الأحد: 08/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

عبد الله وادي.. تاريخ العطارة والبساطة في خان يونس

نشر بتاريخ: 25/05/2013 ( آخر تحديث: 25/05/2013 الساعة: 18:25 )
خان يونس- خاص معا - تعد مهنة العطارة من المهن العريقة، وتكاد تكون مهنة عائلية، حيث يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد، وتمتاز هذه المهنة بالروائح التي تعيدك للتراث.

وكالة معا استضيفت في أقدم محلات العطارة في خان يونس لتقف عند بعض النوحي التي يمتاز بها سوق العطارين ومهنة العطارة بشكل عام.

فبمجرد أن تسأل في خان يونس عن أشهر العطارين وأفضلهم فيجمع الجميع علي أن العطار عبد الله وادي هو أقدمهم ورغم كبر سنه وعدم قدرته علي الوقوف والتعامل مع الزبائن واستلام ابن أخيه المحل إلا أن لدكانه البسيط مكانة باقية لليوم.

ولم يرث عبد الله وادي ( 64 عاما) مهنة العطارة من والديه ولكنه ورث المحل حيث كان والده وأجداده قبل 1948 يمتلكون هذا المحل وكانت عبارة عن بقاله تبيع كل شيء من مواد يحتاجها الساكنين في المنطقة ومساحتها كانت لا تتجاوز المتر في متر.

ويضيف "كان محل والدي ومن قبله جدي يحتوي علي بعض أنواع العطارة من بهارات وان كانت قليله ليس مثل اليوم ولكن الأعشاب الدوائية كانت بشكل أساسي للتطيب بها فكان يصف العديد من الوصفات الطبية للمشترين مع وجود مواد أخرى في الدكان لا توجد اليوم".

بدأ وادي عمله في مساعدة والده مذ كان عمرة 7 سنوات وكان يتعلم منه أنواع الإعشاب وفوائد كل واحدة حيث استمر في العمل بذلك حتى تخرجه من الثانوية ودراسته في الجامعة بتخصص بعيد عن هذه المهنة.

ولكنه خلال حياته أحب وعشق الإعشاب والبهارات وكان يتعلم أي اسم وفائدة أي عشبه تدخل إلى محل والده ليقول "تمسكت بهذه المهنة وأحببتها, قمت بالدخول في أعماقها مستفيداً من خبرت والدي السابقة ومن التجارب الشخصية التي قمت بها على مدى هذه السنين الطويلة من العمل، وقد زرعت حب هذه المهنة لدى بناتي لذا تجدهم اليوم يحبون العطارة وينصحون صديقاتهم وأقاربهم بأنواع وفوائد الإعشاب".
|220574|
بعد دراسته وانتهائها عاد وادي إلى محل والده ليبدأ في توسيع المحل وتحديده بشكل اكبر في مهنة العطارة وبدا بشراء كل المواد الجديدة التي كانت تنقصه وعن ما يميزه عن باقي محلات العطارة يقول "أنا أقوم بتجهز الإعشاب والتوابل بيدي فلا أقوم بشرائها مثل الآخرين فمثلا اشتري كميات من الفلفل الأسود الغير مطحون وأقوم بطحنه وتعبئتها ويساعدني في ذلك بناتي الأربعة وهكذا في باقي الأمور التي أبيعها في محلي وهذا ما يميزني".

وعن سوق العطارين يقول "كان محلي أول من بدأ في هذا العمل والتخصص فيه ومن ثم افتتح بجانبي عدة محلات ليصبح كبيرا ومكان متعارف عنه بسوق العطارين أو سوق الحبَ " أي الحبوب " لأنه يحتوي أيضا علي محلات لبيع الحبوب بمختلف أنواعها".

التوابل والعطارة الطبية

وعن علاقة بيع التوابل بالعطارة الطبية يقول وادي "العطارة تشمل جانبين، فبائع التوابل عطار، والمعالج بالتوابل عطار أيضا ,أما الجانب الأول، فهو التوابل أو ما يسميه غالبية الناس، البهارات. وأهمها: (الفلفل الأسودـ الدارسين (القرفة)ـ الكركم ـ الكمون ـ الكبابة ـ الكزبرة ـ الزنجبيل ـ حبة البركة(الحبة السوداء) ـ القرنفل ـ الزعفران ـ جوزة الطيب. والكثير من أصناف التوابل) ,وهذه من اختصاص (العطار) بائع التوابل. تحديداً".

ويضيف "أما الجانب الثاني، فهو الأعشاب أو النباتات الطبية؛ وهي تنقسم بحسب استخدامها إلى: البذور. ومنها، (الخلة ـ الحلبة ـ بذور الكرافس) وغيرها الكثير,والأوراق. ومنها، (السنامكي ـ الزعتر) وغيرها ,والجذور. ومنها، (الجنسنغ ـ الكرنب) ألخ , والزهور. ومنها، (البابونج ـ الخطمة) الخ, والسيقان. ومنها (الحوجل), وهذه من اختصاص (العطار) أو (العشاب) أو ما كان يطلق عليه سابقاً (الحكيم)".

ويبين أن الخبرة تلعب دورها في صياغة أسم وسمعة العطار، لأنه كلما احتك العطار بالأمراض ومسبباتها والعلاجات النافعة لها وكمياتها وخلطاتها، كلما كان أنجح، وكذلك لا ننسى خبرات السابقين، ففي تجاربهم فوائد لنا، لأن الواحد منهم كان يمثل الطبيب والصيدلاني وصانع الدواء في نفس الوقت قديما.

وعن كيفية توافق بين التطبيب بالأعشاب وبين بيع التوابل قال "بالنسبة لي أنا اعتبرهم مكملات لبعض الاثنين فانا أبيع التوابل والأعشاب الطبية فتعلمت أسرار مهنة التطيب من تجاربي وبحثي وسؤالي المستمر, ولا احتفظ بأي سير في العلاجات حيث أفيد الجميع لأنني لا اعتبرها حكرا علي احد,و عرفتها لابن أخي والذي أحب هذه المهنة وبدا بمساعدتي في إدارة الدكان ".

ولا يخفي وادي انه ما يزال يحتفظ بأسرار هو ابن أخيه تتعلق بطريقة تحضير خلطات التوابل، التي يتميز بها ويتقنها بشهادة زبائنه المعتادين عليه.

ويذكر مصادر الحصول علي التوابل في غزة حيث قسمها إلى مصدرين وهما الأول محلي، وهو قليل جدا إذا ما قارناه بالمستورد، مثل، البابونج والحلبة، والكزبرة، والنعناع، والسماق وغيرها ,والثاني، وهو المستورد، مثل، الفلفل، والفلفل الحار، والهيل والكركم، والزنجبيل، والقرنفل، والكاري، وغيرها الكثير من التوابل التي تستورد من مصر والهند وغيرها من الدول الاسيوية.

يحدث وادي وكاله معا عن اغرب الطلبات التي تطلب منه في الوقت الحالي ليقول "أكثر الطلبات غرابنا وهي بهارات البيتزا والمعجنات كما أن الزبائن يطلبون منه أعشابا أسماءها غريبة ووصفات أيضا غريبة وأكثر ما يطلب حاليا وهي وصفات الرجيم لتخسيس من قبل الجنسين, وصبغات ومواد تحسين الشعر".

ويوضح انه في حاله إذا طلب منه أمرا غريبا يطلب من الزبون الانتظار لليوم التالي ويبدأ ابن أخيه بالبحث باستخدام الانترنت للتعرف على هذا الطلب فإذا وجد كان به, أما في حاله عدم وجودها فيبحث عن بديل ويخبر الزبون بذلك الأمر.

مازال في جعبة عبد الله وادي الكثير من المعلومات فهو من قضي قرابة الستة عقود بين التوابل والأعشاب وطلبات الزبائن الغريبة والمختلفة كما أن هذا المجال واسع, ولكن بدا خلال محادثتي معه يظهر عليه التعب والضيق في التنفس فاختصرت الحديث معه وهذا من أهم سلبيات هذا العمل للأسف.