ابو معتصم يحتفظ بمقتنيات منذ نكبة 48
نشر بتاريخ: 15/05/2013 ( آخر تحديث: 15/05/2013 الساعة: 22:16 )
جنين – تقرير معا - في احدى حارات مخيم جنين يجلس اللاجئ السبعيني ابو المعتصم تركمان في غرفة صغيرة يحتسي القهوة وينفث دخان سيجارته العربية يتابع الاحداث الفلسطينية عبر شاشة التلفاز...الحاج ما زال يحتفظ بمقتنيات ورثها عن والده الذي حملها معه ايام نكبة عام 48 .
يفتخر الحاج ويباهي بها امام الجميع كونها تحمل بصمة الاباء والاجداد وتعبر عن رمز العودة والصمود وتكون موروثا يذكر ابناءه واحفاده ان لهم وطنا ينتظرهم.
يقول ابو المعتصم صاحب الوجه المتجعد الذي ترى فيه معاناة اللاجيء الفلسطيني خلال حديثه مع مراسل معا في جنين "خرجت من قريتي المنسي المدمرة عام 48 وكان عمري وقتها خمس سنوات لا اذكر أي شيء من الهجرة الا ملامح تعلقت في ذاكرتي كخوف والدي علينا عندما هبت العصابات الصهيونية على القرية واطلقوا وابلا من الرصاص والاشتباكات المسلحة مع الثوار الفلسطينيين وبعض الاماكن الجميلة في قريتنا وخلال هجرتنا حيث كنت اركب الحمار وبجانب جهاز راديو يستمع اليه اللاجئون اخر الاخبار من صوت العرب هذا كل ما اذكره" .
|219017|
ويضيف قائلا "كان يقول ابي اننا مشينا مسافات طويلة معاناة كبيرة سرنا الى باقة الشرقية ومنها الى يعبد ومكثنا في منطقة قريبة من قباطية واستقرينا في مخيم جنين ".
وتابع يقول " والدي حمل كل شيء في المنزل من ادوات وفرش وبطانيات وانا هنا ما زلت احتفظ باغراض المنزل من بابور كاز واوني نحاسية وغير ذلك فقد اوصاني والدي ان احتفظ بها مهما اطال الله من عمري وان اوصي اولادي واحفادي بالحفاظ علي هذه الادوات حتى العودة الى ارض الوطن الى قرية المنسي".
واشار قائلا في الوقت الذي كان اللاجئون في تلك الفترة يبيعون اغراضهم المنزلية مقابل طعام يعتاشون منه الا ان عائلتي فضلت ان تبقى في الجوع على ان تتخلى عن أي شيء يرمز للصمود والعودة فهذه الاغراض ستبقى هنا لايماني المطلق انني ساعود يوما الى مكان الميلاد وان فاضت روحي سيعود ابنائي الى هنا ويتذكروني هناك حتى اني وصيتهم ان ينقلوا قبري الى مكان ميلادي".
|219015|
الحاج ابو المعتصم يضع ممتلكاته القديمة في عدة زوايا من غرفته فترى مفاتيح منازل والده واعمامه واخواله التي دمرت في قرية المنسي قضاء حيفا وهناك اواني نحاسية وبابور كاز ومنجل وغير ذلك من المقتنيات حتى حذو الدواب لها مكان خاص بالاضافة الى جهاز الراديو الذي كان والده الوحيد من اهل القرية يمتلكه مستذكرا ايام الهجرة عندما كان اللاجئون يسمعون الاخبار وهم على ظهر الحمار.
لم يتوقف الامر عند ابو المعتصم بل الحاجة ام علي القنيري مازالت تحتفظ بمفتاح منزل عمها وباوراق الكوشان مختومة باختام حيفا مشيرة انها لن تهمل هذه الاوراق والمفتاح لان العودة الى قريتها السنديانة قضاء حيفا ستتم .
فرغم خمسة وستين عاما على نكبة الشعب الفلسطيني ولا زالت ام علي تحتفظ بذكرياتها تحاكي الاجيال قصص الهجرة واللجوء وتروي ذكريات قريتها بابتسامة لا تفارق شفتيها تخفي وراء ذلك حزنا كبيرا على قريتها التي هجرتها وهي في الثامنة من عمرها .
" سنوات جميلة قضيتها مع عائلتي قبل حدوث النكبة" تقول ام علي لمراسل معا وتتابع "في العام الذي لا تهطل فيه الامطار كنا نحمل اناءات فيها ماء ونذهب الى المزارعين ونردد اهازيج شعبية تطلب من الله ان يهطل علينا الامطار ونقوم برش المزارعين بقطرات من المياه ".
|219013|
وتضيف تقول " رغم ان كان عمري ثماني سنوات الا انني ما زلت اتذكر تفاصيل منزلي بالكامل واتذكر الاشجار والمزروعات التي تحيط بالمنزل من اشجار الزيتون والبلوط ومزروعات الزعتر والميرامية وغير ذلك " .
وتتابع في حديثها تقول " يوم الهجرة وهو اليوم المشؤوم جاء مخاتير القرية وطلبوا من والدي واعمامي ان يتجهزوا للخروج من القرية لان العصابات الصهيونية تدخل القرى الفلسطينية زتقتل من فيها حيث اشاروا لوالدي اننا ستغيب ثلاثة ايام ومن ثم نعود الى ديارنا فلم نحمل أي فراش او بطانية حتى ملابسنا تركناها في المنزل على اعتقاد اننا سنعود الى المنزل بعد ثلاثة ايام وها هو مر خمسة وستون عاما وما زلنا ننتظر".
|219012|
واضافت قائلة "لن اسامح مهما عشت في هذه الدنيا المخاتير اللذين ضحكوا على والدي بضرورة الخروج من القرية كنا سابقا نجهل ما يحدث ولو كنت اعرف اننا لن نعود سأبقى هناك امم الاستمرار في الحياة على ارض ميلادي او الموت وادفت تحت تراب قريتي".
وتابعت تقول " كلما اجلس مع أي شاب او طفل او أي شخص لم يعايش يوم النكبة اسرد له حكايتنا الاليمة واسرد له جمال بلادنا هناك فارض جنين ليس ارضي بل هي من موطني لكن ارضي هي السنديانة سأعود اليها وان لم اعد سيعود ابنائي واحفادي".
وبالنسبة الى اوراق الكوشان قالت ام علي " هذه الاوراق سأحتفظ بها لان ابنائي واحفادي ان عادوا الى ارضهم سيعرفون اين هي واين حقهم وارضهم فهذه الاوراق والمفتاح هذا يثبتون احقية ووجود الفلسطينيين على ارض حيفا وقراها التي هجروا منها مهما كان الادعاء انها ملك لاسرائيل.
ويعيش في مخيم جنين المكان الوحيد في المحافظة الذي يقطنه اللاجئون 15 الف لاجيء على مساحة 364 دونما غربي جنين استاجرتها وكالة الغوث لمدة 90 عاما وكان مخيم جنين انشيء عام 48 كخيم تنتشر هنا وهناك على هيئة تجمعات وعلى مر السنين تطور المخيم، سنوات مرت على 8000 لاجي قدموا من 56 تجمعا سكانيا قضاء حيفا، معاناة مرت عليهم ولازلوا يعيشون حكاية اللجوء على أمل العودة الى ديارهم