حارس أملاك الغائبين يغيب "الحاضر " في القدس ويستولي على بيته
نشر بتاريخ: 22/05/2013 ( آخر تحديث: 24/05/2013 الساعة: 09:42 )
بيت لحم- معا - في خطوة وصفت بغير العادية طلبت المحكمة العليا الإسرائيلية التي انعقدت يوم أمس " الثلاثاء" بتشكيلة موسعة برئاسة القاضي ورئيس المحكمة " اشر غريسمان " من المستشار القاضي للحكومة " يهودا فاينشتاين" المثول أمامها شخصيا لتوضيح موقفه من موضوع تطبيق قانون أملاك الغائبين على القدس الشرقية.
جاء طلب العليا من المستشار المثول أمامها نهاية جلسة عقدتها لمناقشة التماس قدمته " الدولة" وطالبت فيه إلغاء قرار سبق للمحكمة المركزية بالقدس أن أصدرته عام 2006 وحظرت بموجبه على " الدولة " تطبيق قانون أملاك الغائبين على القدس الشرقية .
ويدور الحديث هنا عما يسمى بقانون أملاك الغائبين الذي أصدرته إسرائيل عام 1950 بهدف تسهيل سيطرتها على أملاك اللاجئين الفلسطينيين الذين انتقلوا للعيش في دولة معادية أو في جزء آخر من ارض إسرائيل غير خاضع حاليا لسيطرتها .
واعتبر القانون كل اللاجئين الفلسطينيين في المهجر او في الضفة الغربية والقدس الشرقية بحكم الغائبين وبالتالي سمح لإسرائيل بالسيطرة على أملاكهم ووضعها تحت حراسة ومسؤولية حارس أملاك الغائبين التابع لوزارة القضاء الإسرائيلية واستخدم هذا القانون للاستيلاء على كافة الممتلكات الفلسطينية داخل حدود 48 وبعد حرب حزيران 1967 ظهر هناك وضعا غريبا حيث اعتبرت أملاك الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية وغزة داخل القدس الشرقية أملاك غائبين رغم أنهم لم يتركوا منازلهم وأملاكهم مطلقا وبقوا فيها قبل الاحتلال وبعده ليصنفوا وفقا للقانون " الحاضر الغائب" وهو تصنيف لا وجود له خارج القانون الإسرائيلي مطلقا حيث احتفظت إسرائيل لنفسها بالتفرد باستخدام هذا التعبير الغريب الذي لا نظير له في العالم اجمع.
وأثار موضوع تطبيق هذا القانون على القدس الشرقية خلافات " قانونية " منذ عام 1968 حيث أعرب مستشارون قضائيون سابقون وقاض محكمة لوائية عن اعتقادهم بان تطبيق هذا القانون على القدس الشرقية خلق وضعا غير معقول وغير منطقي حيث صادرت الدولة ممتلكات فلسطينيين يقيمون بالقدس لمجرد سكنهم على الطرف الأخر من الشارع حيث صنفتهم الدولة غائبين كما حدث مثلا مع عائلة " عياد " من بلدة ابو ديس والتي تمتلك فندق " كليف" الذي يبعد عن مكان إقامة العائلة 200متر فقط لكن الحدود البلدية للقدس حسب مخطط مجلسها الإسرائيلي يمر في المنطقة الفاصلة بين الفندق ومنزل عائلة "عياد " لذلك تقرر الإعلان عن عائلة "عياد " كغائبين وبالتالي نقل ملكية الفندق إلى الحكومة ."
وشهدت كل أحياء القدس المحتلة قصصا تشبه قصة عائلة " عياد " فعلى سبيل المثال دافع المحامي" سامي رشيد عن عائلة فلسطينية من بيت حنينا القديمة تعيش في " المناطق" وتتمسك ببيتها الذي صودر منها في ضاحية بيت حنينا الجديدة على بعد مئات الأمتار فقط من حيث تقيم هذه العائلة .
ومع مرور الزمن تحول قانون أملاك الغائبين " إلى سلاح قوي في يد الجمعيات والمنظمات اليهودية المتطرفة الساعية إلى تهويد القدس الشرقية واعتادت ان تتوجه إلى حارس أملاك الغائبين وتطالبه بمصادرة البيوت والمنازل وفي كثير من الحالات عملت المنظمات اليمينية المتطرفة على جمع وتقديم الأدلة التي تثبت بان أصحاب المنازل المقصودة يعيشون في " المناطق " وفور صدور قرار المصادرة تسارع المنظمات اليمينية التي استئجار هذه المنازل والممتلكات من حارس أملاك الغائبين مقابل أجرة رمزية فقط وبهذه الطريقة أقيمت غالبية المستوطنات اليهودية التي تجثم على صدر وقلب الأحياء العربية بالقدس الشرقية .
ووفقا لصحيفة "هارتس" العبرية التي نشرت التقرير في عددها الصادر اليوم " الأربعاء" يرى الكثير من رجال القانون في تطبيق قانون أملاك الغائبين على القدس الشرقية خلل أخلاقي وقانوني لان الأمر يتعلق بفلسطينيين لم يتركوا البلاد خلال الحرب ولم يتوجهوا إلى دول معادية بل عن فلسطينيين بقوا في مناطق تخضع للسيطرة العسكرية الإسرائيلية يقيمون في أحيان كثيرة على مسافة قصيرة جدا من منزلهم او عقارهم الذي صودر بحجة أنهم غائبين .
وأضافت الصحيفة ان المستشار القضائي لحكومة إسرائيل " مائير شيمغار" اصدر عام 1968 امرأ يمنع تطبيق قانون أملاك الغائبين على القدس الشرقية لكن ومع صعود الليكود للحكم عام 1977 عاد القانون المذكور ليطبق على القدس الشرقية ليعود ويتوقف العمل به عام 1992 بناء على تعليمات رئيس الوزراء في حينه " اسحاق رابين" وفرضت بعض القيود على تطبيق هذا القانون عام 1997 لكن حكومة شارون أعادت لحارس أملاك الغائبين كامل صلاحياته وأطلقت يده مجددا في مدينة القدس الشرقية خلافا لتوصية وزارة القضاء الإسرائيلية.
ووجه المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلي " مين مزوز " عام 2005 رسالة وصفت بشديدة اللهجة طالب فيها بوقف تطبيق قانون أملاك الغائبين على القدس الشرقية قال فيه " إن تطبيق صلاحيات حارس أملاك الغائبين في القدس الشرقية تثير الكثير منن المشاكل القانونية سواء من حيث مبدأ تطبيقه وصولا إلى منطقيته وواقعيته إضافة إلى التزامات إسرائيل اتجاه القانون الدولي ".
وأخيرا نجح تراكم القضايا المتعلقة بتطبيق هذا القانون بإيقاظ المحكمة العليا وأعادت إحياء الموضوع أمامها حيث حاول المحامي " افيغدور فيلدمان الذي يمثل عائلة " عياد " ان يشرح للمحكمة لا منطقية تطبيق هذا القانون قائلا " وفقا لمنطق القانون الجاف فان المستوطن الذي يقيم في المناطق يجب عليه إن يخاف على أملاكه داخل إسرائيل لأنه وحسب النص القانوني يعتبر" غائب" ويجب ان تعود ملكية عقاراته الى الدولة وسأل المحامي هيئة المحكمة ماذا بخصوص 100 الف مستوطن يحتفظون بأملاكهم داخل إسرائيل ؟ غالبيتهم يحتفظون بأملاك في تل ابيب ورعنانا و القدس ورمات غان ؟ لماذا لا يستولي حارس أملاك الغائبين على أملاكهم ؟ مفهوم ان يعتبر من يقيم في دولة معادية غائبا أما أن نستولي على بيوت فلسطينيين خضعوا لمحاكمة عسكرية إسرائيلية فهذا يتعارض والقانون الدولي ".