مركز بيسان يصدر تقريرا حول التدريب الأخلاقي لوكالة الغوث
نشر بتاريخ: 05/06/2013 ( آخر تحديث: 05/06/2013 الساعة: 17:20 )
رام الله - معا - أصدر مركز بيسان قراءة في وثيقة التدريب الأخلاقي لوكالة الغوث وجد فيها أن التدريب المذكور ينتهك الأخلاق، ويقتحم الحياة الفكرية والشخصية والسياسية للموظف الفلسطيني، ويطالبه بشكل صريح بالوقوف ضد أي فعل أو قول يتصل بقضاياه الوطنية والقومية.
ومن أجل قراءة موقف الشارع الفلسطيني من هذه الوثيقة، قام المركز على عجل بإجراء مجموعة من المقابلات مع عدد من الشخصيات في أوساط المجتمع المدني الفلسطيني، ويشكل هذا التقرير تلخيصا لمواقفها من الوثيقة.
وأكد بيسان أنه يمكن إجمال الاتجاهات العامة للمستطلعين فيما يخص التدريب الأخلاقي لوكالة الغوث في جملة من النقاط المحورية، ولعل ما يسهل هذه المهمة هو الاتفاق اللافت بين المستطلعين حول الأمور الأساسية مع بعض التنويعات المتصلة بشدة الرفض للوثيقة، في ظل الإجماع على رفضها بوصفها وثيقة لا تنسجم مع قواعد الأخلاق بالذات، وانطلاقاً من أنها تحتوي موقفاً سياسياً يتستر وراء فكرة الحياد الأخلاقي التي تشكل موضوعا يتكرر عرضه على امتداد التدريب.
ورأى المستطلعون جميعاً أن الوثيقة تهدف إلى تحييد الموظفين تجاه قضيتهم، وأنها ليست تدريباً أخلاقياً من الناحية الجوهرية بل وثيقة سياسية بمضامين واضحة تنسجم مع اتجاهات الوكالة المرتبطة بالدول الممولة والمهيمنة على قرارات الأمم المتحدة، مثل الولايات المتحدة وأوروبا.
ويبدو للمستطلعين أن فكرة حياد الموظف المحلي اللاجئ فكرة لا معنى لها، وأن مطالبة الموظف الفلسطيني بالحياد هو نوع من القمع الفكري ومصادرة حرية الرأي التي تعد من أسس حقوق الإنسان في المواثيق الدولية المختلفة.
وهنا يبرز الطابع المعاكس للأخلاق في التدريب من ناحية جوهرية، إذ يبدو أن الهدف الأساسي للتدريب هو إعادة تربية الشعب الفلسطيني على أساس سلخه عن همّه الوطني وتحييده في قضية هو مادتها ومحورها وأساسها، "وإذا كان صاحب الدار محايداً تجاه حرق منزله واغتصابه فهل ننتظر من الجيران أن يهبوا لنجدته وهم يرونه لا يبالي بما يحيق به من مخاطر؟".
ومن ناحية الفهم النظري الذي يعرض له التدريب، رأى المستطلعون أن الحياد في أي صراع ليس حيادياً، بل هو موقف لا أخلاقي يتخلى عن العدالة ومقاومة الظلم والعدوان، أما حرمان الموظف من المشاركة في السياسة أو حتى التعبير عن الرأي فهو موقف لا أخلاقي لأن الأخلاقي هنا هو أن يتبنى موظف الوكالة بل الوكالة نفسها الانحياز الواضح لحق الشعب المضطهد والمسلوبة حقوقه انسجاماً مع قرارات الشرعية الدولية، التي تفترض أخلاقياً دعم قضايا تقرير المصير والكفاح ضد الاستعمار والاضطهاد وسلب حقوق الشعوب الأخرى.
ويذهب المستطلعون حد القول بأن التدريب ينتهك قواعد الصحة النفسية، عبر تبني موقف يتعارض مع قيم الموظف ومسؤولياته وانتمائه فيصبح مغترباً عن مجتمعه وأهله ووطنه.
وقد قارن معظم المستطلعين بين التدريب ووثيقة "اليو.س.ايد" ضد "الإرهاب" وعده البعض أكثر بؤساً وتجنياً من وثيقة "اليو.س.ايد" ورأى المستطلعون أن محاولة لي ذراع اللاجئين بمقولة أن الحياد ضروري للحفاظ على تدفق التمويل بأنه خداع وغير أخلاقي، يتجاهل أن الوكالة ليست منظمة إغاثة لمنكوبي فيضان، بل هي مؤسسة مختصة بمساندة الشعب الفلسطيني فرضها المجتمع الدولي بوصفها جزءاً من التزامه تجاه الفلسطيني، حتى يعود إلى وطنه، وهي بهذا المعنى نقيض لفكرة المنة، والإحسان والتفضل التي تبدو جلية في ثنايا التدريب.
وهناك نقطتان مهمتان لم يتطرق لهما المستطلعون، الأولى: أن الوكالة تغفل أن ما تسميه تدريباً أخلاقياً يمكن أن يظهر الموظف في عيون أبناء شعبه ومخيمه شخصاً جباناً ومرتزقاً، وبالتالي يفقد الثقة والاحترام وهو ما يصعب من قدرته على أداء وظيفته، خصوصاً قطاع المعلمين الذي يتعامل مع المجتمع على نطاق واسع، هنا سيبدو للمجتمع أن الناشئة تتعرض لعلمية غسل دماغ، من قبل المدرسة بغرض أن يفقدوا صلتهم بقضيتهم وواقعهم.
ولكن المرء لا يستطيع إلا أن يتساءل أليس حياد المدرس شأناً يؤثر في الطلبة على نطاق واسع ويغير موقفهم من أنفسهم ومن قضيتهم؟ أين الحياد في موقف الحياد عندما يؤدي إلى تغيير الموقف السياسي والأخلاقي لمئات الآلاف من الأطفال الأبرياء بحيث يتم إعدادهم بوصفهم كائنات سلبية لا علاقة لها بما يحدث من صراع سياسي يحدد واقعهم ومستقبلهم؟ ترى هل يمكن للوكالة أن تنصح إسرائيل بانتهاج خيار الحياد الأخلاقي في قضية الصراع الدائر بينها وبين العرب؟ الجواب بالطبع أوضح من أن يحتاج إلى إعمال الفكر والروية.
وتطرق المستطلعون إلى الموقف العملي الواجب اتخاذه تجاه التدريب، فجاءت مقاربتهم منسجمة مع توافقهم المشار إليه أعلاه، فقد أجمعوا على ضرورة مجابهة التدريب بالوسائل الاحتجاجية السلمية كلها، وعبروا عن قناعتهم بأن على العاملين في الوكالة الامتناع عن التوقيع على الوثيقة لما تمثله من اتجاه خطير على القضية الوطنية، ولما تنتهكه من حريات العاملين وحقوقهم الإنسانية المختلفة، وقد اقترح هؤلاء البدء الفوري في إشعال شرارة الحراك الشعبي والرسمي على السواء، من أجل حماية حقوق الموظفين والقضية الوطنية على السواء.