتنفيذ عملية طعن ضد مستوطني مستوطنة "نيرعام" شرق خان يونس إلا أن جنود الاحتلال اكتشفوه وأطلقوا النار عليه ما أدى إلى استشهاده على الفور.
وبقيت جثته مجهولة ومحتجزة في مشرحة أبو كبير الإسرائيلية إلى أن تم التعرف عليها الأسبوع الماضي وتم تسليمها إلى عائلته اليوم بعد التعرف عليه من قبل والده في مستشفى الشفاء الطبي بغزة.