الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل تعقد مؤتمرها السنوي في بيت لحم

نشر بتاريخ: 11/06/2013 ( آخر تحديث: 11/06/2013 الساعة: 12:19 )
رام الله - معا - نظّمت اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) يوم السبت، مؤتمرها السّنوي "المُؤتمر الوطني الرابع لمقاطعة إسرائيل" في جامعة بيت لحم بمشاركة 700 من ممثلي أطر اللجنة الوطنية من أحزاب ونقابات واتحادات ومؤسسات أهلية ومجموعات طلابية وشبابية ونسوية وكذلك من أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وما كان المؤتمر سينجح لولا جهود المتطوعين والمتطوعات الشباب الذين قادوا بروح الفريق وبتفانٍ ومهارة عملية تنظيمه في معظمها.

شكّل المؤتمر السنوي ‎فعاليّة سياسيّة فريدة وهامّة في المجتمع الفلسطيني، ومنصّة فريدة لتبادل الأفكار بين نخبة من صنّاع القرار والمفكرين والباحثين وممثّلي القطاع الخاص والمجتمع الأهلي والشباب، مع نظرائهم من المُؤيّدين لحركة المقاطعة من مختلف أنحاء العالم، لطرح القضايا الملحّة، ومن ضمنها التحديات والنجاحات، فيما يخصّ مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، وكان من أهم محاور المؤتمر محور مناهضة التطبيع الاقتصادي والأكاديمي والثقافي والشبابي والتقني مع دولة الاحتلال.

سعى المؤتمر لتوسيع دائرة التبني الفعلي والمبادر من قبل مجتمعنا الفلسطيني لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها كاستراتيجية مقاومة مدنيّة وشعبيّة فعّالة، تمتدّ جُذورها في عمق التجربة النضالية الفلسطينية.

وهدف المؤتمر، تحديدًا، إلى المساهمة العمليّة في نشر وتعزيز ثقافة المقاطعة ومناهضة التّطبيع، حسب التّعريف المقرّ من المجتمع المدني الفلسطيني، وبالذّات لجهة فكّ الارتباط مع دولة الاحتلال في كافة المجالات، ومطالبة المؤسسات والهيئات العالمية بوقف تواطُؤها في إدامة الاحتلال والأبارتهايد الإسرائيلي ضدّ شعبنا، مع ترسيخ دور اللجنة الوطنية للمقاطعة كالمرجعية الفلسطينية لحركة المقاطعة (BDS) في العالم.

تمايزت المواضيع المطروحة في المؤتمر من تمثيل مختلف الآراء ومستويات المعالجة حول تبنّي المقاطعة كنهج مقاومة الاحتلال، وأطلقت وبفضل تنوّع المُؤتمر، مدىً من الأفكار المهمّة والجريئة. كما خلق فرصة فريدة واستراتيجيّة، أمام المشاركين من شركاء ومتحدثين، للتبادل الهادف للأفكار والخبرات والتجارب العربيّة والعالميّة والمحلّيّة.

بعد السّلام الوطني، افتتحت المؤتمر السيدة هيثم عرار، ممثلة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في اللجنة الوطنية للمقاطعة، وقدمت المتحدثين في الجلسة الافتتاحية بعنوان "مقاطعة إسرائيل: مقاومة شعبيّة متجذّرة وعصريّة كونيّة."

بدأت الجلسة بكلمة ترحيبية من رئيس جامعة بيت لحم، الأخ بيتر براي، أشاد فيها بأهمية حركة المقاطعة BDS كإطار نضالي يسهم في رفع الوعي وفي تمكين الجماهير للمشاركة الفاعلة.

بعدها قرأت فدوى البرغوثي برقية تضامن ودعم من المناضل مروان البرغوثي القيادي في حركة فتح وعضو المجلس التشريعي الفلسطيني، ثم قدمت السيدة عبلة سعدات برقية تضامن ودعم من المناضل أحمد سعدات، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وأكدت البرقيتان على تقدير وتبني رموز النضال الوطني الفلسطيني للمقاطعة وسحب الاستثمارات كاستراتيجية كفاحية رئيسية.

بعدها قدم د.مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، كلمة أحد أهم أعمدة اللجنة الوطنية للمقاطعة—القوى الوطنية والإسلامية في فلسطين، أكد فيها على القناعة الراسخة لدى الأحزاب السياسية بعدم جدوى المفاوضات في ظل ميزان القوى المائل تماماً لصالح دولة الاحتلال وفي ظل الهيمنة الأمريكية، وحيّا جهود اللجنة الوطنية للمقاطعة عالمياً ومحلياً، داعياً إلى تصعيد المقاطعة ضد إسرائيل من أجل نيل حقوق شعبنا وعلى رأسها الاستقلال والعودة وتقرير المصير.

أطل بعد ذلك في رسالة تضامن مسجلة المطران الجنوب أفريقي دزموند توتو، وهو ممن قادوا النضال ضد نظام التمييز العنصري (الأبارتهايد) في الماضي ومن أهم داعمي حركة مقاطعة إسرائيل BDS حالياً، قال فيها أنه على يقين من أن الشعب الفلسطين سينال حريته يوماً ما وسيمشي الفلسطينيون رافعين رؤوسهم بكرامة في فلسطين حرة. وبعده مباشرة عرضت كلمة تضامن أخرى مسجلة من أحد أبرز نجوم الموسيقى في العالم، الفنان روجر ووترز، مؤسس فرقة "بِنك فلويد"، والذي حيّا فيها المؤتمر الوطني الرابع للمقاطعة وأعاد التأكيد على دعمه الراسخ لحركة مقاطعة إسرائيل حتى يستعيد شعبنا حقوقه.

وفي ختام الجلسة الافتتاحية، قدم عبر الإنترنت د.حيدر عيد من قطاع غزة المحاصر كلمة اللجنة الوطنية شرح فيها منطلقات حركة المقاطعة، فلسفتها، استراتجياتها، وبعض أبرز نجاحاتها، مستعرضاً تشعب الحركة في شتى المجالات وتأثيرها المتنامي باطراد على دولة الاحتلال التي باتت تنظر إليها كـ"خطر استراتيجي".

كان عنوان الجلسة الأولى مبادرات في نشر المقاطعة محلياً وعربياً ودولياً، وترأستها رفعة أبو الريش ممثلة للائتلاف العالمي لحق العودة الفلسطيني.

وتكونت الجلسة من تقارير عن تجارب ملموسة محلية وعربية ودولية في المقاطعة، وأهم الدروس المستقاة منها. فتحدث فيها المطران عطا الله حنا عن تجربة مجموعة "وقفة حق-كايروس فلسطين" في نشر المقاطعة بين الكنائس العالمية، وتلاه د.سماح إدريس، رئيس تحرير مجلة الآداب في بيروت، عن التجربة اللبنانية الرائدة في مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل.

وقدم د.تيسير مرعي بعدها أهم ملامح تجربة المقاطعة في الجولان السوري المحتل، رغم الحصار والصعوبات. بعدها تحدث من غزة عبر الإنترنت د. محسن أبو رمضان، ممثل شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في اللجنة الوطنية للمقاطعة، عن تجارب المقاطعة في غزة وأهم نجاحاتها. وقدمت الناشطة يافا جرّار تقريراً عن "اسبوع مناهضة الأبارتهايد" الإسرائيلي كأهم نشاط جامعي سنوي لحركة المقاطعة BDS.

وتحدثت الناشطة المحامية نسرين الحاج أحمد عن حملة مقاطعة شركة G4S الأمنية في الوطن العربي واستراتيجيتها. وطرحت د. سامية البطمة بعض أهم نجاحات الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، وتلاها النقابي عماد اطميزي الذي شرح حملة مقاطعة البريد الإسرائيلي التي تخوضها نقابة العاملين في قطاع البريد.

وتحدث الناشط مازن العزة، القيادي في المبادرة الوطنية في محافظة بيت لحم، عن أهم مميزات ونجاحات حملة "بادر" لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، ثم تحدث الناشط الشبابي من محافظة سلفيت، ضياء اشتية، عن العمل على إخلاء سلفيت من البضائع الإسرائيلية.

وتحدث خبير القانون الدولي من مركز بديل عن التهجير القسري للفلسطينيين وأهمية حركة المقاطعة في مواجهته.

وفي ختام الجلسة، قدم رجا زعاترة، سكرتير فرع حيفا في الحزب الشيوعي في أراضي 48 وممثل لجنة BDS48 ملامح تجربة المقاطعة في الداخل وأفقها.

أما الجلسة الثانية بعنوان "التطبيع بأشكاله والتصدي له" فترأسها السيد راسم عبيدات من هيئة العمل والطني والأهلي في القدس المحتلة. تناولت مديرة مركز دراسات المرأة في جامعة بيرزيت والناشطة في حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل د. إصلاح جاد وثيقة تعريف التطبيع التي تبناها المؤتمر الوطني الأول لمقاطعة إسرائيل في 2007 وأهم مبادئها، ثم قدمت رانيا الياس، مديرة مركز يبوس في القدس نبذة عن المقاطعة الثقافية وبعض أهم مشاريع التطبيع الثقافي التي أحبطتها حملة المقاطعة، بالذات في القدس.

ثم قدم الخبير الاقتصادي د. يوسف عبد الحق مداخلة عن التطبيع الاقتصادي الذي اعتبره أخطر أشكال التطبيع. وقدم د. عبد الرحيم الشيخ ورقة ملفتة عن التطبيع الأكاديمي وأهم الجهود لمواجهته. وفي الختام قدم مسؤول التواصل والتشبيك في اللجنة الوطنية، الناشط الشبابي زيد الشعيبي، ورقة عن التطبيع الشبابي وخطورته في احتلال العقول وفي تقويض نضالنا من أجل حقوقنا.

مع نهاية الجلسة، أنزلت شاشة العرض ليفاجأ الجمهور بصورة الفنان المرموق مارسيل خليفة، الذي خاطب المؤتمر في كلمة مسجلة من بيروت، أكد فيها على أهمية قول لا والوقوف في وجه الطغيان ودور المقاطعة، بالذات الثقافية، في النضال الفلسطيني والعربي من أجل حرية فلسطين. وكان التصفيق لفنان الناس المميز أعلى منه في معظم الفقرات الأخرى.

الجلسة الثالثة كانت الأكثر صخباً. ترأسها الزميل نصفت الخفش، ممثل الهيئة الوطنية للمنظمات الأهلية في سكرتاريا اللجنة الوطنية للمقاطعة، الذي قدم د. تيسير خالد، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية و د. جواد ناجي وزير الاقتصاد الوطني والزميل عمر البرغوثي ممثلاً للجنة الوطنية للمقاطعة.

كانت جلسة مساءلة من الجمهور للمسؤولين في المنظمة والسلطة وأيضاً للجنة الوطنية حول دور كل منهم في المقاطعة ونشرها والتصدي للاحتلال، تخللها عدد كبير من الأسئلة المتنوعة، وأحياناً الصعبة بل والغاضبة، التي عكست استياء جزء مهم من شعبنا من بعض التوجهات السياسية للسلطة والمنظمة وتمسكه بضرورة تصعيد أشكال المقاومة المختلفة.

ورغم مشادة كلامية وإساءة تلاهما صخب في القاعة ومغادرة الوزير، إلا أن التجربة بحد ذاتها أثبتت أهمية حرية الرأي ومساءلة المسؤولين في كل ما يتعلق بهموم المواطنين وبالذات حقوقهم الوطنية وطرق الدفاع عنها. ورفض ممثلو اللجنة الوطنية أي إساءة للجمهور وأكدوا على أهمية سعة الصدر في تحمل الاختلاف وآراء الآخرين، بغض النظر عن موقف اللجنة من بعض الأسئلة التي تضمنت إساءة كذلك ولم تطرح بشكل بنّاء. وبغض النظر، فاللجنة الوطنية ترفض وتدين أي اعتداء على أي كان بسبب موقفه أو رأيه وتؤكد على أهمية صيانة الحريات، وبالذات حرية الرأي، وسيادة القانون واحترام الاختلاف.

بعد الجسة الثالثة، عرض الكاتب الشاب الفلسطيني الدرزي، علاء مهنا، من الجليل تجربته في رفض الخدمة العسكرية الإجبارية في جيش الاحتلال، مؤكداً على سعيه ورفاقه من رافض الخدمة لتعزيز فكرة ارفض الخدمة كشكل من أشكال مقاطعة إسرائيل وتأكيد وحدة الشعب الفلسطيني في كل مكان.

في آخر المؤتمر، توزع المشاركون/ات على ورشات العمل القطاعية التي أتت هذا العام مختلفة عن النمط التقليدي للورشات، حيث توجّت ورشات تحضيرية عقدت في القطاعات المختلفة لتخرج بخطط للمقاطعة الفعالة في كل قطاع وتختار لجان متابعة للإشراف على تفعيل هذه الخطط. يذكر أن الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية كان الأنشط بين أطر اللجنة الوطنية في التحضير للمؤتمر، حيث عقد 7 ورشات تحضيرية في المحافظات المختلفة.

إن عدد المشاركين/ات في المؤتمر وتمثيلهم لأهم قطاعات شعبنا عكسا بداية انتشار المقاطعة محلياً بشكل صحّي. فالحضور جاء من أطراف فلسطين التاريخية والشّتات، ومن معظم الأطر الشّعبية والاجتماعية والمهنيّة والأهليّة الفاعلة في المجتمع. ربما من أهم عناصر نجاح المؤتمر أن قطاع الشباب شكّل غالبية الحضور الساحقة، كما كان حضور المرأة مميزاً.

يجدر الذّكر أن اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل هي أكبر تحالف لقوى واتحادات ومنظمات وشبكات المجتمع المدنيالفلسطيني وتعتبر المرجعية لحركة مقاطعة اسرائيل عالمياً المعروفة بـ BDS. أنشئت حركة المقاطعة على أساس نداء المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات الذي أطلقه الشعب الفلسطيني بالغالبية الساحقة من قواه ومؤسساته الشعبية والمدنية عام 2005، والذي ناشد فيه منظمات المجتمع المدني في العالم وكل أصحاب الضمائر الحية لفرض مقاطعة واسعة لإسرائيل في كافة المجالات لإجبارها على الالتزام بالقانون الدولي من خلال إنهاء احتلالها ونظامها العنصري واعترافها بحقوق اللاجئين ألفلسطينيين وأهمها حقهم في العودة إلى ديارهم وأراضيهم التي شردوا منها خلال نكبة 1948.