الجمعة: 27/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

الموت يترصد الاسير المحرر التاج وأمل النجاة عملية جراحية

نشر بتاريخ: 13/05/2013 ( آخر تحديث: 13/05/2013 الساعة: 07:29 )
رام الله- تقرير معا - شهر مضى على الإفراج عن الأسير محمد التاج، بعد أن اصيب بتليف رئوي حاد حصيلة إهمال طبي من قبل إدارة مصلحة سجون الاحتلال، لتتركه في حالة خطر حقيقي يتهدد حياته في أية لحظة.

ولكن التاج، وبعد أن أفرج عنه تم نقله إلى مجمع فلسطين الطبي برام الله، ولا يزال ينتظر أن تجرى له عملية جراحية لزراعة الرئتين، خاصة أن نسبة التلف في الرئتين وصلت إلى 85%، والأدهى والأخطر أن المرض يتفاقم، وهو ما يجعله في سباق مع الزمن، وقد تنتهي حياته بسرعة، إن لم تجرى له العملية الجراحية.

ولكن المشكة أن هذا النوع من العمليات الزراعية غير متوفر في فلسطين، بل هو موجود في دول أوروبا وفي الولايات المتحدة، ورغم أن رئيس ديوان الرئاسة حسين الأعرج زاره وأبلغه قرار الرئيس محمود عباس بتكفل علاجه بالكامل، إلا أنه لم يتم تحويله للعلاج، بل وتطالبه إدارة المستشفى بالبحث عن مستشفيات أو مراكز دولية ليتم إرسال الملف الطبي لها.

ويقول التاج: "بعد وصولي إلى مجمع فلسطين الطبي زارني حسين الأعرج، وأبلغني قرار الرئيس بمتابعة وضعي الصحي وتغطية العلاج بالكامل، كما زارني سلام فياض وأبلغني بتغطية تكاليف العلاج لأي مكان بالعالم، لكن ترجمة هذه القرارات لم تتم بعد، وبصراحة لا أعلم أين يكمن الخلل".
وحتى هذه اللحظة لم يتم مخاطبة أية جهة طبية في العالم لتحويله للعلاج، رغم أن هذا النوع من زراعة الرئتين لا يتم إلا في أوروبا والولايات المتحدة.
|218459|
والغريب أن مجمع فلسطين الطبي ووزارة الصحة تطالبان المريض بمخاطبة المراكز والمستشفيات العالمية التي تجري مثل هذه العمليات، إن أراد الأسير المحرر الذي يلازم سرير الشفاء العلاج، وهو ما فعله بالفعل فراسل مركزاً في ألمانيا وآخر في أمريكا، وتلقى جواباً واضحاً من كليهما مفاده أنه يجب تحديد كيفية سداد فاتورة العلاج، التي تقارب 400 ألف دولار.

الإفراج عن الأسير التاج بعد تأخر حالته الصحية، جعله يسابق الوقت، فإما يتمكن من إجراء العملية الجراحية في أسرع وقت ممكن، وإلا فقد يسرقه الموت من والدته، التي أضناها ما حل به من مطاردة ثم اعتقال فمرض خطير يهدد حياته.

وتزداد المشكلة تعقيداً أن عدم إجراء العملية الجراحية للتاج قد تعجل أجله، ويجعل الموت أقرب إليه من الحياة، ويرى التاج أن المسؤولين يدركون هذا الأمر، وأنه يتعرض للاختناق بشكل دائم، وهو ما يجعل جسده غير قادر على انتظار موعد العملية في إسرائيل بعد عام ونصف، وبالتالي فإن الحل سرعة التواصل مع المراكز الدولية، خاصة أن البروفيسور المعالج أكد له أنه لن يتحمل الانتظار لمدة عام.

ويؤكد التاج أنه طالما يتواجد في مجمع فلسطين الطبي، فالأصل أن طبيب الصحة هو الشخص الذي يتابع حالته الصحية باستمرار، وهو المنوط به تنفيذ قرار الرئيس، بتوفير مكان لإجراء العملية الجراحية.
|218460|
ويتابع مكتب الرئيس من خلال مسؤول الملف الطبي، مدحت طه، الذي يزور التاج بشكل دائم، ويبذل قصارى جهده من أجل الإسراع في الحصول على موعد قريب للعملية الجراحية، والبحث عن مراكز متخصصة في زراعة الرئتين، ولكن النتائج لم تكن مرضية للحالة الطبية، التي تستدعي تدخلاً جراحياً سريعاً تنقذ حياته، وكان مدحت اصطحب التاج إلى مركز طبي إسرائيلي، وسجل اسمه على كشوفات العملية، ولكن الموعد سيكون بعد عام ونصف.

وأفرجت قوات الاحتلال الإسرائيلي عن محمد التاج بعد إدراكها التام خطورة حالته الصحية، وتأكدها من أنه يواجه خطر الموت المحتم.

ويؤكد التاج أن بدايات المشكلة الصحية ظهرت في نهاية العام 2004 بعد أن تعرض الأسرى لاعتداء بقنابل الغاز وغاز الأعصاب والضرب بالهراوات وبالشبح تحت أشعة الشمس لساعات طويلة، وبعد هذه الحادثة بثلاثة أشهر بدأ يشعر بصعوبات في التنفس وبمشاكل في الجهاز التنفسي.

ورغم أن بدايات المرض كانت في العام 2004، إلا أن إدارة مصلحة السجون وافقت على إجراء صورة طبقية له في العام 2011، رغم المطالبات المستمرة من قبل الأسير التاج وباقي الأسرى، ولكن المشكلة أن مصلحة السجون ادعت أن الصورة قد ضاعت.

ونتيجة لسياسة الإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة مصلحة السجون، دخل التاج في إضراب مفتوح عن الطعام استمر لمدة 77 يوماً، في العام 2012 مطالباً بمعاملته كأسير حرب، ومطالباً بالعلاج الطبي، وبعد مرور 67 يوماً على إضرابه عن الطعام، تم نقله إلى مركز تحقيق الجلمة.

وفي الجلمة لاقى الأسير التاج صنوف العذاب والتعذيب المختلفة، فتم الاعتداء عليه بالضرب المبرح والتعذيب والإهانة والتجريد من الملابس، وتم استجوابه على السرير وهو مقيد لمدة يومين، ولم ينقذه إلا دخوله في غيبوبة.

وبعد أن استفاق التاج من غيبوبته وجد نفسه مكبلاً في سرير في عيادة مركز التوقيف، وبعد أن تحسنت صحته تم نقله إلى مستشفى سجن الرملة، وقال له أحد الأطباء: "اذهب للموت في مستشفى سجن الرملة".

وبعد أن تدهور الوضع الصحي للأسير التاج، وتيقنت حكومة الاحتلال وأذرعها الأمنية بأن الموت بات قريباً من الأسير التاج، وخشية تعرضها للإحراج بعد استشهاد الأسيرين عرفات جرادات وميسرة أبو حمدية، اضطرت دولة الاحتلال إلى الإفراج عن التاج.
|218458|
ولكن ما هو مستغرب أن إدارة مصلحة السجون أرفقت تقريراً طبياً لحظة الإفراج عنه بأنه خلال الإضراب وبعده لم يكن هناك أي تليف رئوي، ولكن التقارير الطبية الفلسطينية أكدت أنه يعاني من تليف رئوي من الدرجة الرابعة، حيث أن 85% من الرئتين متلفتين بالكامل.

ويتسائل التاج: هل جاء هذا المرض بشكل مفاجئ، وويرى الأطباء في مستشفى مائير أو في ميستشفى برنستون فإن أسباب هذا المرض إما ناتجة عن عامل ورائي أو جراء فايروس أو جرثومة، ولكن العائلة لا يوجد فيها أي مريض بهذا المرض.

ويقول التاج: "كيف وصلني الفايروس أو الجرثومة، إذاً سيكون قد أصبت به خلال فترة قريبة جداً، ولكن كيف وصلني هذا الفايروس، إلا أن يكون عبر جهتين، وكلاهما يدينان مصلحة السجون، الأولى نتيجة إهمال طبي متعمد، أو أنه قد تم دس الفايروس بشكل متعمد بعد فك الإضراب أو خلال الإضراب، خاصة أنهم كانوا يحاولون أن أفك إضرابي بأية طريقة كانت".

عشر سنوات قضاها التاج في سجون الاحتلال، وفي مقاصل الموت أصيب بالمرض، إما إهمالاً أو قصداً، ولكن وبعد تحرره من الأسر خشية الاحتلال من وفاته داخل زنازينه، فإن التاج يواجه خطر موت حقيقي إن لم تتكاتف الجهود في سبيل الإسراع في توفير العلاج له.