في يوم الأسير ... موقدي مشلول ينتظر الإعدام ببطء والصمت سيد الموقف
نشر بتاريخ: 18/04/2013 ( آخر تحديث: 18/04/2013 الساعة: 09:19 )
سلفيت - معا - عندما يُجر المظلوم الى سجن القصاص لدفاعه عن وطنه فكم من القهر والذل والحزن الذي يراود هو ومحبيه لبعدهما عن بعضهما... وعندما ينتقل أعز شخص على قلوبنا الى مرحلة الموت البطيء وليس بأيدينا شيئا نفعله لإنقاذه... تكمن مصائبنا... وتصبح حياتنا لا معنى لها ... وعندما نحلم ونتمنى أن يتحقق ولن يتحقق شيئا بدونهم تكون أحلامنا ناقصة .. ليبقى الدعاء والصبر الوسيلة الوحيدة لعائلة الأسير منصور موقدي من بلدة الزاوية غربي سلفيت
مثقلة بهمها ..ظلال الأسى ترتسم على تفاصيل جسدها...وإبتسامات عائلتها ضائعة...ووجوههم باكية بصمت ...بهذه الملامح إستقبلتنا عائلة الأسير منصور موقدي ليكون بداية حديثنا مع زوجته والتي أخذت تحدثنا بكلمات متقطعة لا تعرف من أين تبدأ قائلة": قدرنا أن يحرمنا الإحتلال الإسرائيلي من منصور،والذي حكم عليه مدى الحياة خلف القضبان ،عمره 44 عام وإعتقل عام 2002 بعد ان أصابته رصاصات الإحتلال وعددها ثلاث رصاصات من النوع المتفجر وما زالت مستقرة في جسده الى ذلك اليوم، وتتمركز في العمود الفقري والبطن والحوض،فسببت له شللا وتفجير مثانة البول، والتي جعلت منه إنسانا عاجزا ، صمت وهدوء حزين يخيم على المكان لتجهش هي وأبناءها بالبكاء، توقفنا عن مواصلة حديثنا معها لدقائق ، الى أن أخذت دموعمهما تقف تدريجيا،لتعود أجواء تبادل الحديث معهما من جديد عن منصور ،
وبصوت متحشرج تواصل زوجة منصور حديثها قائلة":لم تتوقف معاناة منصور عند هذا الحد بل الرصاصة التي حولت أمعاءه الى أمعاء بلاستيكية لا يستطيع اكل اي شيء ، فزوجي يمر بمرحلة الموت البطيء،بسبب الإهمال الطبي وعدم الإهتمام بصحته، فجسده كله مدمر مشلول يجلس على كرسي، ومن يرعاه داخل الزنازين زملاءه الذين في قسمه،
تنهدت بحرقة وحبست أنفاسها لم يعد بقدرتها مواصلة حديثها ليتابع عنها إبنها رعد بصوت مخنوق قائلا":أشتاق لأبي ، أشتاق الى ضمته والتي لم أنساها منذ ان كان عمري 7 سنوات والان عمري 17 عاما،اشتهي تقبيله وضمه، ولكن السجان يمنعني من ذلك ، نراه وتكون ملامح وجهه غير واضحة يكون بيننا حاجز ،حتى صوته لن اسمعه جيدا لان الحديث مع بعضنا يكون من خلال سماعة هاتف داخل السجن، ابي لم يعد بإستطاعته التحمل اكثر ، فالآلآم تنهش جسده ولا يوجد إهتمام من قبل سجانيه بمعاناته،ويتعرض للموت البطيء،
صمت "رعد" وأجهش بالبكاء، ليخيم السكون على المكان ، دقائق ويعود لمواصلة حديثه دون توجيه سؤالنا له ، وبلهفة بعد أن مسح دمعته بكمه، أخبرنا أنه سيخبرنا كيفية إعتقال والده، فوجهنا له سؤالا ، وكيف عرفت ومن اخبرك ، ليجيبنا انا لم أترك شخصا يعرف والدي الا وسألته عن كيفية اعتقاله، لتصبح هذه الحادثة في ذاكرتي بتفاصيلها ، وبنبرة صوته القوية.
يستطرد قصة والده مع الاحتلال الاسرائيلي ، ،قائلا": كان مطاردا مع خمسة أصدقاء له ، وكانت فترة المطاردة عام ونصف العام، وقبل إعتقاله بيوم تمركز والدي وأصحابه في بيت مهجور في بلدة سنيريا ،وكان الجيش يترقبوهم وبعد ان تأكدوا من تواجدهم هناك حاصرالجيش البيت بواسطة الدبابات والطائرات، واخذ الجيش يطلب منهم بتسليم أنفسهم أحياء، فرفضوا تسليم انفسهم وحصل إشتياكات بينهما الى ان استنفذ الرصاص منهم ، فقام ثلاثة منهم بتسليم انفسهم وبقي والدي وآخر ، ومن ثم سلم الرابع نفسه، ووالدي كان يرفض ، فتسلل الى سطح البيت، ولكن القناص الموجود في الطائرة رأه فقام باطلاق النارعليه لتخترق خمس رصاصات في جسده فسقط ارضا،
تنهد "رعد" وأخذ جسده بالإرتعاش ولم يعد بإستطاعته المقدرة على مواصلة حديثه.
لتكمل عنه والدته لـ عهود الخفش قائلا": لم أذهب لزيارة منصور منذ أربعة شهور لأنني ممنوعه من زيارته ، تزوره والدته وتحاول أن تطمئنني على صحته ولكن لم يهدأ لي بال ولم تعرف عيني النوم ولم أعد اشتهي شيئا من الطعام دون رؤيته وسماع صوته، أنا قلقلة عليه وخصوصا انه دخل اليوم الثالث عشر من إضرابه ، وهذا يضر بصحته لانه يعيش على الادوية.
هدوء وصمت خيم على المكان لتكون الدموع هي من تتحدث ،و عاد رعد لمواصلة حديثه بصوت حزين قائلا": نريد وقفه جدية مع الاسرى فهم يستحقون منا الكثير والكثير، ولا نريد فعاليات تضامنية مخجلة نريدها بحشود ،فهناك تقصير دولي وعالمي بقضية الاسرى، ومع هذا لن نفقد الامل بحريتهم واطلاق سراحهم ، ورؤية ابي بيننا قريبا.