حوادث الطرق تنشر الموت بغزة.. والحل ينتظر التنفيذ
نشر بتاريخ: 15/05/2013 ( آخر تحديث: 15/05/2013 الساعة: 13:35 )
غزة- خاص معا - كانت متجهة لعملها كالعادة، تسير في الجهة المقابلة للطريق لكنها لم تتوقع أبداً أن تتعرض لحادثة أجبرتها على أن ترقد في السرير بعد أن كادت تودي بحياتها هي وجنينها الذي لم ير النور بعد، الصحافية شيماء مقداد (24 عامًا) بقيت تنزف بعد أن تركها السائق الذي صدمها، حيث لم تسمح حالتها بتدخل أحد سوى المختصين.
وتأتي هذه الحادثة ضمن قائمة لقضايا تسجل يوميًا في قطاع غزة لحوادث الطرق، ففي شهر يناير من العام الجاري لقي 18 شخصًا مصرعهم جراء حوادث المرور أي بمعدل حالة وفاة خلال 36 ساعة، وفقاً إحصاءات رسمية لشرطة المرور في غزة.
وحول تفاصيل هذه الحادثة المروعة التي يرويها لنا زوج شيماء محمد أبو جهل: "كانت متجهة لعملها وإذ بسيارة تسير بسرعة 180كم صدمتها، ومع شدة الحادث ارتفعت 25 مترًا عن الأرض وبعد ذلك دهسها سائق السيارة ولاذ بالفرار".
ويتابع الزوج: "حاول بعض المواطنين إيقاف السائق ووضعوا بعض العراقيل أمامه، ولكن لم يقدر أحد أن يمسكه، وبقيت زوجتي لمدة نصف ساعة تنزف إلى أن جاء ممرض كان ماراً بالصدفة من منطقة الحادث وحاول أن يساعدها وقام بالاتصال بالإسعاف وتم نقلها لمستشفى الشفاء وإدخالها فوراً لغرفة العناية المركزة نظراً لوضعها الصحي الخطير".
وحول الإصابات التي تعرضت لها مقداد، يقول زوجها: "تعرضت زوجتي لجرح في الرأس بمقدار 21 سم، وكسر في فخذها الأيمن مع تهتك في العظم الأمر الذي أوجب إجراء عملية لها لزرع بلاتين وصفائح مكان الإصابة، ونزيف داخلي وضعف الوضع الصحي للجنين إضافة إلى رضوض في الوجه والظهر وتجلطات في الرئة".
وشهد طريق آخر للمدينة حادثة أخرى تعرض لها المواطن يوسف الحملاوي حيث كان يستقل مايكروباص عائداً لمنزله من عمله، حاول سائقه أن يتجنب الاصطدام بسيارة أخرى محاذية له على الطريق وكانت النتيجة الاصطدام بعمود كهرباء مما تسبب في دخول المواطن الحملاوي بغيبوبة وإصابته بكسور في الحوض وانزلاق في ساقه.
وتشير الإحصاءات إلى أن 70% من حالات الوفاة هم أطفال دون سن ستة أعوام، و20% من الذكور البالغين، وحوالي 10% من الإناث اللواتي لقين مصرعهن جراء الحوادث المميتة.
من ناحيته، قال الناطق باسم وزارة الصحة د.أشرف القدرة: "إنَّ الإصابات المرورية تصل إلى مستشفيات القطاع بشكل شبه يومي تقريبا من إصابتين إلى ثلاث إصابات بسبب الدراجات النارية، خاصة في منطقة غزة والوسطى وجنوب القطاع وجزء منها في شمال القطاع، وهذا يرجع إلى اكتظاظ المناطق والمحافظات خاصة في المناطق ذات الطابع الخدماتي التي تكون فيها حركة كبيرة للمركبات والمواطنين".
|218838*أشرف القدرة|
وتابع د.القدرة: "حاليًا نقوم بتجهيز إحصائية رسمية بمشاركة الداخلية لضحايا وإصابات حوادث السير وذلك لبيان حجم المشكلة في القطاع، فنحن نعيش في بقعة صغيرة مكتظة بحركة المواطنين والمركبات التي تدخل إلى القطاع بأضعاف مضاعفة مما سبب العديد من الحوادث".
دور "الصحة"
أما عن دور الوزارة في التقليل من حوادث السير وتوعية المواطن, أوضح د. القدرة أن هناك برامج توعية بأشكالها كافة من خلال دائرة التثقيف الصحي والتوعية المجتمعية ووسائل الإعلام المختلفة، كما يتم بث رسائل للمواطنين من خلال العلاقات العامة لاتباع نظام السلامة المرورية وعدم الإسراع في الأماكن المأهولة بالسكان والالتزام بكافة قواعد السير على الطرقات.
وأكد د. القدرة على وجود تعاون للوزارة مع وزارة الداخلية ومع المكتب الإعلامي الحكومي ومؤسسات المجتمع المحلي من أجل تهيئة الظروف الصحية والتوعوية المناسبة للمواطن الفلسطيني، آملاً أن يكون في القريب العاجل من خلال الوزارة وشركائها على المستوى الحكومي والمؤسساتي والإعلامي ورشة عمل تأخذ شكلاً اجتماعيًا وتوعويًا لجعل المواطن ملماً بما له وما عليه للتخفيف من هذه الحوادث.
الحالات في تناقص
من جهته، أكد نائب مدير الإدارة العامة لشرطة المرور المقدم ماهر الللي تفاوت اعداد الضحايا من شهر لاخر "بينما أحياناً يمضي شهران لا يقع خلالهما إلا حالتين أو ثلاث حالات وفاة تأتي بعض الاشهر ويزيد عدد الضحايا عن خمسة عشر، مشيراً إلى أن عدد حالات الوفاة خلال عام 2010 وصل إلى 105حالة، بينما وصل خلال عام 2011 إلى 96 حالة، أما في عام 2012 فوصل العدد إلى حالة وفاة، ما يعني أن هناك تناقص في أعداد حالات الوفاة الناتجة عن الحوادث المرورية.
وأوضح الللي أن هناك تحديات كبيرة تواجه شرطة المرور في ظل ازدياد عدد سيارات المواطنين، وبقاء الشوارع على حالها المتردي، وعدم التوسع في المشاريع التي من شأنها تسهيل الحركة المرورية على الطريق وغيرها.
|218839*المقدم ماهر الللي|
وبيَّن الللي أن جهود شرطة المرور والجهات المعنية، أدت لتقليل عدد الوفيات خلال العام الماضي، لافتاً إلى أن الشرطة تطمح للارتقاء بشكل أفضل في المساهمة بتقليل الحوادث خلال عام 2013 والسنوات المقبلة، إذ أنها تنوي عقد ورشات عمل توعوية وإرشادية بالتعاون مع المؤسسات وغيرها من أجل التقليل والقضاء على الحوادث في قطاع غزة.
أسباب وحلول
وبخصوص الأسباب المتعلقة بحوادث السير في غزة، أكد المقدم الللي أن هناك أسباب متعددة تقع على كاهل المواطن الفلسطيني ولا تتحمل مسئوليتها إدارة المرور، لافتاً إلى أن عدم وجود إضاءة في الطرقات يؤدي للحوادث، وعدم وجود لوحات الفسفور على العربات التي تجرها حيوانات أيضاً يحدث حوادث كبيرة مثل الحادثة التي أودت بحياة أربعة أفراد من عائلة واحدة كانوا يستقلون إحدى العربات ليلاً.
وأضاف: "هناك أسباب عدة للحوادث أبرزها أن السائق ليس معه رخصة قيادة وأن المركبة فيها خلل، أو أن الطريق غير مؤهلة للمركبات".
وتابع: "على الرغم من ذلك فإننا نعوض قلة الإمكانات بزيادة عدد الدوريات على الطريق، ونعتبر ذلك حلاً مبدئياً".
ورأى الللي أن هناك مهمة كبيرة ودور يقع على العديد من الوزارات في الحكومة الفلسطينية بغزة، تتحمل جزء منه وزارة الأوقاف عبر معالجتها الواقع المروري من خلال الخطب والإرشادات الدينية التي تبين للمواطن أن أرواح المواطنين أمانة في أعناق السائق، ووزارة التربية والتعليم من خلال دورات وورشات التثقيف، ووزارة الإعلام عبر الإذااعات المحلية والفضائيات، من خلال بث البرامج المختلفة ذات العلاقة وغيرها.
|218840|
وعن مصير السيارات القديمة التي ما زالت موجودة في قطاع غزة، استبعد الللي أن يكون هناك قانون ينص على إتلافها مهما بلغ قدمها، طالما أنها صالحة وتسير على الطريق بشكل صحيح، وترخص في موعدها على حد قوله، قائلاً: "دورنا ملاحقة السيارات غير الصالحة للسير والذي يوجد فيها خطر، وفقاً للقانون".
وكشف الللي عن أنَّ هناك سياسة تتبعها الحكومة بإتلاف الدراجات النارية، مؤكداً أن اتلافها بشكل كامل سيستغرق وقتاً طويلاً من خلال ملاحقة الدراجات غير المرخصة خاصة، لافتاً إلى أن إدارة الشرطة أغلقت ترخيص الدراجات النارية.
مشاريع مستقبلية
في المقابل أشار الللي إلى أن هناك عددًا من الخطط والمشاريع بتمويل قطري ستنفذ خلال الصيف القادم من خلال ثلاثة شوارع رئيسية في قطاع غزة، وهي شارع البحر وصلاح الدين وشرق غزة الذي سيكون مخصصًا للشاحنات الثقيلة ما سيخفف عن كاهل السيارات ويقلل الحوادث المرورية على طريق صلاح الدين الواصل بين محافظات غزة الشمالية والجنوبية.
وأوضح اللي أن هناك مجموعة من المشاريع المستقبلية سيتم تنفيذها هذا العام، أبرزها إنشاء غرفة عمليات مشتركة وموسعة بين وزارة الداخلية ووزارة النقل والمواصلات وشرطة المرور، ستكون مزودة بأحدث الوسائل وكاميرات المراقبة، ما سيؤدي إلى استغناء شرطة المرور بشكل او بآخر عن الكادر البشري.
وأضاف: "على الرغم أن ذلك يحتاج لبعض الوقت، لكننا نأمل من الحكومة أن تسرع في حل كل الإشكاليات والبدء في التنفيذ الفعلي للمشاريع".
حادث سير الصحفية مقداد
وحول حادثة الصحفية مقداد قال الللي: "نحن نعمل بحيادية حتى لو كان أقرب المقربين ولا نقبل على أنفسنا أن نكيل بمكيالين، ومستعدون ان نوافيكم بتقرير حول هذا الحادث، لكن أنا استبعد كليًا أنهم لم يكونوا أخذوا حقوقهم، وأنا مكتبي مفتوح لهم، وأطالب الحكومة بإعطائهم حقهم يأخذوه سواء في العلاج أو التعويض أو في أي شيء، مؤكداً أنه تمَّ اتخاذ كافة الإجراءات القانونية فيها.
دور الجهات الحقوقية
من جانبه، قال منسق التدريب والتوعية في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان صلاح عبد العاطي: "إن دور الهيئة يكمن في الرقابة على دور السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها المدنية والأهلية, وضمان تقيدها باحترام المعايير الدولية والقانونية الواردة في القانون الوطني, وبهذا المجال تستقبل الهيئة شكاوى المواطنين وتراقب سياسات السلطة".
وأضاف "منذ أن تزايدت حوادث السير وخاصة مع تزايد إدخال الدراجات النارية قامت الهيئة بالتواصل مع وزير النقل والمواصلات, ومن ثم قامت بإعداد مذكرة حل هذا المجال وطالبت الحكومة بالقيام بواجباتها في إلزام أصحاب الدراجات النارية بالتقيد بإشارات المرور, وأخذ رخصة قيادة, والحصول على ترخيص للمركبات هذا يمكن أن يقلل من نسبة حوادث الطرق".
وأردف عبد العاطي: "تمَّ عقد لقاءات متكررة مع المسئولين والشرطة والمعنيين بهذا المجال, ونظمنا ورشات عمل حول التوعية المرورية تحت عنوان الحق في السلامة الجسدية".
أما عن أسباب تزايد حوادث الطرق من وجهة نظره قال عبد العاطي:"نحن ننظر بإيجابية عالية لدور شرطة المرور وجهدها لوحدها لا يكفي فمن أسباب ارتفاع الحوادث عدم وجود إضاءة ليلية، فهذا يؤدي للإضرار بالسائقين خاصة في ظل أزمة الكهرباء, وعجز القدرات والإمكانات لدى الحكومة وعدم إعادة تأهيل الطرق للسير والحصار كلها تساهم في ارتفاع نسبة الحوادث"، مبينًا أنَّ الوقاية تتم عبر عمليات التوعية المرورية للسائقين والطلاب في المدارس والتجمعات واعادة تأهيل الطرق.
ومن ناحية قانونية قال عبد العاطي: "إنَّ هناك قوانين مرورية ينبغي أن تخضع للتفعيل بشكل كامل, فالقوانين الفلسطينية حددت دور كل وزارة في كل مجال من المجالات مثل دور وزارة الصحة في تأمين الإسعاف ووزارة الأشغال العامة وغيرها"، مشيرًا إلى سعي الهيئة الستقلة لإيجاد مجلس أعلى لضمان السلامة المرورية والسلامة العامة, وإلى تفعيل الصندوق الوطني لحوادث السير "فمنذ فترة الانقسام لم يفعل لتعويض المتضررين من حوادث الطرق".