السبت: 05/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

محمد يحرق محصول النعناع والريحان بعد أن جفت

نشر بتاريخ: 26/04/2013 ( آخر تحديث: 27/04/2013 الساعة: 09:16 )
غزة- معا - يستأجر المزارع محمد ياسين الأسطل، من سكان خان يونس، 5 دونمات من أرض زراعية تبلغ مساحتها 22 دونماً وتقع شمال غرب خان يونس، جنوب قطاع غزة.

واضطر محمد خلال الأسابيع الماضية إلى حرق محصوله من النعناع والريحان، وأفاد: "لقد بدأنا بحرق محاصيلنا مع بداية هذا الشهر، وذلك منذ بدء إغلاق المعبر بشكل متكرر أمام جميع الصادرات."

وأضاف محمد في شهادات شخصية للمركز الفلسطيني لحقوق الانسان: "بسبب إغلاق المعبر، اضطررت إلى إحراق 10 أطنان من النعناع، بمعدل طنين لكل دونم قمت بزراعته. لقد كان المحصول في مرحلة الحصاد والتصدير إلا أنه لم يعد صالحاً للتصدير بسبب إغلاق المعبر، ولكني مضطر لحصاد المحصول على أية حال لتفادي إصابة النباتات بالأمراض.

وتابع :"نقوم بتجميع النباتات في أكوام كبيرة ونتركها حتى تجف تماماً ثم نحرقها بالكامل... حيث كانت هذه النباتات ستعود علي بما يقارب 30 ألف يورو في حال سمح لي بتصديرها, ولكن لم يعد أمامي الآن أي خيار آخر سوى حرقها."|215163|

وفقاً لبيان مشترك صدر عن قوات الاحتلال الإسرائيلي و"مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق" في 21 مارس، قرر رئيس الوزراء الاسرائيلي ووزير الجيش إغلاق معبر كرم أبوسالم رداً على إطلاق صواريخ من غزة باتجاه إسرائيل صباح ذلك اليوم.

ورد في البيان بأن "هذه التغييرات سوف تستمر حتى تقوم القيادة السياسية بتوجيه تعليمات أخرى للجيش الإسرائيلي." بناء على ذلك، تم إغلاق معبر كرم أبوسالم بشكل كامل لمدة 16 يوماً من تاريخ 21 مارس وحتى 18 أبريل. كما تم إغلاق المعبر على فترات متفاوتة بسبب الأعياد اليهودية، رداً على إطلاق صواريخ من غزة وأحياناً دون التصريح بأي سبب واضح.

وأردف محمد قائلاً: "بإمكاني إبقاء النعناع والريحان في الثلاجات لمدة أقصاها 3 أيام بعد حصادها، حيث أن اوراقها تأخذ تذهب الى اللون الاسود بعد ذلك. في حين أن أوراق الثوم المعمر هي المحصول الوحيد الذي يمكن إبقاؤه في الثلاجات لمدة أقصاها أسبوع."

ولا يشكل إغلاق المعبر التحدي الوحيد الذي يواجهه محمد كمزارع، فقد أضاف "كنت أمتلك 7 دونمات من الأراضي الزراعية في خان يونس، ولكن جودة المحصول أخذت في التراجع بسبب ارتفاع ملوحة المياه الجوفية في تلك المنطقة، وفي نهاية المطاف قمت ببيع أرضي عام 2006. بدأت بزراعة أراضي مستأجرة في هذه المنطقة، ونظراً للخبرة التي أتمتع بها بشأن بمتطلبات السوق الدولي، حصلت على شهادة الممارسات الزراعية الجيدة[1](Global GAP scheme)."

كان قرار محمد بأن يزرع النعناع والريحان قراراً مدروساً بعناية، "إن العائد المالي من هذه المحاصيل العشبية أفضل بكثير من المحاصيل التقليدية كالطماطم والخيار، حيث أن عائد الدونم الواحد من الأعشاب أفضل من عائد10 دونمات من المحاصيل التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، فإن المحاصيل العشبية أكثر استقراراً، وتزرع على مدار العام ليتم حصادها مرتين في العام الواحد. كنت آمل أن أستفيد من استثماري لهذا العام، ولكن إغلاق المعبر قد دمر كل شيء."

"لا يمكنني أن أبيع سوى جزء صغير جداً من محصولي في سوق غزة، كما أن الأسعار منخفضة جداً" قال محمد موضحاً عدم جدوى الاستثمار في سوق غزة، حيث أن العائد المالي لا يغطي حتى تكاليف النقل والتسويق في السوق المحلية. لقد كان قرار محمد بزراعة المحاصيل للسوق الأوروبية قراراً إستراتيجياً. |215161|

"في السوق الأوروبية، بإمكاني تحقيق ربح يعادل 3 أو 5 مرات ناتج الربح المحلي من محصول النعناع، حيث أن الأمر مختلف تماماً. على سبيل المثال، عندما أحاول بيع أرواق الثوم المعمر في السوق المحلية يقابلني الناس بالإستهزاء ويتساءلون لم لا أبيعهم الثوم الحقيقي، وذلك أنني أقوم بزراعة أرواق الثوم المعمر خصيصاً للسوق الأوروبية، ولا يتم استخدامها في الطبخ هنا. تستوفي ما نسبته 80% من محاصيلي المعايير الأوروبية، ولكن لا يمكنني تصديرها للأسواق الأوروبية، على الرغم من حصولي على شهادة الممارسات الزراعية الجيدة. ففي الوقت الذي نكون فيه مستعدين لتصدير المحصول، نواجه الكثير من المتاعب."يقول محمد .

ويستثمر محمد على مدار العام الكثير في الدونمات الخمس التي يزرعها، "أنفق ما يقارب 2500 دولار على العمال، والأسمدة، والأشتال والمياه. إضافة إلى ذلك، أدفع 400 دينار أردني سنوياً مقابل إيجار الأرض، عدا عن تكاليف الأغطية البلاستيكية، والأطر الحديدية، ونظام الري. يجب علي أن أدفع بدل إيجار الأرض سواء تمكنت من تصدير محصولي أم لا."

محمد هو أب لولديْن وبنتيْن تتراوح أعمارهم مابين 3-12 عاماً. لقد تسببت خسارة المحاصيل الزراعية في خلق صعوبات مالية لمحمد وأسرته، حيث علّق:" لقد تراكمت علي الديون. إن استمر الحال على ما هو عليه، سوف اضطر إلى زراعة نباتات أخرى ذات عائد مالي قليل تتماشى والطلب في السوق المحلي. إنني مرغم على التفكير في هذا الخيار بسبب الأوضاع الصعبة لكي أتمكن من سداد الديون، إذ أنني مسؤول عن عائلتي وعن عمالي."

يعاني محمد من تأثير الخسائر على العمال الذين يستأجرهم، واوضح قائلاً: "خلال موسم الحصاد، أقوم بتأجير 30 عاملاً لعدة أيام، حيث يقومون بمساعدتي في الحصاد ولكن إن لم أتمكن من التصدير لن يكون هناك أي عائد مالي." ويتساءل: "إن كنت لا أستطيع توفير احتياجاتي واحتياجات أسرتي، كيف لي أن أقدم دخلاً مناسباً لعمالي؟"

إن حالة الغموض التي تكتنف حالة المعابر تعني أنه على محمد أن يتخذ قراراً صعباً، "استثمر في زراعة هذه الأراضي مبالغ كبيرة، ولكني لم أجنِ منها سوى الخسارة في نهاية الأمر. إذ أصبح البقاء والنجاة هو جل ما نتمناه. وإن الحياة تتعدى مجرد النجاة أوالقلق بشأن الطعام والشراب؛ أنا أريد أن أوفر الأمن المالي لأسرتي."

لا يستبعد محمد احتمال الهجرة للبحث عن فرص مجدية للزراعة، "إن الانتقال إلى مكان آخر قد يفتح المجال لمستقبل أفضل لنا. أما هنا، فأمرنا مرهون بمواعيد إغلاق المعبر. إن هذه الإغلاقات تحدث فارقاً كبيراً لنا كمزارعين. وأتمنى أن تقوم الدول الأوروبية بالضغط على إسرائيل كي تسمح لنا بتصدير منتجاتنا. كل ما نحاول فعله هو تصدير مواد غذائية لاغير."

وبالنظر إلى الأحوال العامة، لا يشعر محمد بالتفاؤل حيال المستقبل: "يتضح لي في كل عام أن العام الذي سبق كان أفضل بكثير من العام الحالي. لم نعد نتقدم، نحن في رجوع وتأخر مستمرين."

ويشكل الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، وإجراءات الحظر العقابية المفروضة على الصادرات، شكلاً من أشكال العقاب الجماعي على المدنيين الذين يعيشون تحت الاحتلال، وهو ما تحظره صراحة المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة. يتوجب على إسرائيل، كقوة محتلة، الالتزام بواجبها القانوني الذي يقضي باحترام العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما فيه المادة 6، والتي تعترف بالحق في العمل كحق أساسي، والمادة 11، والتي تقر بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى، وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية.