حزب الله 2013: الحزب الذي لن تعرفوه
نشر بتاريخ: 11/05/2013 ( آخر تحديث: 11/05/2013 الساعة: 20:33 )
بيت لحم - معا - تناول المحلل العسكري لصحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، ليلياخ شوفيل وتحت عنوان "حزب الله 2013" الإمكانيات العسكرية والتنظيمية والبنيوية التي طرأت على حزب الله منذ نهاية حرب 2006 ، داعيا إلى عدم السماح للتطورات الميدانية التي وقعت الأسبوع الماضي على الجبهة السورية الإسرائيلية بصرف الأنظار عما يجري في لبنان وعن التطورات التي يعيشها حزب الله الذي يشكل الخطر الحقيقي على العمق الإسرائيلي والذي شرع بإعادة بناء نفسه وتجهيز قواته للمواجهة القادمة فور دخول وقف إطلاق النار عام 2006 حيز التنفيذ.
وقال المحلل في مستهل تحليله المنشور اليوم السبت، أن حزب الله يدرك تماما ما هو حال الجيش الإسرائيلي بأن الحرب قادمة لا محالة وان الأمر يتعلق بالتوقيت والزمان ليس إلا، لذلك شرع من فوره بإعادة تنظيم صفوفه وتجنيد المقاتلين وتخزين الأسلحة.
ووصف المحلل حزب الله عام 2013 بالأكثر استقلالية والأكثر تسليحا والأكثر جرأة وشجاعة إضافة إلى تغييره لطرق القتال التي كان يتبعها حيث ادخل عليها تغيرات جوهرية وهامة.
"انه حزب قادر على التعلم واستخلاص العبر، ودرس جيدا حرب 2006 وفهم ما يمكن للجيش الإسرائيلي أن يقوم به لذلك إتبع سياسة ضبط النفس لأقصى درجة والامتناع قدر الأماكن عن استخدام القوة حيث اعتاد قبل الحرب الأخيرة تنفيذ العمليات ضد إسرائيل بمستوى منخفض لكن بوتيرة مرتفعة مثل عمليات الخطف ووضع العبوات الناسفة وإطلاق الصواريخ لكنه حافظ على صمت أسلحته خلال السنوات السبعة الماضية ليس لأنهم لا يمتلكون أسبابا للعمل ضد إسرائيل حيث وقعت في الفترة المذكورة الكثير من الإحداث التي حمل حزب الله إسرائيل مسؤوليتها لكنه امتنع عن تنفيذ اية عملية ضدها" قال عاموس يدلي رئيس معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي والرئيس السابق للاستخبارات العسكرية "امان".
دقة مقلقة
عكف حزب الله خلال السنوات الماضية وفي سياق استخلاص العبر من الحرب الأخيرة على تطوير قدراته القتالية في محاولة منه لمواجهة التفوق الإسرائيلي الساحق وغير القابل للشك وكانت ترسانة الصواريخ من أهم المواضيع التي ركز عليها حزب الله حيث شرع بعملية إعادة تسلح صامتة وهادئة حققت له ترسانة لا تقل عن 60 ألف صاروخ تشكل تهديدا خطيرا وفوريا للعمق الإسرائيلي، ووفقا للتقديرات الاستخبارية تتكون غالبية الترسانة الصاروخية التي يمتلكها الحزب من صواريخ قصيرة المدى لا يزيد مداها عن عشرات الكيلومترات وما يقارب 5000 صاروخ متوسط المدى "250 كم" بإمكانها الوصول حتى تل ابيب وما يقارب 300 صاروخ بعيد المدى تغطي كافة الأراضي الإسرائيلية.
وتعتقد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بقدرة حزب الله على إطلاق 10 أضعاف الصواريخ التي كان قادرا على إطلاقها نحو تل أبيب ووسط إسرائيل خلال حرب 2006 معتمدين في مواجهتها على منظومة القبة الحديدية التي قيل بانها غيرت قواعد اللعبة خلال العدوان الأخير على غزة والمعروف باسم " عامود السحاب".
لكن ليس فقط اعداد الصواريخ الكبيرة التي يمتلكها حزب الله هي من تؤرق القيادة الامنية الاسرائيلية وتجعل النوم عليها مستحيلا لكن التحسن الكبير في مستويات الدقة التي تتمتع بها هذه الصواريخ.
اعتادت قيادة الجيش الاسرائيلي القول خلال السنوات الماضية بان غالبية الصواريخ التي يمتلكها حزب الله هي صواريخ غير دقيقة وغير موجهة وذات مستوى دقة متدني جدا لكن الحزب تلقى خلال السنوات الماضية صواريخ دقيقة على سبيل المثال صوواريخ M-600 التي تنتجها سوريا وهي نسخة اقل تأثيرا من الصاروخ الايراني الفاتح 110 التي ادعت اسرائيل تدمير بعضها في غارة شنتها الاسبوع الماضي على مواقع قرب العاصمة السورية دمشق.
حين تسلم حزب الله صواريخ M-600 كما يبدو عام 2010 بحثت اسرائيل امكانية مهاجمة القافلة التي نقلتها من سوريا الى لبنان لكنها تراجعت عن خطتها لاعتبارات مختلفة.
وفقا لمصادر استخبارية غربية يمتلك حزب الله الان مجموعة من صواريخ سكود D الدقيقة نسبيا وإسرائيل تدرك تماما بان امتلاك حزب الله قدرة عالية على التصويب ستمكن الحزب من توجيه ضربات فعالة للبنية التحتية الإسرائيلية العسكرية منها والمدنية مثل المطارات ومنشات التجنيد ومراكز القيادة والسيطرة التابعة للجيش الإسرائيلي.
ويسود أوساط الأمن الإسرائيلي اعتقاد راسخا بأنه وفي حال عدم حدوث تغيير على نمط العمل ولم تنفذ عمليات وقائية فعالة سينجح حزب الله خلال السنوات الخمس القادمة بتحقيق غايته المتمثلة بامتلاك قدرات صاروخية تتكون من مئات الصواريخ عالية الدقة "لا مشكلة كبيرة في امتلاك حزب الله عشرات ألاف الصواريخ غير الدقيقة لكنه إذا امتلك مئات الصواريخ الدقيقة فهذا الأمر سيكون سيئا جدا مع التأكيد على عدم الاستهانة بالقدرات التي يمتلكها الحزب حاليا" نقل المحلل العسكري لصحيفة "اسرائيل اليوم" عن مصدر عسكري إسرائيل وصفه بالرفيع.
ويحاول حزب الله في سياق جهوده لإعادة تسليح نفسه وضع يده على منظومات أسلحة متطورة جدا موجودة في سوريا وإيران مثل منظومات مضادة للطائرات، صواريخ تطلق عن الكتف متطورة وصولا إلى امتلاك أسلحة كيماوية وتعتقد إسرائيل بان حزب الله لا يمتلك حتى اللحظة صواريخ بر- بحر من طراز "ياجونت" صينية الصنع مع ان صواريخ من هذا النوع موجود في سوريا وإذا نجح الحزب في الحصول على بعضها سيهدد السفن الحربية الإسرائيلية بشكل جدي كما سيهدد المواقع الإستراتيجية الإسرائيلية القائمة في عرض البحر "أبار الغاز وغيرها".
كما تعتقد إسرائيل ومؤسستها الأمنية وفقا للمحلل العسكري المذكور بان حزب الله لم يمتلك حتى ألان منظومات دفاع جوي متطورة مثل SA-17 القادرة على الحد من حرية عمل الطائرات الحربية الإسرائيلية وسبق لإسرائيل وفقا لمصادر غربية ان هاجمت قافلة كانت تنقل مثل هذه الصواريخ من سوريا إلى لبنان وكان الهجوم في يناير من هذا العام.
شكلت سوريا على مدى السنوات الماضية العمق الاستراتيجي اللوجيستي لحزب الله حيث احتفظ على أراضيها بالوسائل القتالية المتطورة التي يمتلكها لحمايتها من ضربات إسرائيلية محتملة بافتراض بإمكانية نقلها إلى لبنان عند الحاجة إليها، يشعر الحزب في الفترة الأخيرة بان العمق الاستراتيجي لم يعد آمنا لذلك يحاول نقل أسلحته إلى الداخل اللبناني وإذا أضفنا لهذه المخازن القائمة شحنات الأسلحة الجديدة والمتطورة التي وصلت من ايران ومن روسيا يمكننا رؤية حركة نقل الأسلحة القادمة من إيران وسوريا باتجاه لبنان والتي بدأت قبل 10 سنوات عادت للعمل بكامل قوتها ونشاطها وما لم يجرؤ الأسد الأب على القيام به يقوم به حاليا الأسد الابن خاصة على خلفية الهجمات الإسرائيلية الأخيرة" قال عاموس يدلين.
هناك من يدعي ان الوضع الهش السائد في سوريا خلق ثورة عكسية في علاقاتها مع حزب الله وإذا اعتبرت سوريا فيما مضى "عراب الحزب" وداعمه الأساسي تغيرت حاليا موازين القوى وتحول حزب الله إلى النصير والراعي للنظام السوري بدعم مكثف من إيران ولم تعد إسرائيل وفي ظل الوضع الناشئ متأكدة من حاجة حزب الله الى سوريا خاصة ان الحزب لم يبن إستراتيجية مطلقا على فرضية وصول قوات سورية لدعمه في الأوقات العصيبة وهذا ما حدث في حرب 2006 حيث لم يخف الجيش السوري دعم حزب الله.
"يعتبر حزب الله الحزب شبه السياسي الوحيد الذي يمتلك قدرات هجومية بهذا الحجم قدرات لا تمتلكها حتى بعض الدول" قال رئيس الأركان الإسرائيلي بني غنتس خلال كلمة أمام مؤتمر معهد دراسات الأمن القومي قبل أسبوعين من ألان، وأضاف " يعتبر هذا الأمر ذا مدى بعيد حزب الله يعيش حالة من الردع بعد حرب 2006 وكذلك بعد دراسته لعملية "الرصاص المصبوب" و"عامود السحاب"، ويشعر بالقلق لرؤية محور الدعم الاستراتيجي المتمثل بايران وسوريا اخذ بالتصدع وهناك فرصة لتحوله إلى حزب معزول مستقبلا، إضافة للضغوط اللبنانية الداخلية التي يتعرض لها ورغم كل ذلك يحاول الحزب مساعدة بشار الأسد قدر استطاعته ويحاول أن يضع يده على الأسلحة والوسائل القتالية وتجهز نفسه للأيام القادمة".
حزب الله مصدر للفخر
يضم حزب الله وفقا للمعلومات الإسرائيلية ما بين 30-40 الف مقاتل وتتكون قيادته من مجلسين أساسيين مجلس الشورى المقررة حيث تتخذ القرارات الأساسية ومجلس الشورى التنفيذية المسؤولة عن إدارة العمليات الميدانية فيما تنقسم قواته النظامية إلى ثلاث قيادات مناطقية تقع القيادة الأولى في منطقة البقاع قرب الحدود السورية فيما تقع الثانية في بيروت العاصمة وبالثالثة في الجنوب اللبناني وتنقسم كل منطقة وقيادة حسب حاجتها وطريقة عملها.
وخلافا لهذه القيادات يحتفظ الحزب بقوة خاصة ومتخصصة بتنفيذ العمليات الخارجية إضافة إلى جسم مدني قوي ومتماسك ممول إيرانيا ويزود مقاتلي الحزب وعائلاتهم بالمؤسسات التعليمية والصحية والاجتماعية والدينية وغيرها.
وقال العضو الزميل في مركز "يروشالمي" لدراسات الجمهور والسياسية الباحث "شمعون شابيرا" تعتبر الطائفة الشيعة دارة التجنيد الأساسية لحزب الله حيث يذهب الطفل الشيعي لروضة أطفال تابعة لحزب الله ومدرسة ابتدائية تابعة للحزب وكذلك لحركة شبيبة حزبية ويشرعون بإعطائهم التدريبات الاساسية في سن 13 وذلك في سياق نشاطهم ضمن حركة الشبيبة ويأتي الشيعي في نهاية الرحلة الثانوية ويطلب الانضمام للحزب معتبرا هذا الانضمام عملا طبيعيا جدا بالنسبة له ومصدرا للفخر الكبير".
وتعتبر فترة الخدمة في صفوف الحزب فترة غير محددة فهناك من يخدم في صفوفه من سن 18 حتى 40 عاما ويخضع المجندون المتميزون إلى دورات تدريبية في لبنان ويتم إرسال بعضهم إلى إيران لاستكمال التدريبات ويطالبون بإظهار الولاء إلى زعيم الحزب كشرط لعضويته.
ويتوزع المقاتلون إلى مجالات وتخصصات مختلفة وفقا للباحث "شابيرا" مثل خلايا مضادة للدبابات وصولا إلى الكوماندو البحري وفرق الغواصين والقوة الجوية والأجهزة الاستخبارية حيث درس المنضويين في هذه الأجهزة اللغة العبرية ويستخدمون أجهزة تنصت متطورة تسلموها من إيران، كما دلت الأجهزة التي ضبطها الجيش الإسرائيلي خلال حرب 2006، فيما يواضب جنود القوة النظامية التابعة للحزب على التدريب المستمر وحين يعودون من سوريا يخضعون لتدريب ميداني آخر على أساليب الرصد والمراقبة.
ويحتفظ الحزب إضافة لقواته العسكرية النظامية بآلاف المدنيين بوصفهم قوات احتياطية ينتظرون لحظة الاستدعاء وهنا تتجلى بنيته الواسعة والفعالة حتى يستخدم الحزب بيوت المدنيين في القرى الجنوبية لإخفاء أسلحته بما في ذلك الصواريخ كما يخضع جزء من السكان لتدريبات تتعلق بتاهيلهم للعمل وقت الحاجة والضرورة.