200 يهودي متطرف يجولون حول منزل شارون في محاولة لقتله
نشر بتاريخ: 14/08/2005 ( آخر تحديث: 14/08/2005 الساعة: 11:05 )
مائتا يهودي إسرائيلي يجولون حول منزل شارون ويريدون قتله...الوضع داخل إسرائيل متفجر لكنه ليس حربا أهلية، يجب خلق مناخ يشعر فيه الطرفان أنهما أفضل حالا بعد الانسحاب من غزة
عن تقرير واشنطن-محمد الكافوري
ديفيد ماكوفسكي David Makovsky أحد خبراء معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى بواشنطن، كتب ماكوفسكي الكثير من الكتب عن الصراع العربي الإسرائيلي من آخرها كتاب "حدود آمنة" عام 2004. ويدرس ماكوفسكي العلاقات الدولية بجامعة جون هوبكينز. عمل ماكوفسكي بالصحافة لسنوات طويلة منها عمله كمراسل كصحيفة جيروزلم بوست الإسرائيلية. وكان ماكوفسكي أول صحفي يكتب لصحف إسرائيلية من سوريا والمملكة العربية السعودية بعد تدخل مباشر من وزير الخارجية الأمريكي أنذالك ورين كريستوفر. يعتبر ديفيد ماكوفسكي من أهم الخبراء الأمريكيين اليهود فيما يتعلق بقضايا الحدود الإسرائيلية الفلسطينية، وخيار الدولتين المنفصلتين.
حصل ماكوفسكي علي شهادة الماجستير من جامعة هارفارد في دراسات الشرق الأوسط وهذا نص مقابلة أجراها مع برنارد جويرتزمان من مجلس العلاقات الخارجية.
سؤال
من المفترض أن يبدأ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة في الـ15 من أغسطس(آب)، ما هو الوضع الحالي في إسرائيل؟
ماكوفسكي
تلوح في الأفق بوادر موجهات محتملة فاستطلاعات الرأي تظهر أن نسبة من يؤيدون خطة فك الارتباط يبلغ 55%، على الرغم من تأرجحها ما بين 53% و60%. وحتى هؤلاء الذين يؤيدون الخطة يتعاطفون على المستوى الإنساني مع المستوطنين الذي سيبعدون عن منازلهم في القطاع. في الوقت ذاته يعتقد المعارضون للخطة انه لا يمكن الإذعان أو الموافقة عليها من المنطلق الديني التوراتي أو من خلال ما يعتقدون انه خديعة سياسية.
على الجانب الأخر، يؤمن المؤيدون لخطة فك الارتباط والانسحاب من غزة بضرورتها وحيويتها بالنسبة لديموغرافية إسرائيل في المستقبل بدعوى ألا يصبح اليهود أقلية في الضفة وغزة عام 2010. كما يري الكثير منهم أن الخطة يمكن أن تفتح آفاقا جديدة للسلام في المنطقة فضلا عن انه لا غنى عنها للحفاظ على ديموغرافية الدولة العبرية خلال الأعوام المقبلة.
سؤال
لم أكن أدرك أن غزة تحمل هذا القدر من الأهمية للمتدينين اليهود هل تعتبر غزة جزءا من إسرائيل التوراتية (كما ورد في التوراة) كالضفة الغربية( يهودا والسامرة)؟
ماكوفسكي
تم ذكر غزة مرتين في التوراة في كتابي "يوشع ويهوذا" على أنها جزء من ميراث إسرائيل، غير إنها من الناحية التاريخية كانت مجرد ميناء وحتى عندما تواجدت فيها تجمعات يهودية فيها لم تزد مدة تواجدها فيها عن 40 عاما وبدعم من الإمبراطوريات المسيطرة حينذاك. على سبيل المثال بقاؤها تحت السيادة اليهودية من عام 97 إلى عام 57 قبل الميلاد. وخلال الألفين عام الماضية عاش فيها عدد قليل من اليهود.
القضية ليست مجرد مطالب تاريخية ودينية، فالمستوطنون ومن يتعاطفون معهم يرون في الانسحاب من غزة مقدمة للانسحاب من الضفة وهو ما بات يشكل خطرا على الدولة العبرية ينبغي عليهم التحرك فورا لوقفه. أو جعل الانسحاب من غزة مؤلما وباهظا للغاية حتى يردع من يفكر في تطبيقه في الضفة. من هنا يأتي التزامهم بإفشال الانسحاب.
من المستوطنين من يعتقد أن الانسحاب من غزة هو نتيجة خديعة سياسية لشارون لأنهم يؤمنون بان رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس هو في الحقيقة محتضر سياسيا بالإضافة إلى أن الكثير من الفلسطينيين يرفضون وجود دولة إسرائيل فلماذا يوافقون على انسحاب قد يؤذي ويهدد دولتهم؟ لهذا فمع اختلاف الدوافع والأسباب يميل الكثير من المعارضين إلى المعارضة للأسباب الدينية.
سؤال
ما الذي يتم التنسيق بشأنه مع الفلسطينيين، قرأت شيئا عن موافقتهم على هدم منازل المستوطنين لبناء وحدات سكنية؟
ماكوفسكي
أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليسا رايس عن اتفاق لهدم هذه المنازل في زيارتها الأخيرة لإسرائيل. غير أنه يبدو أن هذا الاتفاق قد تعثر نوعا ما، لأن القضية أصبحت من سيقوم بإزالة هذه المنازل. أعتقد أن إسرائيل تنوي أن تحتفظ بهذه المنازل هناك.
الفلسطينيون من ناحيتهم شعروا بأنهم لا يحتاجون فيلات وبيوت ضخمة، فعلى العكس هم يريدون أن يبنوا عمارات عالية لأنهم يعيشون في مناطق ذات كثافة سكانية عالية، لهذا كان هناك تفاهم على هدم هذه البيوت. لكن إسرائيل قالت إنه لكي تقوم بذلك يجب علي الفلسطينيين أن يقوموا بإزالة الأنقاض والتخلص من مخلفات عمليات الهدم. وهنا أرتفع صوت ينادي باللجوء للمجتمع الدولي من أجل توفير تكاليف عمليات التنظيف... وهذا أحد النماذج على كيفية معالجة المشاكل المثارة بين الجانبين.
إلا إنه لم يتم التعامل مع بقية القضايا العالقة بهذه السهولة، وهناك مشاكل مازالت قائمة، وليس هناك متسع من الوقت للتعامل معها. والاهم هو ضرورة التعامل مع الجانب الأمني من هذه المشاكل برمتها. ولابد من استخدام تواجد الولايات المتحدة لضمان حدوث عملية انتقال السلطة بشكل سلمي. لذلك فأن الأمن هو المعيار الذي سيتم على أساسه النظر لعملية السلام في المستقبل. وإذا ما نجحت العملية فإنها ستشدد من أزر المؤيدين للسلام والمعتدلين، وإذا فشلت فأنها ستزيد من قوة الرافضين للسلام والذين يقولون ان الانسحاب انتصار للإرهاب. والطريقة التي ستعالج بها الولايات المتحدة تلك القضية في تلك اللحظة التاريخية لجعلها إنجازا دبلوماسيا ستكون جيدة للجميع.
الجزء الثالث في ذلك وبعيدا عن قضايا الأمن والتعاون والتنسيق هو خلق مناخ يشعر الناس فيه بأن حالهم أفضل بعد الانسحاب من غزة عن قبله.
إسرائيل تبحث في طلب لتنمية منطقة الجليل، وهناك اهتمام أمريكي بالمساعدة في خلق مناطق متطورة بعيدا عن المناطق التي تتركها إسرائيل. الفلسطينيون أنفسهم يرغبون في الحصول على مساعدات اقتصادية لأسبابهم الخاصة، وهناك الكثير من الدول التي ترغب في المساعدة. مجموعة الدول الثمانية الكبار تعهدت بثلاثة بلايين دولار، وهذا تم تأكيده خلال زيارة وزير ة الخارجية للأراضي الفلسطينية.
وفي الوقت ذاته فإن الولايات المتحدة ستستخدم نفوذها لإبلاغ دول الخليج العربي الغنية بضرورة دفع ما تعهدوا به ماليا لدعم الفلسطينيين ولم يلتزموا به بعد خاصة مع زيادة أسعار النفط منذ قمة بيروت منذ عدة أعوام،. وأعتقد أن الدول العربية قد حققت فائضا ماليا بلغ العام الماضي وحده 56 بليون دولار. وحتى الآن لم تزد المساعدات المقدمة من الدول العربية عن 156 مليون دولار. وأعتقد انه على كل فرد المشاركة في ذلك الدعم على المستوى السياسي والاقتصادي.
سؤال
على أي نحو يتقلب الوضع السياسي داخل إسرائيل حاليا؟
ماكوفسكي
الوضع بتغيير حاليا، وأعتقد انه سيسوء أكثر كلما أقترب موعد الانسحاب. أحد الصحفيين في إسرائيل كتب في عموده أن أصوات المعارضين للانسحاب أكثر من الأصوات التي كانت قد عارضت قبول تعويضات من ألمانيا في الخمسينات أو تلك التي كانت قد عارضت حرب لبنان.
شارون لم يراهن على مستقبله السياسي وحسب، وإنما على أمنه الشخصي كذلك. رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي "الشين بيت" صرح بأن هناك نحو مائتي يهودي إسرائيلي يجولون حول منزل شارون ويريدون قتله. وذكر أيضا أن هناك مؤامرتين تم إحباطهما لتفجير الأماكن المقدسة الإسلامية بالقدس (المسجد الأقصى) هذا الصيف. ما أخاف منه هو وجود الكثير من إيجال عامير (الشخص الذي اغتال رئيس الوزراء السابق رابين). الذين يتحركون في الخفاء لإحباط خطة الانسحاب عليك أن تؤمن بأن هؤلاء الذين يريدون إفساد خطة فك الارتباط والرحيل عن غزة لن يتهاونوا في سعيهم هذا بسهولة، لهذا فأنه سيكون صيفا حارا جدا جدا في غزة.
سؤال
هل مزقت خطة فك الارتباط المجتمع الإسرائيلي، بمعنى آخر، هل يتحاور الطرفان المؤيد والمعارض للخطة؟
ماكوفسكي
نعم يوجد حوار واتصال بين الطرفين، الموقف ليس حربا أهلية. المشكلة أنه تم وضع الجميع في موقف متفجر مع وجود بعض المتطرفين، لهذا هناك الكثير من الصراخ والضجيج.
لا يمكنك أن تنفي احتمال إراقة دماء هذا الصيف، وليس بوسعي أن آمل في أن يكون هذا أقل ما يمكن. وألا نرى إيغال عامير آخر في بعض المتطرفين الذين يعتقدون أنه يغير مجرى التاريخ إما باغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي أو بتفجير المسجد الأقصى.
سؤال
هل يقبل معظم المستوطنين حقيقة أن عليهم الرحيل؟
ماكوفسكي
هذا سؤال مثير، هناك تأرجح في الوضع الداخلي نتيجة وجود أعداد كبيرة من الرافضين والمتعاطفين معهم ضد الانسحاب ممن يقيمون خارج غزة، بالإضافة كذلك لمن يقيمون بداخل غزة. رئيس سلطة فك الارتباط يوناتان باسي الذي تبين أنه هو نفسه من المتدينين قال في مقابلة مع صحيفة هآرتس الإسرائيلية "إنه يتوقع أن يوقع معظم المستوطنين اتفاقات للحصول على تعويضات والرحيل بهدوء". هناك الكثير من التأجج من الخارج، فاليهود في الضفة الغربية يرون أن الانسحاب من غزة هو حدث غير مسبوق. واعتقد أن الأمريكيين يحتاجون أن يفهموا أهمية خطوة شارون. يقول البعض إن ما قام به شارون مساو لزيارة الرئيس ريتشارد نيكسون للصين، وانه لم يكن بوسعه سوى القيام بذلك. أعتقد أن هناك أفكارا ينبغي مناقشتها بهذا الشأن.
لا أعرف إذا ما كان في إمكان شارون إكمال تلك العملية ولكني أعتقد انه الوحيد الذي كان من الممكن أن يبدأها، وهذا هو ما يخشاه المستوطنون ومن يتعاطفون معهم. يخشون من التسامح في تجاوز المحرمات أو ما يسمح لشارون أو الحكومات الإسرائيلية المقبلة على أن تحذو حذو الانسحاب من غزة في الضفة فيما وراء الأربع مستوطنات التي سيتم إخلاؤها في هذه المرحلة.