الحرب الإسرائيلية القادمة تزامنا مع تقليص ميزانية الجيش
نشر بتاريخ: 11/05/2013 ( آخر تحديث: 11/05/2013 الساعة: 14:01 )
بيت لحم- معا - عاد نهاية الأسبوع الماضي الجيش الإسرائيلي إلى الحالة" الروتينية" التي سبقت العدوان الأخير على سوريا وحالة التوتر التي أعقبته، وبدأ يحضر نفسه لمعركة من نوع أخر وصفها موقع " معاريف" الالكتروني اليوم " السبت " بمعركة الميزانية الكبرى المتوقع أن تشهدها الأحد القادم أروقة جلسات الحكومة الإسرائيلية.
ولمعرفة الكيفية التي يدير فيها الجيش الإسرائيلي معركة الميزانية، يجب أن نعود إلى ما قبل أسبوعين حيث بداية التوتر في المنطقة الشمالية التي دشنتها عملية إرسال الطيارة دون طيار التي اعترضتها وأسقطتها مقاتلات إسرائيلية بآلة سواحل مدينة حيفا.
ووفقا للموقع الالكتروني يعلم الجيش جيدا هوية الجهة التي أرسلت الطائرة، وليس بالضرورة ان يكون حزب الله اللبناني، لكن لا علاقة بين الطائرة والغارة التي وقعت منتصف الأسبوع داخل الأراضي السورية إذ يمكن الافتراض هنا بان المئات من صواريخ الفاتح 110 شقت طريقها من طهران إلى دمشق المحطة قبل الأخيرة لهدفها النهائي " حزب الله"، وتحمل هذه الصواريخ رؤوسا حربية لا تقل عن نصف طن وتتمتع بنظام توجيه يمكنها ضرب كل نقطة وسط إسرائيل بدقة تصل إلى أمتار معدودة علما بان هذه الصواريخ تعمل بالوقود الصلب ومحمولة على منصة إطلاق متحركة ما يعني إمكانية إطلاقها خلال وقت قصير جدا سيجعل مهمة سلاح الجو الإسرائيلي الاعتراضي أو الهادفة إلى تحديد مواقعها وتدميرها ومنع إطلاقها صعبة جدا
|218018|
وتشكل هذه الصواريخ تحديا ضخما وجديا لمنظومة القبة الحديدية خاصة وان عملية تزويد الجيش الإسرائيلي بمنظومة " العصا السحرية " الخاصة بتدمير صواريخ متوسطة وبعيدة المدى، لا تزال بعيدة المنال علما بان تطوير " العصا السحرية " كان من المفترض الانتهاء منه عام 2014 ما يعني عدم وجود فرصة حقيقة لاستيعاب هذه المنظمة ضمن منظومات الدفاع الجوي في العام القادم، وهذا تماما ما جعل نقل صواريخ الفاتح 110 خطا إسرائيليا احمرا رسمته الحكومة الإسرائيلية أمام لبنان وسوريا وإيران، وسبق ان حاول وزير الجيش " يعلون " رسم هذه الخطوط وتوضيحها لوزير الجيش الأمريكي الذي زار إسرائيل الشهر الماضي، لكن يبدو أن الوزير الأمريكي لم يستوعب الرسالة الإسرائيلية كما ينبغي، لهذا وضع وصول الصواريخ للاراضي السورية إسرائيل أمام معضلة هل تنفذ تهديداتها وتهاجم شحنة الصواريخ والأسلحة الإستراتيجية أم تتغاضى عنها وتتجاهلها.
ووفقا لمصادر أجنبية وأمريكية اختارت إسرائيل الخيار الأول وشنت يوم الجمعة الماضية غارة على ما قيل بأنها قافلة تنقل الأسلحة الى حزب الله، وقبل أن يستفيق الجانب السوري شنت الأحد الماضي غارة أخرى مفاجئة وشديدة على جبال دمشق الشمالية، حيث نقلت الصواريخ التي نجت من الغارة الأولى التي كانت مخططة سلفا على عكس الغارة الكبيرة التي وقعت يوم الأحد والتي قيل عنها بأنه مجرد استغلال لفرصة نجاح لاحت بالأفق ولم تكن مخططة سلفا حسب تعبير موقع " معاريف" العبري .
وأضاف " وبدت الغارة الأخيرة كعمل حربي حقيقي ويمكن لنا الافتراض بان إسرائيل استخدمت جميع الوسائل المتوفرة لديها بداية من العملاء والجواسيس وصولا الى التصوير الجوي والتجسس الالكتروني وعمليات التنصت على شبكات الاتصال السورية لتتمكن من تحديد مكان وزمان شحنة الصواريخ وهذا ما قد يفسر كثافة الطلعات التي نفذتها المقاتلات الإسرائيلية في سماء لبنان والمنطقة الشمالية قبيل الغارات ما يعني بان هذه الطلعات كانت للتصوير والتجسس فضلا عن اجراء سلاح الجو الإسرائيلي هذه الأيام عمليات تصوير لا تتوقف أبدا" .
القذائف الذكية
ويبدو إن عدة أسراب أو وجبات " رباعية " حلقت وشنت الغارات قرب دمشق، وهذه الطائرات لا تحتاح لاختراق الأجواء السورية أو حتى اللبنانية لضرب سورية بل يكفيها التحليق فوق مياه البحر قبالة الساحل اللبناني ومن ثم تطلق قذائفها الذكية التي تعرف طريقها جيدا وتصل أهدافها على بعد عشرات الكيلومترات وسلاح الجو الإسرائيلي يمتلك عدة أنواع من هذه الذخائر الذكية وفي مقدمتها صاروخ " SPICE " وهو من إنتاج شركة " رفائيل" الإسرائيلية والقادرة على رصد وتشخيص الهدف من خلال مقارنته بصور سبق أن أدخلت إلى دماغه الالكتروني، وهناك صاروخ اخر من إنتاج الصناعات العسكرية " تاعس" ويدعى صاروخ " دليلة " وهو قادر على التحليق فوق الهدف حتى لحظة مهاجمته وهناك أيضا منظومة " JDAM " الأمريكية التي يتم إضافتها وتركيبها على قنابل " غبية " تزن طن لتحولها إلى قنابل موجهة عبر نظام " جي –بي- اس" وتسمح للطائرات المغيرة بإطلاق هذه القنابل من ارتفاعات شاهقة لتوصل القنابل" الغبية- الذكية" طريقها إلى أهدافها لتدمرها بدقة عالية .
ومهما كان نوع الذخيرة المستخدمة فقد حفرت نتائج الغارة الإسرائيلية جيدا في أذهان الدمشقيين، الذين شاهدوا عاصفة الدخان التي انطلقت من مواقع الصواريخ واستمعوا إلى أصوات الانفجارات الثانوية الهائلة حسب تعبير الموقع الالكتروني.
لم تستطع الحكومة السورية التي تجاهلت الغارة الأولى تجاهل الهجوم الثاني واختارت إصدار التهديدات والقول بان الهجوم يثبت تعاون المتمردين مع إسرائيل الأمر الذي لم تتخذه المؤسسة الأمنية الإسرائيلية على محمل الجد سواء التهديدات أو الادعاءات بعلاقة المتمردين مع إسرائيل ومع ذلك اتخذت خطوة احتياطية ونشرت بطارية القبة الحديدية في المنطقة الشمالية وأجرت تدريبا عسكريا واسعا تحت اسم " زهور الربيع" قيل بأنه تم وفقا لخطة مسبقة وسابقة للهجوم وتم هذا التدريب على شاشات الحواسيب فقط حتى لا يتسبب تحريك قوات برية في الميدان إلى توتير الوضع المتوتر أصلا .
وحاول رجالات الأسد الادعاء بان هدف الغارة هو مساعدة المتمردين بعد التقدم الذي أحرزه الجيش النظامي وأصبحت يده هي العليا في ميدان القتال الداخلي وهذا الادعاء ليس دقيقا أيضا إذ سجل الجيش السوري بمساعدة مكثفة من إيران وحزب الله بعض النجاحات والانجازات التكتيكية في العديد من مناطق القتال لكنه وبشكل عام في وضع انسحاب وتراجع مستمر منذ عامين .
وأخيرا يبقى السؤال" ماذا مع حزب الله ؟ لقد حافظ نصرالله على مستوى منخفض خلال الأسبوع الماضي مدعيا بان الصواريخ التي تم تدميرها في سوريا لم تكن مخصصة لحزبه مطلقا حسب تعبير موقع " معاريف" الالكتروني .
معركة الميزانية
| 218019|
يمكن اجمال نتائج الغارة المنسوبة لإسرائيل بعدة نقاط أولها تحسن قدرة الردع الإسرائيلية وظهور مدى استعداد وجاهزية الاستخبارات الإسرائيلية سواء قبل الغارة أو بعدها لكن يبقى احتمال عمليات إسرائيلية جديدة لإعادة رسم الخطوط الحمراء أمرا قائما وواقعا.
لكن حاليا تفرغت قيادة الجيش الإسرائيلي لخوض معركة هامة وكبرى ضد وزارة المالية هذه المرة وتشكل مكاتب وقاعات الحكومة ميدانها الأساسي وستنطلق شرارتها الأولى الأحد القادم "غد" في ساعات بعد الظهر وسيكون رجال وزارة المالية المعنيون بتقليص ميزانية الجيش بما لا يقل عن 4 مليار شيكل أهم أطرافها يقابلهم قيادة الجيش التي ستحضر الجلسة بكامل هيئتها وتشكيلتها وذلك لعرض خطتها التسليحية التي أطلقت عليها اسم " عوز " وشرح الاحتياجات المالية لهذه الخطة .
عمليا لم تكن خطة التسليح " عوز " خطة رسمية بأي وقت من الأوقات حيث يعمل الجيش الإسرائيلية دون خطة متعددة السنوات منذ عام 2010 حين انتهى مفعول الخطة التسليحية السابقة " تيفن" وكان من المقرر أن تدخل في صيف 2011 خطة تسليحية بديلة باسم " حلميش" لكن جرى تجميدها على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية التي شهدنها شوارع إسرائيل في ذلك الوقت
وجرى على 2012 بلورة خطة " عوز " لكن لم يتم المصادقة عليها رسميا بسبب إجراء الانتخابات المبكرة ورغم ذلك ابرم نائب رئيس الأركان السابق" يائير نافية " عين هذا الأسبوع مديرا عاما للصناعات العسكرية " صفقات ضخمة مع الصناعات العسكرية التي شرعت بتنفيذ عدة مشاريع ما يعني رسميا تقديم هذه المؤسسة لقروض مالية للجيش ووافقت على تقسيط استحقاقات مالية اخرى حتى نهاية العقد الحالي .
المشكلة ان الجيش الإسرائيلي لا ينظر لوزير الجيش الحالي " بوغي يعلون" بوصفه محاربا شرسا في مجال الميزانيات وسبق له إن استسلم لضغوط وزارة المالية وقبل بتقليصات حادة في ميزانية الجيش أثناء إشغاله منصب رئيس أركانه بداية العقد الحالي وأدت تلك التقليصات الى وقف برامج تدريبية كثيرة وخفض مستويات مخزونات الذخائر الأمر الذي تجلت تأثيراته الكبيرة خلال حرب لبنان الثانية عام 2006 والحديث لموقع " معاريف" الالكتروني .
ثمن التقليصات المتوقع :
من المقرر ان يصل " يعلون " الأسبوع القادم إلى ساحة النقاش المصيري تحت ظلال تصريحات سابقة أدلى بها أثناء إشغاله منصبه السابق بان هناك إمكانية لتلقيص ميزانية الجيش للأعوام 2014-2015 وذلك على ضوء احتياجات الاقتصاد الإسرائيلي وهذا التصريح لا يشكل بالنسبة لقيادة الجيش موقفا استهلاليا جيدا ومع هذا تبقى الفجوة بين موقف المالية والجيش عميقة وكبيرة حيث يوافق " يعلون" على تقليص ميزانية 2013/2014 بشرط اعادة الأموال التي سيتم اقتطاعها لخطة الجيش متعددة السنوات خلال الأعوام القادمة فيما تتحدث المالية الاسرائيلية عن تقليص كبير وعميق لكن يتم تعويض الجيش عنه مطلقا علما بان الوزير الحالي يعلون لا يتمتع بقدرات الوزير السابق " باراك " الذي عرف كيف يعيد أموال الميزانية التي يتم تقليصها عبر دفعات مالية إضافية تصب في خزينته في الأشهر التي تلي الاقتطاعات وبالتالي نجح بتعوض ما خسره .
واخيرا سيشرع الاحد القادم رئيس قسم التخطيط في الجيش والمستشار القانوني لرئيس الاركان ونائب رئيس الاركان ورئيس الاركان ذاته لوزراء الحكومة مغزى وتاثير ومعاني التقليصات وسيدعون بان تقليص الميزانية سيمس وبشكل فوري بمخزون الجيش الاحتياطي وبمدى جاهزية القوات النظامية والاحتياطية الذين سيعانون من تقليص برامج التدريبات وسيلجأ الجيش وقيادته الى طرح الكثير من الامثلة على الاضرار المتوقعة لتقليص الميزانية مع تسليمهم حاليا بضرورة تقليص الميزانية بشكل سيؤثر على برامج ابتياع نقالات الجنود الجديدة من نوع ميركافاه المعروفة باسم " النمر" لكن يبقى السؤال المطروح يتعلق بحجم وعمق التقليص الامر الذي ستحسمه الحكومة وحدها من خلال جلسة نقاش الميزانية المقرر عقدها الاثنين القادم وفي كل حال فان أي رقم سيتم طرحه او الاتفاق عليه سيبقى مادة للجدل والنقاش الذي سيتفجر مع كل حادث او وضع امني يستجد مستقبلا .