الإثنين: 30/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

الأسير علاء العلي: كابوس الساعات الأخيرة قبل الإفراج عن حلمه بالحرية

نشر بتاريخ: 06/04/2013 ( آخر تحديث: 07/04/2013 الساعة: 09:05 )
القدس- معا - لم يكن يوم الإفراج عن الأسير المقدسي علاء العلي 33 عاماً يوماً سعيداً كما كان يحلم به وينتظره طوال 12 عاماً قضاها خلف قضبان الاحتلال... فقد أراد الاحتلال أن يجعل تاريخ الافراج (4-4-2013) يوماً إضافياً من أيام الضيق والشدة التي عانى منها العلي داخل السجن... فقد تحولت ساعات اليوم المنتظر الى كابوسٍ ومغامرة لم يكن يتوقعها.

فمن غربة سجن نفحة الصحراوي، الى معاناة البوسطة، الى زنازين الاحتلال في بئر السبع، ثم الى غربة أخرى بعد الإفراج دون اي مظاهر افراج، فتح باب السجن واطلق سراحه مع أغراضه البسيطة الى صحراء قاحلة...لا يدري الى أين سيذهب او ماذا سيفعل، فصدمته المفاجأة.

يوم الافراج..العصيب!!

وحول ظروف يوم الافراج عنه يقول الأسير علاء العلي لمراسلة وكالة معا في القدس:" كان من المفترض ان يتم الافراج عني من سجن نفحة، وبالفعل تم نقلي من الغرفة بعد وداع الأسرى الى غرفة الانتظار مع أسيرين آخرين من الضفة الغربية تحضيرا للافراج عنا، وقد كان المكان يعج بالضباط فتوقعت ان سبب ذلك التوترات داخل السجون عقب استشهاد الأسير ميسرة أبو حمدية، وبعد تفتيشي نقلت وحدي الى غرفة كان يوجد فيها عدد من المسؤولين عن الادارة و"الأمن" والاستخبارات، وضابط شؤون الأسرى، وتم توجيه أسئلة عديدة لي (كالتحقيق)".

وأضاف العلي :"جاء عدد من الضباط وتم تكبيل يدي وقدمي فسألتهم عن السبب لكنهم رفضوا الاجابة وقاموا بتكبيل يدي بقيود اخرى، ثم سرت الى باب السجن وكانت هناك سيارة بانتظاري وطلبوا مني الصعود اليها دون معرفة السبب، فتم ادخالي اليها بالقوة بعد ان رفضت واخذت اطرق عليها، عندها اخبرني الضابط المسؤول ان الافراج عني لن يكون من سجن نفحة."

وتابع العلي شارحاً ما جرى معه :"كانت سيارة البوسطة مسرعة، ترافقها سيارة حرس حدود، وتمكنت من معرفة وجهتنا بعد ان رأيت بناية سجن بئر السبع، وصلنا حوالي الساعة التاسعة والنصف صباحاً، وتم ادخالي في نفق ثم الى زنرانة كبيرة باردة تبعث منها الروائح الكريهة والرطوبة، وحاولت جاهداً معرفة ما يجري دون جدوى، وطلبت منهم ماء ودواء فاحضروه لي، لكن دون طعام فلم اتمكن من تلقيه، وبعد اكثر من ساعة قال لي الضابط ان الافراج عني سيكون عند الساعة 12 ليلا، او ربما لن يتم الافراج عني!".

ومن نفق الى لجان للتحقيق الى بنايات وغرف سجن بئر السبع تنقل الاسير العلي لتشخصيه، افكار وهواجس راودته بأنه سيعاد اعتقاله إدارياً ولن يتحقق حلم الحرية، وهم آخر حمله هو معرفة اي خبر عن عائلته ومكان وجودهم، حيث كان من المفترض ان تنتظره امام سجن نفحة، لكن الضابط وبعد عناء اكد له انها تعرف مكانه، وبعد ساعات من الانتظار والقلق قال له ضابط آخر "احذر من الوقوع" (ربما من المفاجأة) وفتح له باب الحرية الى صحراء بئر السبع.

المفاجأة..

ويقول الاسير المحرر علاء العلي :"خرجت الى الصحراء، لم يكن أحد بانتظاري، بين يدي اغراض بسيطة، فبدأت امشي لا اعرف الى أين، فرأيت بعيداً مضارب للبدو فهرولت مسرعا باتجاهها لكن وتعثرت بدرجة صغيرة لم اتمكن من صعودها في بداية الأمر!! لكني حاولت مجددا، وتوجهت الى طفل كان يلعب، فخاف مني وهرب فلحقته الى ان واجهني رجل، فطلبت منه مساعدتي وعرفته على نفسي، فأعطاني هاتفه المحمول الذي لم أعرف كيف استخدمه، ساعدني ذلك الرجل بالاتصال بعائلتي وأخبرتهم أني في صحراء بئر السبع وسأقف عند ثلاث شجرات من النخيل كنت اشاهدها من بعيد!!."
ولحسن حظ المحرر علاء العلي هناك أقارب لعائلته في بئر السبع، وقد أجروا اتصالات طالبين منهم المساعدتهم في ايجاده، وقال :"بالفعل حوالي الساعة الخامسة والنصف مساءً، جائت سيارة وناداني من فيها فظننت في البداية انهم من المخابرات الاسرائيلية فلم اجبهم ولم اصعد الى السيارة، لكني ارتحت نفسياً لوجود طفل صغير بالسيارة ثم قال لي الشاب انه من طرف عائلتي فصعدت، واتصلت بشقيقتي".

لقاء والدته..
ذهب علاء الى منزل اقاربه في بئر السبع، بانتظار والدته وشقيقه وعائلته الذين تنقلوا من سجن الى آخر بحثاً عنه، ويقول :"لم استطع الاكل أو الشرب حتى لقاء والدتي، وكانت لحظة فتح باب المنزل ورؤية أمي بمثابة "الجنة التي فتحت أمامي" فاحتضنتها وقبلتها وشعرت براحة وطمأنينة، فالأسير كالطفل الصغير بحاجة الى امه بشكل كبير، وأكثر ما يفتقده داخل السجن هو الأم، يخجل منها بشدة فهي تضحي وتتعب طوال فترة اعتقال ابنائها، وتكون هي الاولى في الزيارات، وفي الاعتصامات والمظاهرات."

رسالة الأسرى

ان قضية الاسرى ليست قضية انسانية، انما هي قيمة وطنية ونواة صلبة في النضال ضد الاحتلال لأجل الشعب وكرامته يقول العلي، ويضيف :"يطالب الاسرى باستغلال قبول فلسطين عضو دولة مراقب في الأمم المتحدة، لتشكيل لجنة فلسطينية للتوجه الى المحاكم الدولية لإنهاء الاجراءات التعسفية بحقهم ، واجبار الاحتلال على تطبيق بنود الاتفاقيات الدولية الخاصة بالأسرى والالتزام بها".
غليان السجون
وعن وضع السجون يقول الاسير المحرر علاء العلي :"ان حالة غليان واضطرابات يشهدها سجن نفحة منذ عدة ايام، فبعد الانباء عن خطورة الوضع الصحي للاسير ابو حمدية تم ارجاع وجبات الطعام، كذلك تضامنا مع الاسير سامر العيساوي، وبعد استشهاد أبو حمدية تم ارجاع الوجبات واغلق القسم وحتى يوم الافراج لم يهدأ وضع السجن".

اهمال طبي متعمد

واكد العلي على الإهمال الطبي الذي يتعرض له الأسير خلال فترة اعتقاله، حيث يتم تشخصيه من قبل أطباء في أفضل المستشفيات الإسرائيلية، ولكن لا يتم اخباره بمرضه، ولا يتناول الدواء المناسب واللازم لعلاجه، وتكون "المسكنات" هي العلاج لكافة الأمراض، مما يؤدي الى تدهور حالة الأسير الصحية وصولا الى استشهاده في كثير من الأحيان.

ويقول :"في سجن نفحة هناك 900 أسير يشرف عليهم طبيب واحد بوظيفة جزئية"، وعن تجربته مع المرض قال :"عانيت من أوجاع بالظهر فتم نقلي الى المستشفى واعطائي ابرة ودواء، وتبين لي بعد اسبوع ان الدواء لاوجاع المعدة وليس للظهر"، وعلل الاخطاء الطبية بعدم ملاحقة طبيب السجن قانونيا.

لقاء الاهل... والتعرف عليهم

وعن مشاعره خلال لقاء عائلته قال العلي :"اليوم اتعرف على عائلتي واهلي، فعندما اعتقلت كان الاطفال صغارا، والعديد منهم لم يكن مولودا، اليوم أشمهم احضنهم اتشوق لسماع صوتهم وحديثهم، وخلال الزيارات يتشوق كافة الاسرى لسماع صوت طفل يصرخ أو يبكي لأنه الحياة".
ويضيف :"انا نسيت الناس لكن الناس لم ينسوني، وبعد وصولي الى منزلي في رأس العامود الساعة التاسعة مساءً ومشاهدتي المئات بانتظاري لاستقبالي تأكدت ان التضحية من اجل الشعب والوطن ليست خسارة، وفالحرية غالية لكن لها ثمن، والاسرى هم اصحاب عزيمة".

السجن والدراسة

انهى العلي دراسة التوجيهي في السجن، وانهى عامين ونصف من دراسة تخصص علوم سياسية واقتصاد، في الجامعة العبرية المفتوحة، وحرم من اكمال تعليمه، وحرم من زيارات عائلته عدة مرات وفرضت عليه غرامات مالية ومنع من مراسلتهم.
حالة عائلته يوم الافراج

ولم يكن حال عائلة افضل من حال علاء، فهي الاخرى تنقلت من المسكوبية صباحاً بعد استدعاء الوالد وشقيقه محمد للتحقيق، الى سجن نفحة، وبعد اخبارهم بالافراج عنه، عادوا الى المسكوبية لاستيضاح الأمر، وبعد انتظار وتحقيق، طالبت المخابرات من عائلته التوجه بطريق سجن نفحة على ان يتم الاتصال بهم واخبارهم بمكانه، بشرط ان يكون في السيارة (شقيقه ووالدته فقط)، وسمح للسائق بالبقاء، وهم في الطريق تلقوا اتصالا من الشرطة اخبروهم بأنه بسجن بئر السبع، ثم اتصالا من العائلة اخبرتهم بأنه افرج عنه وهو بالصحراء.

والدة علاء... أريد ابني حيا!

وعن مشاعر والدته قالت :"كنت أريد أن أرى ابني حياً، فهو في الصحراء لا يعرف أحدا، ولا امان فيها، فاختلطت المشاعر، 10 ساعات مرت كأنها 10 سنوات، يوم اصعب من يوم اعتقاله والحكم عليها، بدلوا فرحتنا بحزن وقلق على وضعه وصحته، لم اكن ادري ما يدور حولي فقط اريد علاء حيا، ولم اصدق حتى احتضنته"، أما والده فقد وصف ما جرى مع علاء بالعمل اللاانساني المخزي والمعيب، واجرام بحق اسير.
في يوم الافراج كانت هناك معركة جديدة خاضتها عائلة العلي مع الاحتلال، وانتصرت ، فكان الهدف منع الاحتفال والفرحة، لكن على العكس زفته عائلة عندما وصل سلوان، والمئات شارك كما تقول العائلة.

مشوار 12 عاما في الاسر

اعتقل العلي من منزله في حي رأس العامود عام 2001، واستمرت عملية الاعتقال سبع ساعات تم خلالها تفتيش المنزل وتخريبه ومصادرة اغراضه الخاصة، وبقي في التحقيق بزنازين المسكوبية (غرف 20) 60 يوماً، واتهم بانه يتبع للجبهة الشعبية –عسكريا، وحكم بالسجن لمدة 12عاماً.