الجمعة: 04/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل سحبت فلسطين تسجيل بتير كموقع على لائحة التراث العالمي؟

نشر بتاريخ: 16/06/2013 ( آخر تحديث: 16/06/2013 الساعة: 16:38 )
بيت لحم- تقرير معا - بعد مرور عام على تصويت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونيسكو لصالح قبول كنيسة المهد في مدينة بيت لحم على قائمة المواقع التراثية العالمية المعرضة للخطر، يبدو أن دولة فلسطين قد سحبت ملفا مشابها يتعلق بترشيح قرية بتير الأثرية إلى الجنوب الغربي من مدينة القدس للانضمام إلى القائمة ذاتها.

سكان القرية التي تحتوي على شبكة ري من العصر الروماني لا تزال تستخدم منذ قرون، كانوا يتوقعون من وفد فلسطين إلى اليونيسكو أن يتقدم بطلب لضم القرية الزراعية إلى قائمة اليونيسكو خلال الاجتماع السنوي للمنظمة الذي سيدأ أعماله في كمبوديا الأحد.

يقول مختصون من قرية بيتير ومن محافظة بيت لحم ممن شاركوا في إعداد الطلب في حديث لوكالة معا إن الوفد الفلسطيني في باريس استلم ملف بتير جاهزا في كانون الثاني. وكان من المتوقع أن يقدموا الطلب قبل الموعد النهائي لقبول الطلبات في شهر شباط، غير أنهم لم يقدموا الطلب لسبب ما. وهذا السبب، كما يقول مسؤول مطلع في منظمة التحرير هو أنه في بداية عام 2013 جرى اتفاق غير رسمي بين مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين على تجميد الترشيح.

وفي المقابل أبدت الحكومة الإسرائيلية موافقة على السماح لليونيسكو بإرسال لجنة تقصي حقائق إلى مدينة القدس، على حد قول المسئول في منظمة التحرير الذي آثر عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول للحديث عن الموضوع نظرا لحساسيته.
|223775|
"كانت الأوراق الخاصة بطلب بتير جاهزة تماما... لكن تم تجميد الطلب مقابل السماح بإرسال لجنة إلى القدس،" يقول المسؤول الفلسطيني.

ويضيف أن إسرائيل في نهاية المطاف نكثت بوعدها بعد مرور بضعة أسابيع على الموعد النهائي لتقديم الطلب الخاص بترشيح بتير لقائمة المواقع التراثية العالمية.

ويستطرد قائلا: "ما قمنا به كان سيئا، بل كان خطئا فادحا. ..لم تكن إسرائيل لتسمح أبدا بدخول محققين من الأمم المتحدة إلى ما يعتبرونها "عاصمتهم الأبدية غير القابلة للتقسيم". علما أن إسرائيل كانت ضمت مدينة القدس عام 1967ومنذ ذلك الوقت لم تحظ فعلة إسرائيل بأي اعتراف على صعيد المجتمع الدولي.

أما المسؤولون الإسرائيليون فيدعون أن أحدا لم يبلغهم بأي تغيير على الخطة، بل ينكرون وجود أي اتفاقية تتعلق بتأخير أو إلغاء التصويت في اليونيسكو على ملف فلسطيني مقابل السماح بدخول لجنة تقصي حقائق إلى القدس. يقول الناطق بلسان وزارة الحارجية الإسرائيلية يجئال بالمور: "هذا الكلام مفاجئ، ولا يتبادر إلى ذهني أي فكرة حول سبب قيامهم بذلك. لقد بدوا متحمسين للدف بالملف قدما."

وأضاف بالمور في حديث لوكالة معا عصر أمس السبت أن الاتفاق غير الرسمي بين الفلسطينيين والإسرائيليين كان يدور حول السماح بإرسال اليونيسكو لجنة تقصي حقائق مقابل تجميد خمسة ملفات فلسطينية، لكن طلب ترشيح بتير لقائمة التراث العالمي لليونيسكو لم يكن من بينها. وأردف قائلا: "على حد علمي كان الأمر يتعلق تحديدا بتجميد عدد من القرارات فقط."

وكانت إسرائيل قد أعلنت في شهر نيسان عن موافقتها على قدوم لجنة مراقبة من اليونيسكو إلى القدس، وهي الزيارة الأولى من نوعها منذ عام 2004. كان ذلك بناءً على طلب من الأردن بصفتها القائم على إدارة الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة منذ عهود. غير أن إسرائيل عادت في شهر أيار وتراجعت عن موقفها معلنة عدم التعاون مع وفد اليونيسكو لأن الطرف الفلسطيني "أعطى الزيارة طابعا سياسيا".

فوتنا فرصة رائعة

كان وقع القرار بتأجيل الترشيح كبيرا أغضب الخبراء والمسؤولين الذين اختاروا ترشيح قرية بتير انطلاقا من مخاوف محدقة بالمواقع الثقافية نتيجة جدار الفصل الإسرائيلي.

بدوره يخوض المجلس المحلي لقرية بتير معركة قانونية في المحاكم مع الجيش الإسرائيلي في محاولة لتغيير مسار جدار الضم والتوسع، وكان المجلس يعقد آمالا كبيرة من خلال لفت الأنظار للخطر المحدق بالقرية على صعيد عالمي من خلال ضمها لقائمة التراث العالمي التابعة لليونيسكو.

يقول رئيس المجلس المحلي للقرية أكرم بدر "إن فلسطين تفوت فرصة رائعة بعدم تقديم الملف، ونحن نجابه الجدار عبر المحاكم."

ويضيف بدر أن القيادة الفلسطينية فوتت على القرية فرصة بالحصول على حماية من الانتهاكات الإسرائيلية، وحرمتها من فرصة في تعزيز مكانتها الاقتصادية، والثقافية والتاريخية.

يذكر أن لجنة التراث العالمي التابعة لليونيسكو ، والمكونة من 21 عضوا، تلتئم مرة في كل عام للتداول في كيفية إدارة المواقع التراثية الموجودة على القائمة، وتناقش كذلك الطلبات المقدمة لاعتماد مواقع جديدة على القائمة. وكانت اللجنة في عام 2012 قد صوتت بفارق بسيط لصالح أول طلب فلسطيني للانضمام إلى قائمة التراث العالمي ألا وهو كنيسة المهد، وسط معارضة إسرائيل والولايات المتحدة للقرار. وكان مسئولون فلسطينيون قالوا إن طلبا آخر يتعلق بقرية بتير سيقدم عام 2013.

تقع القرية في منحدرات بين تلال خضراء ولا يزال المزارعون في القرية يستخدمون قنوات ري من العهد الروماني لا يقل عمرها عن 2000 عام.

أما أراضي القرية فتقع فموزعة على الفئات الثلاث ضمن اتفاقية أوسلو وهي "أ" و "ب" و "ج". وإذا ما مضت إسرائيل قدما بمخططاتها فإن جدار الضم والتوسع سيعزل قرابة 30% من أراضي القرية المصنفة "ب" و "ج" عن باقي القرية، علما أن هذه الأراضي تشكل شريان الزراعة في القرية.

بدوره وصف خبير البرامج الثقافية في اليسونيسكو جوفاني فونتانا أنتونيلي قرار السلطة الفلسطينية بسحب ترشيح بتير بأنه قرار "لا يمكن تفسيره" مؤكدا أنه قد "يشكل خطورة على الموقع للأبد."

وأضاف أنتوليني الذي ساعد في إعداد الملف في كانون الأول وكانون الثاني أن اعتراف اليونيسكو بالقرية كموقع عالمي عرضة للخطر كان سيصعب مهمة إسرائيل في الاستيلاء على الأرض لصالح الجدار.

كما أشار إلى أن القرية كانت ستصبح مكانا طبيعيا يستهوي السياح. "كان باستطاعة الأهالي في بتير أن يقيموا مشاريع صغيرة بدل أن يفكروا في الهجرة،" على حد قوله.

بدورها أشارت ندى الأطرش مسئولة وحدة البحث والتطوير في مركز حفظ التراث الفلسطيني في بيت لحم إلى أن قبول الطلب كان ليصب في مصلحة فلسطين، "غير أنه في الوقت ذاته سيزيد من المسئوليات الملقاة على عاتقها."

غير أن الأطرش والتي شاركت في إعداد الملف على قناعة أن قبول القرية على قائمة التراث العالمي لم يكن ليحول دون الاعتداءات الإسرائيلية "لأن كل ما تستطيع اليونيسكو القيام به هو إصدار البيانات والاستنكارات" على حد تعبيرها.

لم تفلح محاولات معا مساء السبت في الاتصال بنبيل أبو ردينة الناطق بلسان الرئاسة الفلسطينية، وكذلك وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي.

كما أن وفد فلسطين لدى اليونيسكو أحجم عن الرد على طلبات عديدة وجهتها "معا" سواءً عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني. كما رفض مساعدو ممثل فلسطين الدائم لدى اليونيسكو إلياس صنبر ترتيب مقابلة معه.