"مدار" ينظم ندوة بعنوان "65 عاما على سقوط حيفا"
نشر بتاريخ: 21/04/2013 ( آخر تحديث: 21/04/2013 الساعة: 20:53 )
رام الله - معا - نظم المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" في رام الله أمس، ندوة بعنوان "65 عاما على سقوط حيفا”، أدارها الشاعر أحمد دحبور، وشارك فيها الدكتور أحمد السعدي، والدكتور جوني منصور، تناولت سياسات إسرائيل تجاه المشهد الفلسطيني في حيفا، وسياساتها تجاه الفلسطينيين إبان الحكم العسكري، والتي تمثلت بتفكيك المشهد الأصلي وتغييره وتهويده عبر سياسة ممنهجة ومثابرة.
بدأ الشاعر دحبور الندوة بمدخل شخصي وشاعري مؤثر، كشف فيه عن المفارقة المأساوية المتمثلة بمصادفة تاريخ ميلاده (21/4) مع تاريخ سقوط مدينة حيفا، حيث سقطة المدينة بعد عامين من ميلاده، مستذكرا رحلة الاقتلاع التي "حملتها حكايات الأم ودموع الأب وحنين الجد".
وتحدث دحبور عن علاقته الراسخة والمتراكمة مع المدينة، التي وصفها بمدينة "المستحيل المؤلم الجارح والمنادي.. حتى إذا اتيح لي أن أرى حيفا وأنا في الخمسين من العمر، وجدت علاقة بين حجارتها وبين عظامي".
|214301|
بدوره، تحدث منصور في محاضرته عن تاريخ تأسيس المدينة، والعائد لحقبة ظاهر العمر الذي حكم الجليل الفلسطيني، وأنشأ ميناءها للمساعدة على تصدير القطن، وأيضا كونها أكثر أمنا من عكا التي تعرضت للاستهداف الفرنسي، مستعرضا أهم المعطيات العسكرية والاقتصادية والسكانية والاستعمارية التي حكمت مشهدها، مشيرا إلى أن الأسوار التي بناها ظاهر بقيت إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية.
كما ووصف منصور معمار المدينة وتوزيعها الاجتماعي الداخلي وحراكها الديمغرافي، وحاراتها وظروف امتدادها إلى خارج السور الذي ضم 200 دونم، وصولا إلى ما احدثه خط سكة الحديد الذي ربطها بدرعا في مطلع القرن الماضي من تغيرات دفعت المدينة نحو الانفتاح والتوسع، هذا إلى جانب إنشاء معامل تكرير البترول وخط النفط العراقي، حيث استقطبت المدنية جزءا من سكان القرى، وبعض العائلات السورية خاصة من حوران.
ولخص منصور الوضع القائم حاليا بتركيز العرب في أحياء مكتظة، أهمها وادي النسناس وحي شارع عباس والحليصة، في ظروف خدماتية متدنية وتمييزية، ذاكرا أن عدد العرب في حيفا الآن 35 ألف عربي، ما يشكل 11% من سكان المدينة.
واستعرض منصور ما اسماه ابادة المكان، عبر قائمة بأسماء المعالم العربية التي تم طمسها من خلال خلق وقائع جديدة على الأرض تمثلت بعزل العرب ومحاصرة وجودهم بالبناء وتوجيه الاستثمارات والخطط البلدية، بما يسهم في إضعاف وجودهم ودفعهم إلى الخارج.
وركز الدكتور أحمد السعدي في محاضرته على الفلسطينيين وما استهدفهم بعد النكبة من مخططات، عبر معلومات موثقه ترتكز إلى أرشيفات إسرائيلية، تكشف وجود خطة متكاملة ومحكمة، هدفها الطرد والتفريغ، متى وأين اتيح ذلك ،الأمر الذي بدأ بإحصاء السكان، واستبعاد من تمت تسميتهم بالحاضرين الغائبين.
وأكد أن فكرة الطرد كانت هي السائدة في بدايات الدولة، ولكن الأمر كان مرهونا بانتظار حدوث حرب، وتم نقاش فكرة إيجاد معسكرات للعرب، في إطار الحديث عن فترة انتقالية.
وذكر السعدي أن السياسة الإسرائيلية المعلنة في العام 49، تمثلت بمنع أي عودة للاجئين، وفصل اليهود عن العرب في الداخل عبر ترانسفيرات داخلية، وتدعيم سيطرة الدولة وتهويد المكان.
وأوضح ان الترحيل لم ينته بانتهاء الحرب، بل استمر حتى مرحلة متقدمة، إذ تم ترحيل المجدل وهدمها في العام 1952، بعد ان كان تم تركيز سكانها في حي واحد، ومنحهم بطاقات إسرائيلية.
وأضاف السعدي أن إسرائيل تبنت أيضا سياسة الترحيل الصامت، تمثل ذلك بالتضييق من ناحية، ومن ناحية أخرى بتقديم تسهيلات ومساعدات مالية ترغيبا بالهجرة، كان ذلك في إطار مخطط سمي بمخطط يوحنان، وهدفه نقل مسيحيي الجليل، إلى البرازيل واستراليا، وكانت هذه خطة رسمية فيها مراسلات بين موشيه شريت والمشرف عليها، يركز شريت في ملاحظاته عليها، على ضرورة إظهارها وكأنها تحدث بإرادة السكان.
وذكر في استعراضه لخطط الطرد، خطة شارون لترحيل 300 ألف فلسطيني من الجليل، تضمنت افتعال حرب مع سورية واتهام السكان بالتواطؤ مع العدو كذريعة لطردهم، وقد وصلت الخطة مراحل عملية، إذ تم احصاء عدد الحافلات اللازمة لعملية ترحيل بهذا الحجم.
وتطرق السعدي للترانسفير الداخلي بذرائع عسكرية، كما حدث في إقرث وبرعم وغيرها، وتركيز العرب في المدن المختلطة في أحياء تشبه الغيتوات، موضحا انه في العام 1952 اتضحت لإسرائيل عدم واقعية فكرة الترحيل في المدى المنظور، وشعرت بحاجة إلى صياغة سياسة جديدة، ترتكز على أقامة جهازين للحكم، واحد لليهود وثان للعرب، وتطوير نمط من العلاقة الالحاقية والتفتيتية تجاه المجتمع العربي.
وأضاف ان خطة متكاملة تبلورت في أواسط الخمسينيات ارتكزت على ثلاث فرضيات، هي عدم إمكانية الطرد، وعدم إمكانية استيعاب العرب كمواطنين، و ضرورة اعطاء الأمن أهمية كبيرة في العلاقة مع العرب، واتخاذه ستارا لتمرير تغيرات جغرافية.
وختم السعدي باستعراض ما اعتمدته إسرائيل وأجهزتها في تنفيذ هذه الخطة من أدوات كثيرة، هدفت إلى كسر التواصل الجغرافي الفلسطيني، ومنع تبلور أي حراك يفضي إلى مؤسسات ذات مغزى سياسي، كل ذلك عبر التعامل مع المجتمع كطوائف واحياء النعرات في أوساطه، واستحداث مجاميع متعاونين وموالين، وإعادة صياغة الشريحة المثقفة والمؤثرة، ودعم البنية التقليدية العائلية لإحكام السيطرة على المجتمع، وتفريغ فكرة المواطنة من مضمونها.