الأحد: 08/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

سبب التهديدات الإسرائيلية الأخيرة لسوريا ولماذا انهارت القناة السرية ؟

نشر بتاريخ: 24/05/2013 ( آخر تحديث: 26/05/2013 الساعة: 09:10 )
بيت لحم - معا - لا يمكن اعتبار التهديدات الإسرائيلية التي انطلقت خلال الأيام الثلاثة الماضية تجاه سوريا هجوما آخرا من الثرثرة بل هي تهديدات وتحذيرات مختلفة هذه المرة. ولم تأت من باب الصدفة وما تصريحات وزير الجيش "بوغي يعلون" ورئيس الأركان "بني غينتس" وقائد سلاح الجو "أمير اشل" إلا حملة دبلوماسية جماهيرية وعلنية تهدف إلى منع اشتعال الأوضاع على الجبهة الشمالية بسبب خطأ في تقييم الأوضاع وخطأ في فهم النتائج من قبل الرئيس السوري بشار الأسد حسب تعبير المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت احرونوت" "روني بن يشاي" صاحب التحليل المنشور يوم الخميس في الصحيفة تحت عنوان "رسائل مباشرة للأسد متجاوزة بوتين غير الموثوق".

خلاصة الرسالة الإسرائيلية الواضحة التي قصدت إسرائيل تمريرها للرئيس الأسد دون أن تمر عبر العرّاب الروسي تقول " إياك أن تتحدانا فأي تسخين للأوضاع في الجولان أو نقل أسلحة نوعية لحزب الله أو نقل أسلحة كيماوية لأي طرف آخر ستواجه برد إسرائيلي هجومي وسريع ستلحق بك وبحكم طائفتك العلوية أذى كبيرا جدا ربما وصل إلى درجة "الضرر النهائي" حسب النص الذي نقله "بن يشاي".

وأضاف بن يشاي " حتى يمنح القادة الثلاثة تحذيراتهم وتهديداتهم بعدا واقعيا وحقيقيا شدد ثلاثتهم على استعداد الجيش لتنفيذ الرد السريع والفوري بعد فترة إنذار قصيرة جدا فور ملاحظة الظروف التي تستوجب هذا الرد".

"علاوة على ذلك تدرك إسرائيل وبوعي كبير مدى الضرر الكبير الذي قد يلحق بها في حال تفجرت الأوضاع القتالية مع سوريا لكن هذه الحقيقة لن تمنعها مطلقا من استخدام القوة المفرطة بكامل طاقتها وعنفوانها لأنها غير معنية بالانجرار الى نوع من حرب الاستنزاف الطويلة يكون عمقها المدني والعسكري عرضة لتساقط الصواريخ والقذائف كما شكلت التصريحات الإسرائيلية رسالة للجمهور الإسرائيلي وتحذيرا عاما مفاده بأنه وفي ظل الأوضاع غير المستقرة فكل الاحتمالات واردة ويجب الاستعداد المادي والنفسي لأي تطور" قال بن يشاي.

"السبب الرئيسي والمباشر والفوري لصدور هذه التهديدات والتحذيرات من أعلى مستويات القيادة العسكرية يتمثل بشعور إسرائيل بأن الأسد لا يقرأ الوضع بطريقة صحيحة ويخطئ بتقدير النوايا الإسرائيلية خاصة وان أوساط استخبارية غربية خرجت بانطباعات بأن قادة الأمن السوري وأركان النظام العلوي في الدائرة المقربة جدا من الأسد لا يخبرونه الحقيقة كاملة وعلى الأقل لا يخبرونه حقائق الوضع وحقيقة ما يجري في البلاد في الوقت المناسب ويخدعونه عبر منحه شعورا بالثقة بأنه يمتلك حرية التحرك والعمل ويوهمونه بقدرات عالية على البقاء تفوق بكثير القدرات الواقعية الحقيقية لذلك ونتيجة لهذا راكم الأسد ثقة بنفسه منحته شعورا بإمكانية شد الحبل مع إسرائيل أكثر من الماضي كما أن الأسد مائل هذه الأيام لقبول النصائح التي قدمها له عدد من كبار شخصيات النظام وجهات إيرانية وأخرى تابعة لحزب الله تلك الأوساط التي تقول له بأنه لم يعد لديه ما يخسره إذا ما قرر تحدي إسرائيل والرد عسكريا على كل عملية إسرائيلية مستقبلية تستهدف سوريا وانهم يعتقدون بان إسرائيل تعمل حاليا وستستمر بالعمل سرا لضمان إسقاط نظام الأسد ومساعدة المتمردين على تولي السلطة مكانه" اضاف بن يشاي.

العادة الروسية المدانة والمستنكرة
لماذا قررت إسرائيل النزول عن الجدار والتدخل في الحرب الأهلية؟ ان الولايات المتحدة طلبت منها ذلك ولان الرئيس اوباما لا يمكنه العمل عسكريا في سوريا لأسباب سياسية داخلية فأطلق عليها كلب الهجوم الإسرائيلي على أن تتلقى إسرائيل مقابل خدمتها هذه خدمة في الملف الإيراني ولهذا السبب يعتقد مستشارو الرئيس الأسد وبعض أركان حكمه بضرورة خلق قوة ردع مضادة مزدوجة لردع إسرائيل، الأول يتمثل بإيجاد تهديد مباشر يستهدف المستوطنات في هضبة الجولان فيما يتمثل الثاني بتهديد عام يستهدف العمق الإسرائيلي بالصواريخ فيما يساهم الروس بحصتهم في خلق هذه المنظومة الردعية عبر تزويد النظام بالأسلحة المتطورة.

تراقب اسرائيل كل هذه التطورات وتخشى من تصاعد الأوضاع حتى وان عملت كل الإطراف على منع هذا التصعيد لكنه قد يحدث لذلك نقل وزير الجيش" بوغي يعلون" ورئيس الأركان "بني غنتس" رسالة علنية واضحة ومفصلة لا تقبل التأويل تصل إلى الأسد مباشرة دون وسطاء ودون محللين لانه لم يعد ممكن العمل في سوريا هذه الأيام عبر القنوات الدبلوماسية السرية التقليدية التي أثبتت نجاعتها سابقا.

والسبب الرئيسي لتفضيل إسرائيل الرسالة العلنية المباشرة هو غياب قناة اتصال موثوقة ومباشرة أو موفد يمكن لإسرائيل أن تنقل رسائلها من خلاله لتصل إلى الرئيس الأسد مباشرة وتكون متأكدة من فهم الرسالة كما هي وبمقاصدها الصحيحة إضافة إلى ذلك يتوجب ان يتمتع ناقل هذه الرسائل بمركز وثقل سياسي دولي يجبر الأسد على الاستماع والإصغاء له وان يعيد دراسة الأمور بروية وتفكير عميق لكن دمشق ألان تخلو من أي دبلوماسي أمريكي كبير يمكنه الاجتماع مع الأسد بعد إنذار قصير والتحدث إليه بقلب مفتوح كما تم طرد السفير السوري من واشنطن قبل عام ونصف والحال ذاته يسري على الممثليات الغربية في العاصمة السورية.... صحيح أن السفراء الغربيين في لبنان يمكنهم الوصول إلى دمشق خلال ساعات معدودة لكن مثل هذه الخطوة تحمل مخاطرة كبيرة لا توجد حكومة غربية واحدة مستعدة للمغامرة بسفرائها فلم يبق وهذه الحالة سوى الخيار الروسي واللجوء لاستخدام خدماتهم الجدية في هذا المجال وأتيحت لرئيس الوزراء نتنياهو قبل أسبوعين فرصة جيدة لاستخدام القناة الروسية من خلال اجتماعه بالرئيس بوتين لكن هناك قاعدة رسخت في أذهان الإسرائيليين حول عادة سيئة للدبلوماسيين الروس حتى منذ أيام الاتحاد السوفيتي وتتمثل بنقل رسائل لزبائنهم حتى وان لم يطلب منهم احد ذلك مع إضافة تحليلاتهم التي تخدم مصالحهم وتلحق الاذى بمصالح أمريكا وإسرائيل.

هل حرف بوتين الرسالة الإسرائيلية؟
"ما هي المصلحة الروسية في تحريف الرسالة؟ هل تقصد زيادة اعتماد زبونها عليها وارتباطه بها عبر خلق تهديد كبير وفوري يحوم فوق رأسه هذه السياسة الروسية التي سادت أثناء الحرب الباردة واتبعت روسيا هذه السياسة مع الأسد الأب وهي تتبع نفس السياسة مع الأسد الابن لذلك يبدو انه لا يمكن الثقة بالروس والاعتماد عليهم بنقل الرسائل الإسرائيلية للأسد بروحها ونصها دون تحريف".

"ويمكن الافتراض القوي بان هذا هو الانطباع الذي ساد إسرائيل في أعقاب اجتماع بوتين – نتنياهو وهذا ما يفسر اتصال مسؤول إسرائيلي كبير بعد ثلاثة ايام من اجتماع "سوتشي" وبمبادرته الشخصية مع مراسل صحيفة "نيويورك تايمز" وسرب له رسالة لا تحتمل تفسيرين مفادها لا يوجد لإسرائيل أي مصلحة للمس بنظام الاسد لكن اذا واصلت سوريا نقل السلاح النوعي لحزب الله ستعمل اسرائيل لمنع ذلك" وقال المراسل الأمريكي للقناة العاشرة ما افاد به محدثه هو السفير الإسرائيلي لدى واشنطن وانه اتصل مع نتنياهو قبل ان يسرب له هذا التصريح ما يعني بأن اهم رسالة نقلها نتنياهو لبوتين على أمل أن تصل إلى الأسد لم تصل هدفها او جرى تحريفها ما حير إسرائيل على تسريبها عبر الصحافة الأمريكية ولم يترك لإسرائيل مجالا سوى الانتقال من الدبلوماسية السرية التقليدية إلى الدبلوماسية العامة العلنية للتأكد من سماع دمشق جيدا ما تقوله تل ابيب" اختتم بن يشاي تحليله.