طفولة تتلاشى وراء ضباب دخان السجائر
نشر بتاريخ: 11/05/2013 ( آخر تحديث: 11/05/2013 الساعة: 21:31 )
غزة- تقرير معا - بين أصابعهم الصغيرة يحملون أسباب موتهم المبكر وينشرون بأفواههم ضباب دخان يغطي مستقبلهم، إنهم الأطفال المدخنون بقطاع غزة، والذين ترتفع نسبتهم من يوم لأخر.
فحين تتجول في شوارع المخيمات الصغيرة بالقطاع لا بد وأن تصادف أطفالاً يضعون سجائر الدخان بين أصابعهم أو يخبئونها في ثيابهم لكن رائحتهم وأسنانهم الصفراء تفصح عن تدخينهم، كما أن زلات لسان بعضهم تكشف ذلك أيضا.
خلال مقابلات أجرتها معا مع بعض الأطفال المدخنين بمخيمات المحافظة الوسطى، وضح عدد من الأطفال رفضهم للتدخين والأسباب التي يبرر بها الأطفال المدخنون تدخينهم.
الطفل "م. ع" 9 أعوام قال: "تعلمت التدخين من بعض الأصدقاء الذين التقي بهم بالنادي بعد مغادرة المدرسة بشكل يومي، حيث بدأت أدخن منذ اقل من شهرين عندما أخذت من صديق لي سيجارة بهدف التجربة فقط".
|218100|
وأضاف الطفل حديثه: "ضربني والدي مرتين بعد تلقي أخبار عن تدخيني من بعض الجيران، وبعد الضرب اكف عن التدخين يوم أو يومين، ولكنني أعود إليه دون وعي".
أما الطفل "ي. خ" 12 عاماً فيقول: "أدخن منذ عام تقريبا، حيث أنني أدخن في الشوارع الصغيرة حتى لا يراني احد، أو أدخن فوق البيت في أوقات متأخرة من الليل".
وأكد الطفل أن والديه يضربانه ويوبخانه باستمرار بسبب التدخين، مشيراً إلى عدم قدرته على التخلص من التدخين ليس بسبب الإدمان وإنما نكايةً في احد جيرانه الذي يبلغ والدية باستمرار عن تدخينه.
الأهالي يعبرون عن رفضهم لتدخين أطفالهم، لكنهم يقولون أن الأبناء يدخنون خلسة عنهم ولن يردعهم شيء عن ذلك، لكنهم حملوا المسؤولية للتجار الذين يبيعون الأطفال الدخان.
كما وأكد الأهالي أن عادة التدخين بين الصغار تنتشر بشكل كبير في المخيمات أكثر منها من مدن القطاع، مشيرين إلى إن السبب في ذلك كثرة الشوارع والطرقات الضيقة والمغلقة في المخيمات، بالإضافة إلى عادات الصغار من أبناء المخيمات باللعب في الشوارع والطرقات نظرا لقلة الملاعب والمتنزهات.
بينما يبرر بعض التجار بيعهم للأطفال السجائر هو أن الطفل سيشتري السجائر من أي متجر ولن يردعه ذلك عن التدخين، ويقول أحد التجار أن الأطفال المدخنين يدّعون أن السجائر التي يشترونها ليست لهم وإنما لآبائهم.
|218099|
طفولة تتلاشى وراء ضباب دخان السجائر الذي يفتك بأجسامهم الصغيرة ليرسم لها مستقبلا مشوها لا بد من ضوابط حكومية ومجتمعية لتنقذ مستقبل الأطفال المدخنين.
بدوره قال محمد أبو السبح مرشد نفسي: "قد يلجأ الطفل إلى التدخين نتيجة عدة أسباب كأن يتصور أن هذه العادة تعطيه نوعا من الاستقلالية عن والديه والرجولة والإحساس بالبلوغ ويوحي له بقدرته على الاعتماد على نفسه، تقليد للكبار، إحساسه أن هذا التصرف يمنحه نوعا من "البرستيج" والرقي الاجتماعي وانه يبدو أكثر جاذبية عند حمله السيجارة.
وأضاف أبو السبح: "قد يلجأ المراهق إلى التدخين لاعتقاده أن ذلك قد يكون حلاً لبعض الضغوط النفسية أو الاجتماعية أو المرضية التي قد يتعرض لها، كما أن وجود الفراغ في حياة الطفل من الأسباب المؤدية إلى ذلك".
وعن كيفية الحد من تدخين الأطفال أكد أبو السبح انه يجب إرساء قواعد جيدة للاتصال مع الطفل في وقت مبكر لتسهيل إبداء النصح لهم وبيان مضار التدخين ومدى الخطورة الصحية الناتجة عن ذلك، مشيراً إلى ضرورة مناقشة المواضيع الحساسة بطريقة لا تجعل الطفل في حالة خوف أو ذعر من العقاب، وزرع الثقة في نفس الطفل والتعرف على ما يضايقه أولاً بأول تمهيداً لحله.
وأضاف أبو السبح: "يجب تثبيت القواعد الأساسية لمضار التدخين على الطفل المراهق ابتداءً من رائحته الكريهة وأن هذا مدعاة لابتعاد أصدقائك عنك، كما يجب أن يرى الطفل بعض المناظر التي قد لا يراها على ارض الواقع والتي تبين المضار الخطيرة للتدخين كأن يرى صورة تشريحية لرئة المدخن وان هذا هو بسبب الانزلاق في تلك العادة الضارة".