الإثنين: 30/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

"نادي جنين"... حلم المحترفين تحول إلى كابوس

نشر بتاريخ: 30/04/2013 ( آخر تحديث: 30/04/2013 الساعة: 19:47 )
بقلم: محمد العمري

صحيح أن أحدا لم يكن يتوقع من أبناء جنين أن ينافس فريقها ممثل المحافظة الوحيد في دوري المحترفين على لقب الدوري، وفي المقابل لم يكن متوقعا هبوطه السريع والحزين من الدوري والعودة مجددا لدوري المظاليم.

نعم هذا ما حصل لنادي جنين الذي هبط إلى دوري الدرجة الأولى "الاحتراف الجزئي" بعد موسم واحد ويتيم في المحترفين بعد حلوله في المركز الثاني عشر والأخير برصيد 16 نقطة جمعها من 22 مباراة !

وقبل الحديث عن الهبوط وأسبابه ومن يتحمله، لا بد من الإشارة إلى أنه وعلى ما يبدو قد وصلت فضيحة التلاعب بالنتائج في عالم المستديرة إلى فلسطين، وهذا الأمر مرتبط بأكثر من فريق، وهناك نتائج تدلل على ذلك من خلال تحقيق فرق لانتصارات لن تحققها حتى بالأحلام، ما يدعو إلى التشكيك بكرتنا ونزاهتها؟

ما حدث في بعض المباريات وخاصة بالجولات الأخيرة يدعو إلى الإسراع في تشكيل لجان تحقيق صارمة، في ظل وجود بعض الأشخاص الذين لهم باع في التلاعب بالنتائج، لذلك على اتحاد كرة القدم أن يكون صارما في قراراته هذه المرة وأن لا يسامح أيا كان تثبت مشاركته في التلاعب والعمل على تهبيط النادي والأندية المشاركة بالتلاعب مهما كانت سمعتها أو قيمتها أو انتمائها لأن تاريخ كرة القدم الفلسطينية أغلى من الجميع.

وبالعودة إلى مشوار جنين، فإن الشيء المدهش والمفاجئ الذي أصاب الفريق في الدوري أنه جمع نصف نقاطه الـ16 خلال الأسابيع الأربعة الأولى!، حيث حقق انتصارين وتعادلا، إلا أنه فشل بعدها وخاصة في مرحلة الإياب في مواصلة النتائج المرضية وحقق انتصارا يتيما كان على حساب مؤسسة البيرة الذي نجا من الهبوط.

من يتحمل مسؤولية الهبوط بشكل رئيس اللاعبون والطواقم التدريبية المتعددة التي تولت تدريب الفريق على مدار مباريات الدوري، إضافة إلى غياب الملعب البيتي الحقيقي، وغياب الدعم من رجال الأعمال أيضا.

ولم تكن هذه هي الأسباب الوحيدة، ولكن عدم وجود مساندة من شخصيات رياضية من جنين أو محسوبة على المحافظة في الاتحاد، إضافة إلى الجماهير التي كانت وفية ولكن كان بعضها سلبي وحرم الفريق من اللعب على أرضه عدة مباريات هامة.

وبالنسبة للاعبين، نعم كان هناك غياب حقيقي على أرض الواقع لانتماء اللاعبين لناديهم الأم، حيث ظهر التقاعس منهم بشكل ملفت وأصبح الهم المالي ملازما لمعظمهم وأصبحوا يغيبون عن التدريبات بحجج مختلفة على اعتبار أنهم محترفون ويريدون رواتبهم وإلا فإنهم لن يلعبوا، علما أن الاحتراف جديد عليهم.

كما شكل تعدد المدربين على تدريب الفريق نقطة سلبية في مشواره، حيث أن ذلك أثر كثيرا على اللاعبين وعلى انسجامهم مع مدرب محدد، كما أن عدم وجود شخصية قوية وحازمة للمدربين الذين تعاقبوا على التدريبات ساهمت في تذبذب المستوى، لأن اللاعبين بحاجة لمدرب صاحب شخصية قوية تؤثر عليهم إيجابا خلال التدريبات أو خلال خوض اللقاءات الرسمية وكان التهاون سمة للمدربين وكأن هناك خوف من اللاعبين وتطبيق كل ما يريدونه خوفا من غيابهم عن المباريات، وكأن اللاعب هو صاحب القرار وليس المدرب!

أما الملعب البيتي فيبدو أنه أصبح قضية شائكة وصعب أن تحل باعتباره مشكلة ولا يمكن التعامل معها، والكل كان يقول إن القرار ليس بيد القائمين على المحافظة، وإنما غياب الدعم، ولكن هذا كان هراء وبعيدا عن الواقع فقد توفرت الأموال اللازمة لإصلاح وتأهيل الملعب، ثم غابت وذهبت لغير مشروع دون أن نعرف أين ذهبت.

والمشكلة الأكبر أن هناك من وضع تأهيل الملعب نصب أعينهم خلال الانتخابات البلدية في المدينة وأكدوا أن همهم وشاغلهم الكبير هو إصلاح الملعب وإعادة الحياة له مرة أخرى ولكن هذا لم يحدث بل أن هناك من تقدم مشكورا للمساهمة في ترميمه لكن وجدوا عقبات كبيرة لأن المسؤولين أو المهتمين بالملعب تحدثوا عن أهمية بناء مدارس في المدينة بدلا من الملعب وكأن المدينة فقيرة بالمدارس مع العلم أن هناك اكتظاظا بعددها وليس بعدد الطلاب؟

أما الدعم المالي فلم يكن موجود أصلا من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال على اعتبار أن المدينة فقيرة ومعدمة منهم، مع أنه على أرض الواقع فإنها تعتبر الأغنى ولكن على ما يبدو فإنهم لا يعرفون أن هناك فريقا يمثلهم ويمارس كرة القدم.

وهناك نقطة مميزة لرجال أعمال المدينة أن أغلبهم هم أصحاب قرار في المؤسسات والبنوك المحلية وباستطاعتهم تقديم الشيء الكبير، ولا يتوقفون عن "الجعجعة" بأنهم سيدعمون الفريق بالأموال ويأتوا بالدعم لهم، لكن ذلك كله يذهب بين ليلة وضحاها ولا يتحقق أي شيء على أرض الواقع، على عكس باقي الأندية التي تجد الدعم والمساندة من رجال أعمالها وأصحاب الأموال الذين هم فعلا أوفياء وصادقين وليسوا كأبناء جنين "يثرثون" فقط للكلام؟

أما بالنسبة لممثلي المحافظة في الاتحادات الرياضية، فلم نشاهد لهم أي تأثير حقيقي أو دعم ملموس على أرض الواقع لدعم الفريق ومساندته أو حتى الدفاع عنه في حال اتخاذ قرارات عقابية بحقه، علما أنهم محسوبون على الفريق، لكن يبدو أن كلمتهم ليست مسموعة أو الأقرب من ذلك أنهم لا يعترضون على العقوبات التي كانت تفرض على ناديهم، وكان همهم الوحيد أن يمشوا مع التيار وأن يمثلوا المحافظة في السفرات الخارجية والمشاركة بالمؤتمرات باسم جنين.

ولعل جماهير النادي كانت وفية وداعمة لفريقها خلال معظم مباريات الدوري ووقفت مع الفريق وساندته حتى آخر نفس، لكن ما عاب هذه الجماهير غياب الوعي الحقيقي وثقافة التشجيع للبعض للتعبير عن حبهم وتعلقهم بالفريق ما أثر سلبا على النادي وتعرض للعديد من العقوبات وبالتالي حرمانه من اللاعب على أرضه وإقامة مباراة مهمة وحاسمة على أرضه ونقلها لملعب خارجي ما جعله يخسر نقاطا كثيرة بالمجان.

وآخر الكلام، لا يجب أن يكون الهبوط نهاية المشوار للفريق بل يجب أن يكون دافعا لانطلاقة جديدة تعيده سريعا إلى دوري الكبار بصوره أقوى من خلال الاعتماد على لاعبي الفريق، خاصة قطاع الناشئين الذين من المهم أن يصبحوا هم الأساس الذي يعتمد عليه الفريق.