الثلاثاء: 08/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

الأسير عوض الله اشتية ... فارس على صهوة جواده

نشر بتاريخ: 12/05/2013 ( آخر تحديث: 12/05/2013 الساعة: 09:31 )
بقلم: فؤاد الخفش

كالطود الشامخ والفارس الذي لا يستكين يتنقل الأسير عوض الله اشتية من سجن لآخر ومن اعتقال لاعتقال ، يخوض غمار التحقيق لا تلين له هامة ولا تهمد له نفس ، يصبر على أذاهم ، يزداد مرضاً يوماً بعد يوم ويزداد صلابة ومضاء وإصراراً وتحدياً .

هناك في فلسطين جيل كامل يعرف عوض الله اشتية الذي أصبح مدرسة في أمرين شهد له بهما القاصي والداني ، الأول عزمه وعزيمته وصموده في التحقيق الذي أمضى به ما يزيد عن العام بشكل متقطع مورس ضده كل أشكال وألوان العذاب دون أن يتمكن الاحتلال من انتزاع كلمة ، فدخل السجون ودرس صموده وطرق تعامله مع المحققين الذين هزمهم عوض الله مرات ومرات .

لا يبتسم في مركز التحقيق ولا يتحدث مع المحققين إلا بكلمات واضحات لا أعلم لا علاقة لي ، افعل ما بدا لك لن تأخذ حرفاً واحد وعبثاً حاول ويحاول المحققون كسر شوكة الرجل الذي يصفه الجميع بالعنيد.

الأمر الثاني الذي يسجل للفارس عوض الله اشتية والذي بات حكايات تدرس وقصصاً تروى كحكايته مع التمثيل الاعتقالي في سجون الاحتلال وتحديداً في سجن مجدو بداية التسعينات ، حيث استطاع الرجل بصلابته وإماكاناته أن يحقق إنجازات للحركة الأسيرة لم يسبق أن حققها إنسان في تاريخ السجون لدرجة أن سجن مجدو كتب عنه من قبل إعلام العدو (مجدو خمسة نجوم ).

كانت مصلحة السجون وإدارة السجن تحسب للرجل ألف حساب وعشرات القصص التي نقلت عن الرجل في طرق معاملة مدراء السجن الذين تكسرت عنجهيتهم أمام صلابة هذا الرجل ، لا أقول هذا من باب المبالغة ولكنها الحقيقة التي يعرفها وسمعها كل من مرّ عن مجدو وبمجدو فترة التسعينات .

عوض الله اشتية خلال مسيرته الجهادية اعتقل مرات كثيرة زادت عن الست مرات وفي كل مرة كان يترك خلفه أثرين الأول في قلب زوجته الصابرة وأطفاله الأربعة وعائلته التي يؤلمها ألمه وتكرار اعتقاله في كل مرة .

والأثر الثاني في قلوب أحبابه وأصدقائه ومن عاش معه السجن والأسر والقهر فتتفطر قلوبهم لألمه وتتمنى له الثبات والصبر والعون والتحرر.

الأسير العنيد كما يصفه الاحتلال من قرابة الشهر يقبع في مركز تحقيق الجلمة شمال فلسطين المحتلة ، هذا المكان يعرفه عوض الله جيداً ويعرف محققوه الرجل جيداً ، وعبثاً يحاولون اختراق حصون عوض الله واستبدال كلمة ( لأ ) بكلمة ( نعم ) .

عوض الله الذي امتطى صهوة جواد الجهاد والنضال في فلسطين من عقود يحلم أن ينام ليلة واحدة دون أن يفكر في السجن والاعتقال والملاحقة ولكن كيف لهذا الحلم أن يتحقق لحر يجثم على صدر شعبه محتل غاصب .

عوض الله نوع فريد من الرجال في زمن أصبح فيه البعض يستسهلون الاعتراف ويعتبرونه تكتيكاً ويميلون لإغلاق الملف بشكل نهائي من خلال الاعتراف بكل شيء على اعتبار أنه يريد أن يرتاح وينهي معرفته بكل شيء ولكن عوض الله يفكر عكس ذلك فالاعتراف من وجهة نظره قمة الخيانة .

لعوض الله الصابر المصابر الأسير طوال الوقت حتى وهو خارج السجن لك نقول سمعنا عنك الكثير وكتبنا عنك القليل فلك من شعبك ومحبيك والمتعاطفين معك من رفاقك الحب كل الحب واعلم أنك في قلوب الجميع لفضلك ودورك وجهادك .

فرج الله كربك وفك أسرك وأعادك الله سالماً غانماً فارساً لا تلين له قناة ولا تنحني له قامة ولا تسقط له راية ، تبتسم مع المحن وتزاد صلابة مع ازدياد المرض والألم ، تصنع مدرسة اسمها الصمود أساس والرجولة تربية والتضحية لا حدود لها .