الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

مؤسسة "أمان" تنظم عروضا مسرحية لطلبة المدارس في الضفة الغربية

نشر بتاريخ: 13/04/2007 ( آخر تحديث: 13/04/2007 الساعة: 20:41 )
رام الله- معا- اختتمت "أمان" مؤخرا العروض المسرحية التي استهدفت طلبة المدارس في الضفة الغربية من خلال تنظيم (46) عرضاً لمسرحية "الحارس" والتي بدأت "أمان" بعرضها في نهاية العام 2006 ، وقد عالجت المسرحية شكلاً من أشكال الفساد وهو واقع المحسوبية والواسطة في الحصول على الوظيفة بدون معايير وأسس سليمة للاختيار.

واستهدفت العروض فئة عمرية تنحصر ما بين (10 إلى 13) عاما وذلك لكون الأطفال من أكثر الفئات عرضة لمخاطر الفساد، إضافة إلى أن هذه الفئة تتأثر بصورة مباشرة بالعمل المسرحي، حيث نجحت مؤسسة "أمان" في الوصول إلى قرابة 10000 طفل وطفلة شاهدوا هذه المسرحية.

جرى عرض المسرحية في العديد من المسارح الوطنية في مقدمتها مسرح الحكواتي ومسرح القصبة وعدد من المؤسسات الثقافية المحلية إضافة إلى معظم المدارس بالتعاون والتنسيق مع كل من وزارة التربية والتعليم العالي، وكالة الغوث، والمدارس الخاصة في كل محافظات الضفة الغربية.

وفي إطار عملية قياس الأثر لما حققته عروض هذه المسرحية وبناء على النجاح الذي حققته، تقدمت عدداً من المؤسسات الخاصة بالطلب من مؤسسة "أمان" بتكرار عرض المسرحية نظراً لأهميتها في رفع وعي فئة الأطفال بمفاهيم الواسطة والمحسوبية والمحاباة في المجتمع الفلسطيني.

ويدور العرض المسرحي حول مجموعة من دمى الحيوانات (الكلب، الحمار، الثعلب، الديك، والقط)، تتحرك وتنتقل من مكان لآخر، في إطار نص مسرحي يسلط الضوء على بعض مظاهر الفساد السائدة في المجتمع ومن ضمنها المحاباة والتي تتمثل في توسط الكلب "حارس المزرعة" لابن عمه الثعلب في الحصول على وظيفة مساعد حارس المزرعة ويختاره من بين بقية الحيوانات الأخرى رغم انه لا يملك المؤهلات والخبرات، إضافة إلى ما يعرف عنه من خداع ومكر ليعينه مساعداً له.
وفي إحدى العروض التي عرضت في مدينة رام الله، جلست الطالبة ليلى محمود تراقب بشغف حركة الكلب وتخاذله مع ابن عمه الثعلب الذي حصل عن طريق الواسطة على وظيفة حارس المزرعة وكيف أدى ذلك لاحقاً إلى دب الفوضى فيها وسرقة الدجاج منها وكيف تحول من حارس للمزرعة إلى سارقها.

أحداث العرض المسرحي الذي جرى عرضه كان محط اهتمام ليلى وزميلاتها الذين غادروا القاعة وسط إعجابهم بالفكرة التي تناولها العرض المسرحي الذي أكد على أهمية وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وضرورة التصدي لمظاهر الواسطة والمحسوبية في الوقت الذي يعاني معظم المجتمع الفلسطيني من انتشار هذه الظاهرة خاصة في الحصول على الوظائف العامة، إضافة إلى غياب تطبيق المعايير والأسس السليمة التي يجري اعتمادها للتوظيف.

وقالت ليلى: "لقد كانت فرصة رائعة أن يتاح لي مشاهدة هذه المسرحية التي تظهر مدى حاجتنا لأخذ العبر والاستفادة من الدروس التي تؤكد أن انتشار الواسطة والمحسوبية تقود إلى نتائج مدمرة ليس في مزرعة الحيوانات وإنما في المجتمعات البشرية ايضا".

وبينما كانت ليلى تحاول تجميع أفكارها للإسهاب في الحديث عن انطباعاتها الايجابية عن ذلك العرض، تدخلت الطالبة جولان ماهر التي جاءت من مدرسة بنات رام الله برفقة معلمتها وبقية زميلاتها في الصف الخامس وقالت: "ما عرض في المسرح كان شيء جميل وأتمنى أن يتاح لنا دوما المجيء إلى هنا لمشاهدة مثل هذه العروض".

وتابعت: " لقد تعلمنا كثيرا من هذه التجربة التي عكسها العرض المسرحي الذي يؤكد وجوب رفض اللجوء إلى الواسطة في التوظيف".

وعادت ليلى للحديث مجددا واستطردت متسائلة "ماذا سيكون المصير عندما يتوسط الكلب للثعلب كي يكون حارسا على المزرعة"؟!

وأفاد عدد من الطلبة " أنهم تعلموا أشياء كثيرة عن مظهر من مظاهر الفساد وهو المحاباة بعد أن شاهدوا عرض مسرحية "الحارس"، مؤكدين أن ما تضمنته من مفاهيم كانوا يشاهدونها في الحياة اليومية دون أن يدركوا أنها تقع ضمن مفاهيم الفساد وأثرها على المجتمع.

ورأى الممثل عماد مزعرو الذي تولى إعداد العمل المسرحي وتحريك الدمى في العرض المسرحي، أن مؤسسة أمان أصابت عندما اختارت المسرح مكاناً للترويج للقيم والمبادئ التي تؤمن بها وتعمل على تعزيزها في المجتمع.

وقال مزعرو " المسرح يعتبر أقوى من السينما والتلفاز في عرض الأفكار وتعميمها على الجمهور نظراً لقدرته على التأثير المباشر على الجمهور بسبب الاحتكاك والتفاعل المباشر بين الممثلين والجمهور".

وأضاف " هناك مقولة تقول "أعطيني مسرحا أعطيك شعبا " في إشارة منه إلى أهمية الدور الذي يؤديه المسرح في تنمية وعي المجتمع والتأثير فيه، موضحا أن هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها المسرح لطرح قضايا اجتماعية لها علاقة بالفساد وأشكاله.

وأشار إلى انه تفاجأ من التفاعل الكبير الذي أبداه الطلبة مع العرض المسرحي، موضحا أن هذا العمل حظي باهتمام غالبية المشاهدين.

وأكد العديد من مدراء المدارس الذين شاركوا في حضور العمل المسرحي عن ارتياحهم للنتائج الأولية لإقامة مثل هذه النشاطات والتي ظهرت من التفاعل الواضح من قبل الطلبة مع ما قدمه الممثلون في هذه المسرحية، في حين عبر العديد من الطلبة عن سعادتهم لحضور العمل المسرحي حيث أكد عدد منهم أن هذه المرة الأولى التي تتاح لهم فرصة المشاركة في حضور مثل هذه الأعمال المسرحية.

وقال موسى برهم الإداري في مدرسة الرجاء اللوثري الذي كان من بين المرافقين لعشرات الطلاب من المدرسة الذين جاءوا لحضور العرض المسرحي "إن الموضوع الذي تناولته العروض يمثل قضية حساسة في المجتمع ويجب العمل على مواجهتها من خلال تربية الأطفال والطلاب على قيم النزاهة والشفافية ومحاربة الفساد ورفضه" كما وأشار إلى أهميه الخطوة التي عمدت مؤسسة أمان على تبنيها من خلال تجنيد العمل المسرحي في طرح مثل هذه القضايا لما للمسرح من قوة تأثير على الجمهور سواء كانوا أطفالاً أم كباراً، مؤكداً حرص إدارة المدرسة على المشاركة في كافة الأنشطة اللامنهجية التي يجري تنظيمها في المحافظة.

ونظرا للطلب الكبير على مشاهدة عروض المسرحية التي جرى عرضها في عدة مناطق هي رام الله، القدس، الخليل، بيت لحم، جنين، طولكرم، نابلس، سلفيت، عمدت مؤسسة "أمان" إلى تسجيل المسرحية على أشرطة "CD" و" DVD" من المقرر توزيعها على عدد من المدارس في قطاع غزة لاحقاً.

يذكر أن هذه المسرحية تم إعدادها من قبل الكاتب الفلسطيني زكريا محمد ومن إخراج عبد السلام عبده، في حين شارك في التمثيل وتحريك الدمى عدد من ممثلي المسرح الوطني الفلسطيني "الحكواتي" وهم عماد مزعرو شادن الزماميري وداوود طوطح ومولت من قبل حكومتي النرويج وهولندا.