الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

نابلس ترفض سياسة الدمج الضريبي

نشر بتاريخ: 01/04/2013 ( آخر تحديث: 01/04/2013 الساعة: 10:58 )
نابلس - معا - اعلنت مدينة نابلس رفضها للسياسات المالية والادارية والقرارات الاقتصادية التي تمس المستهلك والقطاع الخاص بما فيها سياسة الدمج الضريبي، وقرار استيفاء رسوم جمركية اضافية بما لا يزيد عن 35% على السلع المستوردة الصادر عن الحكومة الفلسطينية، خلال ورشة عمل عقدتها غرفة تجارة وصناعة نابلس امس الاحد، بعنوان "مخاطر الدمج الضريبي والسياسات الضريبية الى اين".

جاء ذلك بحضور رئيس مجلس ادارة الغرفة عمر هاشم، واعضاء المجلس، والخبراء الاكاديميين الاقتصاديين والقانونيين د. نصر عبد الكريم، و د. نافذ ابو بكر، والمحامي عبد الله الجلاد، وياسين دويكات، وممثلي ملتقى رجال اعمال نابلس، وممثلي مؤسسات المجتمع المدني، وممثلي جمعية حماية المستهلك، و د. نجاة ابو بكر عضو المجلس التشريعي، وممثلين عن لجنة التنسيق الفصائلي، ومحاسبين ومدققي حسابات، وممثلين عن نقابة المحاسبين، وحشد من المستوردين والصناعيين.

وتركزت المداخلات في الورشة على السياسات الضريبية المتواصلة بحق القطاع الخاص، والقرار الاخير الصادر عن وزارة الاقتصاد الوطني بفرض رسوم جمركية اضافية على السلع المستوردة.

وافتتحت الورشة بكلمة عمر هاشم رئيس مجلس ادارة الغرفة، مرحبا بالحضور، وشاكرا المختصين، واعضاء الهيئة العامة للغرفة على تلبية الدعوة.

وقال هاشم: "اننا اليوم امام استحقاق هام الا وهو موضوع الدمج الضريبي والسياسات الضريبية بمجملها، متسائلا: نحن الى اين ؟"، مضيفا بان القطاع الخاص ينوء تحت سياسات واجراءات مستمرة ومتواصلة تؤثر سلبا على عمل منشآته منذ عدة سنوات، منوها الى ان المواطن ما زال يعاني منذ عدة سنوات من حملات جباية مكثفة، علما ان كل التقارير الاقتصادية الصادرة عن الجهات المعنية تؤكد تراجع أداء الاقتصاد الوطني الفلسطيني، خاصة عام 2012، مؤكدا على ان القطاع الخاص يساهم بقوة في عملية التنمية المحلية من خلال ضخ استثماراته وتنويعها في كافة المناطق وتشغيل الايدي العاملة الفلسطينية.

وفي سياق كلمته، ثمّن عاليا القرار الصادر مؤخرا عن الحكومة والخاص بحصة المنتج الوطني في العطاءت الحكومية بنسبة 15%، وتناول قرار الحكومة بفرض جمارك بنسبة 35% على البضائع والسلع الجاهزة ومدى استفادة الصناعة الوطنية من المخرجات المحدودة لهذا القرار، والتخوفات من العودة الى الاعتماد على المستورد الاسرائيلي، مما يؤدي الى رفع الاسعار على المستهلكين من ذوي الدخل المحدود، وذلك في ظل الحدود المفتوحة بين فلسطين وبين اسرائيل، مبينا ان القطاع الخاص في كل الوطن يشهد ظروف عمل صعبة في ظل سياسات الاحتلال.

واشار الى ان هناك ارتفاعا في نسبة البطالة بالقياس مع العام الماضي، اما بخصوص الصناعة الوطنية، والمطالبات المتكررة بالاهتمام بها من خلال تأهيل البنية التحتية للمناطق الصناعية، والعمل على تخفيض اسعار الكهرباء الصناعية، والعمل ايضا على تخفيض الرسوم والضرائب على مدخلات الانتاج، ومساعدة القطاع الصناعي على ايجاد قروض ميسرة بفوائد بسيطة، وفيما يتعلق بقطاع التجارة، واستنادا الى التقارير المذكورة أن الميزان التجاري الفلسطيني يعاني من عجز مزمن، وإلى أن عملية النمو معتمدة على المساعدات الخارجية، لكن بدون تنمية حقيقية وذات استدامة.

وعبّر عن أمله في ان يقدم الاخوة الخبراء الشرح الوافي حول القضايا الخاصة بموضوع الورشة وايضاح الصورة لكل ما يجري، ووضع آليات عمل، واجراء حوار بناء، وبالتالي للخروج بموقف محدد ازاء كل هذه التدابير المتخذة حكوميا.

من جهته، اوضح ياسين دويكات عضو مجلس ادارة الغرفة، والذي يتولى ملف الضريبة، في مداخلته ان قرار الحكومة بشأن الدمج الضريبي هو قرار متسرع وغير مدروس النتائج، لان لنا في فلسطين خصوصيتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تختلف عن الدول التي نجح فيها الدمج الضريبي، وبالتالي هو مشروع ضرائبي كارثي على منشآت القطاع الخاص، حيث تعمل الحكومة ودوائرها المعنية على تسويق الدمج الضريبي وكأنه اعادة هيكلة ادارية، والواضح لكل متابع ان هدفه غير المعلن هو جبائي بحت، وبين المقصود بالدمج الضريبي وهو دمج دوائر الجمارك وضريبة الدخل وضريبة القيمة المضافة في دائرة واحدة، حيث بدأ تطبيقه في مدينة رام الله على كبار المكلفين، ولاحقا سيتم تطبيقه في المحافظات والمدن الاخرى.

وبين دويكات الآثار السلبية التي ستنتج عن التطبيق لاحقا كهروب رؤوس الاموال والمستثمرين الى دول اخرى، والتي تتميز بقلة الضرائب فيها، وكذلك فان زيادة العبء الضريبي على المكلفين سينتج عنه زيادة في التهرب الضريبي.

وشرح دويكات للحضور في ختام مداخلته وبشكل مسهب الآليات التي ستتبع في تطبيقه.

وتحدث المحاضر في جامعة النجاح الوطنية د. نافذ ابو بكر حول موضوع الورشة قائلا ان الحكومة عاقدة العزم على زيادة حصة الايرادات الوطنية في تمويل النفقات العامة من خلال زيادة الجباية ومحاربة التهرب الضريبي وغيرها من الاجراءات، مضيفا ان موضوع الدمج الضريبي هو جزء من تلك الاجراءات التي تهدف الى توحيد جهة التحاسب الضريبي وتوحيد الاجراءات الضريبية في الدوائر وبالتالي زيادة الايرادات من خلال ترشيد الفاقد الضريبي.

وبشأن التهرب الضريبي، قال ابو بكر ان من اسبابه سيطرة اسرائيل على المعابر والحدود، وسيطرة اسرائيل على اكثر من 60 % من اراضي الضفة الغربية، وبين ابو بكر ان المكلفين وخاصة التجار يعانون من ازدياد العبء الضريبي نتيجة تعدد انواع الضرائب والرسوم وارتفاع اسعارها، كما اشار الى اقتصار هدف الضريبة في فلسطين على كونها اداة لتمويل الخزينة بهدف تمويل النفقات العامة ولا تؤدي اي دور اقتصادي او اجتماعي او مالي.

واشار ابو بكر الى ان نسبة النمو المعلنة عن الاقتصاد الوطني غير حقيقية، وان تأثيرها على الاستثمار والقاعدة الانتاجية غير ملموس، منوها الى فقدان عناصر الاستدامة في الموازنة الفلسطينية.

واعرب عن اعتقاده ان تطبيق عملية الدمج الضريبي ليس سهلا، مؤكدا على ان الموازنة ما زالت تعاني بسبب وجود سياسة حكومية غير مدروسة وتؤدي الى آثار عكسية.

واشار الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم الى ان هناك خمسة قرارات حكومية ذات طبيعة ضريبية تم التراجع عنها في سنة واحدة وهي قرارات الشرائح الضريبية، وقرار فرض الضريبة على نهاية الخدمة، وجمارك السيارات، واعفاء المخيمات من ديون الكهرباء، واخيرا قرار الاستيراد من الصين الذي جرى تعديله، حيث يبين ذلك فقدان سياسة اقتصادية سليمة لدى الحكومة.

وبين عبد الكريم ان قرارات الحكومة مبنية بالاجمال على البعد المالي، مؤكدا على ضرورة فهم السياسة التجارية لفهم السياسة المالية.

وشدد على انه تم اتخاذ قرار فرض رسوم بنسبة 35% على السلع المستوردة للعودة عنه، مبينا ان تاثير القرار على السلع الصينية وغيرها محدود جدا بسبب حجم الاستيراد البسيط، مؤكدا انه في العام القادم سوف نحتاج الى مساعدات اكبر وايرادات اكثر، منوها الى ان هيكل النفقات لدى الحكومة مختل، مشيرا الى ان ان قرار تخفيض رواتب الوزراء شكلي.

واوضح ان الجميع يجب ان يكون على استعداد لدفع ثمن الحرية في فلسطين، موضحا ان المليارات التي تلقتها فلسطين منذ قيام السلطة الوطنية لم تخدم الشعب كما يجب.

وفي مداخلته، بيّن المحامي عبد الله الجلاد ان هناك فشلا في السياسة الضريبية، وفشلا قانونيا في تشريع وتعديل القوانين ذات البعد الاقتصادي، حيث ان هناك تجاوزات للقانون من خلال اقرار القوانين في ظل غياب المجلس التشريعي الفلسطيني، علاوة على عدم عرضها على الجهات ذات العلاقة للاطلاع عليها ونقاشها قبل اقرارها.

واجمع الحضور في مداخلاتهم على رفض نابلس الاجراءات والقرارات الضريبية الاخيرة لتأثيرها السلبي على القطاع الخاص، وطالبوا باعادة النظر في فلسفة النظام الضرائبي والمالي الجبائي، ووقف نقل ملفات كبار التجار الى دائرة كبار المكلفين برام الله، والغاء براءة الذمة، وشهادة خصم المصدر.

واجمع الحضور على ان يكون هناك توجه لحماية الصناعة الوطنية بالعمل على ايجاد محفزات للقطاع الخاص الصناعي، ونوه جميع المتحدثين الى دور ومسؤولية الحكومة في توفير الحياة الكريمة لجميع افراد الشعب، وتوفير الخدمات اللازمة لذلك، مؤكدين ان القضية الوطنية اصبحت قضية معيشية، داعين جميع مؤسسات القطاع الخاص الى وجوب بدء الحراك الفعلي من اجل ايقاف السياسات المالية والادارية التي تمس ابناء القطاع الخاص.

وختاما خرجت ورشة العمل بالتوصيات التالية: رفض سياسة الدمج الضريبي والمطالبة بايقاف تنفيذها، ورفض قرار استيفاء رسوم جمركية اضافية على السلع المستوردة، والمطالبة باعادة جميع ملفات المكلفين الموجودة في دائرة كبار المكلفين في مدينة رام الله الى الدوائر الضريبية المختصة كلٌ في محافظته، وبوقف العمل بالسلفيات الاجبارية المفروضة على المكلفين والغرامات المتحققة عليها والعودة الى سياسة السلفيات الاختيارية، ومطالبة الحكومة الى التنسيق المتواصل مع لجنة الحوار المنبثقة عن المجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص الفلسطيني بشأن اية قوانين او قرارات مالية او ضريبية مستقبلا لوضع الاسس الضريبية المقبولة والمتماشية مع خصوصية الوضع الفلسطيني.