الأحد: 29/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

الإعدام لمن حاول او سرق قطعة خبز في كوريا الشمالية

نشر بتاريخ: 14/04/2013 ( آخر تحديث: 15/04/2013 الساعة: 09:20 )
بيت لحم- معا - خط الكاتب الفرنسي "فيكتور هيغو" ما اعتبر حتى ألان من أشهر روايات القرن التاسع عشر والمعروفة باسم "البؤساء" والتي تعرض فيها لحالة الظلم الاجتماعي الذي ساد فرنسا في الفترة الواقعة بين سقوط نابليون عام 1815 والثورة الفاشلة التي استهدفت حكم الملك لويس فيلب عام 1832 وكتب في مقدمتها عبارة دخلت تاريخ البشرية "تخلق العادات والقوانين في فرنسا ظرفا اجتماعيا هو نوع من جحيم بشري فطالما توجد لامبالاة وفقر على الأرض، كتب كهذا الكتاب ستكون ضرورية دائما".

ويبدو أن قصة البؤساء ومقولة "هيغو" لا زالت صالحة حتى الان لوصف الوضع الاجتماعي السائد الان في الدولة الموصوفة بالاكثر عزلة وانعزالية في العالم " كوريا الشمالية" التي تبرع "جانج حين سسونغ" البالغ من العمر 43 عاما والذي عمل سابقا في وزارة الدعاية والإعلام الكورية الشمالية وكان من اشد المؤيدين للنظام السياسي فيها وشهد بحكم عمله الكثير من عمليات الإعدام التي شهدتها وتشهدها شوارع كوريا الشمالية ليصف الحالة الاجتماعية وما يعانيه سكان هذه الدولة من فقر وظلم اجتماعي وتعسف القوانين وذلك في حديث أدلى به إلى صحيفة " ديلي ميرور " البريطانية التي نشرت بعض تفاصيل حديثه اليوم الأحد.

|212965|عمل "سونغ" في وزارة الدعاية والإعلام الكورية الشمالية وكان من اشد المؤيدين لنظامها السياسي وشهد الكثير من عمليات الإعدام التي شهدتها شوارع كوريا الا ان وقعت بين يديه مجلة كورية جنوبية تعج بالصور الجميلة وتظهر الحياة السعيدة التي يعيشها الأشقاء في الجنوب لتغير موقفه 180 درجة خاصة وان المجلة وقعت في يده بعد حضوره عملية إعدام لشخص ارتكب "جريمة " سرقة قضيب حديد بهدف مقايضته بكسرة خبز فكان عقابه الإعدام رميا بالرصاص وسط الشارع "قدمت الصحيفة البريطانية الموظف الكوري الشمالي الذي فر من الشمال ليعيش في جنوب شبه الجزيرة الكورية".

بدأت القصة عام 2004 حين وقعت مجلة كورية جنوبية في يد الموظف المتعصب لقيادته الشمالية ومؤيدا بكل قوة لموقفها السياسي لكنه صدم لمشاهدته الصور التي تظهر هناء العيش في الجارة الجنوبية وقد علت وجوه الناس ابتسامة تنم عن السعادة والفرح ورغم إدراكه للخطر الذي يحدق فيه في حال ضبطه بالجرم المشهود قرر "سونغ" إخفاء المجلة تحت قميصه والخروج بها خارج مكتبه شديد الحراسة وكان الإغراء شديد وتأثير المجلة هائلا فقرر أن يعرضها على أصدقائه.

"حين اكتشفت الجهات المسؤولة اختفاء المجلة من مكتب الدعاية والإعلام أدركوا أن السر سيفتضح وان العدوى ستنتشر وان صورة الكوري الجنوبي التعيس ستنهار وستفضح الكذبة الشمالية القائلة بان الجنوبيين يلفظون أنفاسهم الأخيرة وإنهم يبدون مثل الملعونين، قال "سونغ " الذي كان يعمل في الوحدة الخاصة بدراسة طريقة تفكير كوريا الجنوبية، مضيفا "حينها عرفت بأنني أواجه خطرا حقيقيا وفور اتضاح الصورة الحقيقية لنظام "بيونغ يانغ "قررت الفرار والمخاطرة بكل شيء لتحقيق هذه الغاية ".

اللقاء مع " كيم جونغ ايل" يشبه اللقاء مع الرب

ورغم "الجريمة الكبرى" التي ارتكبها "سونغ" كان متأكدا من أن قوات الأمن ستخشى اعتقاله لأنه معروف لدى الجميع بأنه الشخص الذي فاز بجائزة اللقاء مع الزعيم "كيم جونغ ايل" الذي توفي عام 2011 .

"انه يشبه اللقاء مع الرب، اخبروني بأنه لا يمكنني النظر في عينيه وعلي التركيز على "الزر" الثاني من قميصه حتى أدرك بأنني هالك وكم هي قدرته على إماتة البشر وفي هذا اللقاء منحني الزعيم ساعة "روليكس" كهدية وطلب من رجاله الحفاظ علي وحمايتي ومنحني كمية إضافية من الغذاء وامتيازات أخرى، "قال سونغ" مستذكرا مشاهدته للزعيم الكوري الشمالي.

وأضاف واصفا طبيعة عمله في الوحدة المعروفة باسم "وحدة سيؤل": أرادوا منا الولوج إلى رأس الكوريين الجنوبيين لمعرفة طبيعة تفكيرهم وفي النهاية لم يكن أمامي خيارا سوى الفرار والهرب إلى الجنوب خشية أن أواجه الإعدام لذلك لم اخبر حتى عائلتي عن مخططي للفرار اذ لم استطع إخبارهم كما لا يمكنني ألان الحديث عن عائلتي لقد كنت مرعوبا طول الطريق إلى الجنوب".

وصل "سونغ" في نهاية رحلة على متن القطار استمرت لثلاثة أيام إلى خط الحدود مع الصين وقال مستذكرا ما مر به "حين وصلت الحدود طاردني الحراس الكوريين الشماليين فركضت قدر ما استطعت لذلك سبيلا ولحسن حظي كنت اقرب إلى الصين منه إلى كوريا لذلك امتنعوا عن إطلاق النار علي حتى لا يتسببوا بأزمة دبلوماسية مع الصين وبعد أن مكثت شهرا كاملا في الصين تمكنت من دخول كوريا الجنوبية وبدأت حياتي الجديدة في العاصمة سيؤول ".

الكوابيس تزوره كل ليلة ولا تفارقه أبدا

"فقط هنا أدركت العدد الكبير من الأشجار على سفوح الجبال وصدمت لمشاهدتي المظاهرات الاحتجاجية التي غصت بها الشوارع ففهمت بان كوريا الجنوبية دولة تحكمها الأغلبية وليس ديكتاتورا"، قال "سونغ " الذي عمل بعد فراره لمدة سبع سنوات لصالح المخابرات الكورية الجنوبية وساعدها على فهم تركيبه وتكوين كوريا الشمالية لكنه لا يزال ورغم المدة الطويلة التي عاشها في سيؤول يخشى فرق الاغتيال والتصفية الشمالية".

وأضاف: "يعاني كل من اعرفه ممن نجحوا بالفرار من كوريا الشمالية من الكوابيس التي لا تفارقهم كل ليلة ولا زلت اخاف مما تخفيه الأيام وما يمكن ان يحدث لي خاصة وان وسائل الإعلام الكورية تصرح في كل مناسبة بأنهم سيقتلونني قريبا".

وما "سونغ " إلا واحد من بين 25 الف كوري شمالي نجحوا بالفرار إلى الجنوب منذ نهاية الحرب الكورية عام 1953 تاركين خلفهم عائلات كبيرة لا يعرفون شيئا عن مصيرها وما حل بأفرادها.