الجمعة: 27/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

ام احمد : قصة امرأة فولاذية لم يكسرها المحتل انجبت رياضيين وأكاديميين

نشر بتاريخ: 19/05/2013 ( آخر تحديث: 19/05/2013 الساعة: 22:42 )
نابلس - معا - كتب ماجد ابوعرب : خرجت " زهديه حموده خديش " مع اهلها من قرية " اجزم " بعد النكبة ,وبسطت ماتبقى من فراشها تحت زيتونة فلسطينية في قرية بلاطه البلد قرب نابلس , ومنذ نشأة المخيم عاشت كباقي اللاجئين في خيمة بين جموع اللاجئين الذين شردتهم النكبة في بقاع الارض.

افترشت زهدية الارض وتلحفت السماء,اكل البرد من جسدها ,ونالت العديد من اوسمة العذاب,صبرت وتحملت وكانت جندية غيورة في محراب الزواج ,ربت ابناءها العشرة على الفضيلة وتخرجوا من مدرستها رجالا لايعرفون لليأس طريق منهم من برز في محراب الرياضة ومنهم من برع في السلك الاكاديمي ومنهم مازال يصارع المحتل في باستيلاته وسجونه .
|219764|
لم تتقوقع حول ذاتها ,بل كانت خير سند لزوجها في زمن الجوع والحصار ,شمرت عن ساعديها وعملت في تنظيف وبيع الدجاج وبنت بعرقها وجهد زوجها عش الزوجية في مخيم بلاطه ,ونجحت في تحويل الخيمة الى منزلا في مخيم مازال يحلم فيه الآباء والأحفاد بالعودة .

نجحت " ام احمد خديش " في امتحانات الحياة ,وتجاوزت كافة العراقيل ,واصبحت اليوم جدة ولها عشرات الاحفاد .

خلال مسيرتها سميت " ام المناضلين ووالدة الشهداء وصديقة الاسرى " ,ففي المواجهات مع المحتلين كان لها صولات وجولات ,وفي المظاهرات و الاعتصامات كانت علامة فارقة وسجلت اسمها بأحرف من نور ونار ,لعبت ادوارا عدة منذ اللجوء وحتى الآن, شاركت في صغرها بعشرات المظاهرات ضد ظلم الاحتلال وجبروته , نجحت خلال مسيرتها بفك مئات الشبان من اسر الجنود الاسرائيليين ,عندما كانوا يسقطون في قبضتهم بعد يوم دام من ايام الانتفاضتين.

لم يرق لجنود الاحتلال ان يشاهدوا امرأة فولاذية كأم احمد ,تتوسط جموع الشباب تمدهم بأكسيد العزة والكرامة ,وتشحذ هممهم في زمن السقوط.

تقول ام احمد : كافة ابناء المخيم هم ابنائي ,وكافة بنات المخيم مثل بناتي ,لم تعرف ام احمد الخوف , كانت مقدامة جريئة تخلص المتظاهرين من بين انياب الجنود,عملت في الاسعاف وهي لاتمتلك شهادة بذلك , كانت تضمد جراح المصابين بمنديل رأسها الابيض ,وتسعف من يحتاج الى ذلك , كانت تتقدم الصفوف ,وتوزع مناديل للصبر , تزغرد للشهداء ,كانت انموذجا للمرأة الفلسطينية المناضلة .

لم تبحث طيلة عمرها عن مكسب دنيوي او مغرم مادي ,وهبت نفسها للوطن ,فأصبحت جدة لشهيد ,واما لأسير ,تبحث بعد ستون عاما من النكبة عن وطن حر ,وعن هوية ,تبحث عن كرامة مسلوبة ,لاتريد ام احمد من الدنيا اية مكاسب دنيوية ,لكنها تريد شيئا واحد وهو ان ترى نجلها خالد خديش عائدا من الأسر حاملا حريته مع بقية ابنائها الاسرى,لتصلي برفقته في المسجد الاقصى بعد ان يكسر الشرفاء قيده .

حكاية ام احمد تحتاج الى مجلدات ومجلدات ,فهي عاشت تفاصيل النكبة ,ودفعت من عمرها وجسدها ضريبة الانتماء , حرمها المحتلون من ارضها ,ذاقت مرارة الاعتقال , اكتوت بنار الظلم ,حملت ارث الشهداء ,وسارت على درب الثورة ,حتى اصبحت علما من اعلام الصمود ,وسنديانة من سنديانات فلسطين متمسكة بحق العودة ,تعلم صبايا فلسطين دروسا في الصبر والمواجهة ,لم تعرف في قاموس حياتها معنى لليأس, فهي مازات صابرة ومرابطة بعد مرور مايزيد عن 85 عاما ,عرفها الناس عبر ثوبها المطرز بالكوفية, وهي تحمل صور الشهداء تارة والاسرى تارة اخرى ,صديقاتها توقف قطار عمرهن عند حاجز لعين ,او باب مشفى ,لكن قطار عمرها مازال ينتظر على بوابات السجن في انتظار عودة اسير اسمه خالد خديش .